“أمامنا فرصة نادرة”، هكذا وعد إعلان في الشبكة قبل بضعة أيام. “مع عودة جنودنا بفخار إلى مواقعنا في الجنوب، سنعمد إلى إضافة ألف علم إسرائيل على مواقع في قطاع غزة. كل علم يكلف 18 شيكلاً. للتبرع اضغطوا هنا”. تقف من خلف الإعلان حركة “ريبونوت” (سيادة) التي لم أسمع عن وجودها حتى هذا الأسبوع. قيادة الحركة هما ناديا مطر ويهوديت كتسوفار، شخصيتان ملونتان من مظاهرات المستوطنين قبل 30 سنة. وتدعو الحركة إلى “عودتنا الكاملة، السيادية والأخلاقية، إلى غزة”. اقترح ألا يسارع أحد إلى الهزء منهما. ذات يوم، سنكتشف أنهما تتحدثان من حلق رئيس الوزراء.
70 يوماً والحرب تتواصل في غزة. وهي أطول وأصعب وأعند مما تصور أي من الحكومة أو الجيش. تجلب معها وفرة من مظاهر البطولة، والتجند الوطني إلى جانب سياسة تهكمية وعبث. يدرك الجيش بأن الزمن ينفد. الأمريكيون يضغطون للإنهاء، لكنهم ليسوا الضاغطين الوحيدين، فالأحاديث عن تصفية حماس استبدلت بها أحاديث أكثر واقعية، عن سحق أساس قوتها المقاتلة، بما في ذلك معظم سلسلة القيادة، وتفكيك جزء من البنى التحتية للإرهاب. ربما هي توقعات محافل في الجيش منذ البداية، لكنها غرقت في خطاب التصفية لدى المستوى السياسي والمناجيات الحماسية للجنرالات داخل الأستوديوهات.
النصر، قال لي هذا الأسبوع ضابط كبير، سيكون في عودة السكان إلى بيوتهم في الغلاف. لشدة الأسف، حتى هذا بات بعيداً. سأحاول ترتيب الوصف لبضعة أحداث في الجبهة هذا الأسبوع. فالمعركة على البيت في قصبة الشجاعية، في شمال القطاع، كانت بطولية. تسع ضباط ومقاتلين قتلوا فيها وأصيب سبعة، معظمهم من لواء “جولاني”. أحد كبار الضباط الذين كانوا هناك روى لي ما رآه: بيت شبه مدمر، تمترست فيه خلية لحماس، فوق الطابق الأرضي. عندما اقتحمت القوة وجدت نفسها في منطقة إبادة.
إن التخوف الذي أثار قادة “جولاني” كان من اختطاف مقاتلين. لديهم صدمة من الاختطاف، قال الضابط. قائد كتيبة 13 تومر غرينبرغ وقائد كتيبة السييرت اقتحما؛ الأول في المدى والثاني خلفه. العقيد إسحق بن بست، الذي انضم إلى غرفة عمليات “جولاني”، قتل بصاروخ آر.بي.جي. وعندما سكتت النار، كانت القوة حبيسة في بيت مخلى. وعندها، يتبين أن قائدي الكتيبتين قتلا. وروى الضابط: “فور المعركة، استعدت سرية من جولاني لمواصلة القتال. كل الاحترام لهم”.
لماذا لم تدخلوا دبابات، سألت. لأن الأزقة ضيقة، قال. لا تستطيع الدبابة الدخول. وفي حكمة متأخرة، قال، كان يمكن عمل هذا بشكل مختلف. لكن لا توجد حكمة متأخرة في المعركة.
في الطريق إلى بيبيستان
الجيش الإسرائيلي لم يحتل خان يونس. سيطر على بني سهيلة المجاورة وعلى الأحياء الشرقية من المدينة. أما مركز المدينة فبقي كما كان.
نأمل إنهاء المعركة ضد حماس في شمال القطاع في غضون بضعة أيام، وتتفكك الكتائب المنظمة. هذا لا يعني أنه يمكن أخذ الأولاد إلى نزهة هناك؛ ولا إلى خانيونس أيضاً، ولا يعني أن المخطوفين سيتحررون، فالنظرية القائلة إن حدة موقف حماس في المفاوضات ستخف كلما ازداد الضغط عليها، غائبة حالياً. فحماس قد تسمح لنفسها بالعناد، بينما وضع المخطوفين يزداد سوءاً.
إن دولة تسعى لهزيمة دولة مجاورة، يجب أن تخطط مسبقاً ما سيحصل في اليوم التالي، من سيحكم، من سيقدم الخدمات. نتنياهو منع نقاشاً في الكابينت على مدى أسابيع طويلة. أما الآن فيتحدث عن الموضوع كل يوم.
على افتراض أن حماس لن تحكم في غزة، فالخطر الأول هو أن تحكم القطاع الفوضى، شيئاً ما يذكر بالصومال. مليون نسمة سيعيشون في الشوارع، سيسرقون وينهبون كل ما يلوح لهم، سيطلقون النار في كل صوب، سيقتحمون الحدود إلى إسرائيل ومصر.
وحدها مرجعية سلطوية يمكنها أن تمنع الفوضى. الإدارة الأمريكية تعمل بكد، وبدون نجاح، على إقامة تجمع دولي مؤقت. كل الشركاء المحتملين يتمنون اللحظة التي يحكم فيها فلسطينيون غزة. فهم الوحيدون المستعدون لتقديم العطاء. كل فلسطيني يتبرع للمهمة سيكون مرتبطاً إما بالسلطة أو بحماس أو بكليهما. لا فراغ.
الخطر الثاني هو أن تولد الحرب حكومة مشتركة، للسلطة وحماس، مثل الحكومة التي قامت وسقطت في 2014. الغرب سيحب الفكرة: مصالحة وطنية، حكومة وحدة، عناقات، قبلات. وعملياً، سيتم نسخ النموذج اللبناني: منظمة إرهابية ستحكم غزة والضفة على حد سواء.
“لن تقوم حماستان في غزة”، يقول نتنياهو. “ولا فتحستان أيضاً”. وقد أجرى هذا الأسبوع عرضاً أمام الجمهور، سار حاملاً الميكروفون، مثل الفكاهي، سأل أسئلة وأجاب بنفسه. لم يقل ما سيكون فعلاً.
هذا هو الخطر الثالث: لا الفوضى، ولا حماستان، ولا فتحستان بل بيبيستان: خليط من كل هذا مع جنود الجيش في الوسط، حاضرين غائبين. العودة إلى غزة: ليس طواعية، بل اضطرار.
إدارة بايدن ملت. الصور التي تبث من غزة تلحق بها ضرراً انتخابياً في الانتخابات؛ والمواجهة العملية مع نتنياهو تضعفها في المنطقة. لزيارة كبار رجالات الإدارة إلى هنا معنى واحد: إنذار. أجرى البيت الأبيض في نهاية الأسبوع نقاشاً ثاقباً عن استمرار القطار الجوي الذي ينقل السلاح إلى إسرائيل. لا توجد وجبات بالمجان، تقول إدارة بايدن لنتنياهو.
الجدال الحقيقي مع بايدن ليس على مدة الحرب، فالسعودية في مركزه: هي تشترط تقربها من أمريكا، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل، واستئناف حل الدولتين، والإمارات تسير في أعقابها. بالنسبة لبايدن هذه استراتيجية؛ بالنسبة لنتنياهو هي سياسة؛ ولهذا يطالبه بايدن بتغيير تركيبة حكومته. أحداث السبت الأسود قربت دول النفط بايدن من رؤية دولة فلسطينية. الأحداث إياها أبعدت عن الرؤية إياها معظم الإسرائيليين.
المصدر: يديعوت أحرونوت /القدس العربي
قراءة لكاتب صهيوني يفتخر بعودة مقاتلي الاحتلال لمواقعهم بغزة ونشرهم الأعلام الصهيونية على طول الشاطئ للأسف ، ويعتبر بأن تقارب المملكة العربية السعودية والتطبيع مع الكيان الصهيوني كان قاب قوسين أو أدنى وإن الحرب جعلت شروط المملكة والامارات بحل الدولتين رائجة للحل ولكن وفق التعريف الأمريكي ليكون على نتنياهو القبول بها ، أين حق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني ؟.