إسرائيل تستأنف القتال في غزة وسط خلافات مع واشنطن وجهود لإعادة الهدنة

أمال شحادة

مشادات كلامية بين بلينكن و”الكابينت” الحربي وأبو مازن يعرض خطة لـ”اليوم التالي”. لم يفاجئ استئناف الجيش الإسرائيلي القتال في غزة صبيحة الجمعة المطلعين على سير الاجتماعات الماراثونية التي عقدها “الكابينت” الحربي الإسرائيلي مع انتهاء فترة الهدنة التي تم التوصل إليها مع حركة “حماس” عبر الوسطاء في قطر. فمنذ مساء أمس الخميس صعد الإسرائيليون تهديداتهم تجاه “حماس”، وهددوا بشكل لا يقبل التأويل بإنهاء الهدنة، فيما أرسل الجيش قواتاً معززة على الحدود مع غزة وداخلها. وزاد التأكد من ذلك بعدما أعلن مسؤولون أن “(حماس) لا تلتزم شروط الصفقة في ما يتعلق بالنساء بذريعة عدم وجود جميع النساء لديها، كما أن القائمة التي تعدها (حماس) من حيث العدد لا تتناسب مع الاتفاق، وهذا سيدفعنا إلى استئناف القتال بشكل فوري”، كما هدد وزير الدفاع يوآف غالانت، لكن إسرائيل انتظرت حتى الدقيقة الأخيرة من موعد انتهاء الهدنة صباح اليوم الجمعة، إذ كان سلاح جوها مستعداً وقواتها اقتحمت غزة لتطلق النيران معلنة عن المرحلة الثانية للعملية البرية، وادعت أن عدم إرسال القائمة سبب مركزي إلى جانب سقوط صاروخ أطلق من غزة ليطرح السؤال عما إذا كان حقاً هذا هو السبب الحقيقي أم أنه في أعقاب الخلافات التي نشبت خلال لقاءات “الكابينت” الحربي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حول طبيعة القتال في غزة وجدول زمنها إلى جانب “اليوم التالي”.

وأعلن زير الدفاع غالانت أن الجيش لن يتراجع إلا إذا توصل الأطراف إلى صفقة وفق شروط إسرائيل، وفي الوقت نفسه لن تعلن إسرائيل في أية مرحلة كانت عن انتهاء الحرب إلا بعد خروج آخر عنصر من “حماس” من قطاع غزة بعد القضاء على قادتها وقدراتها العسكرية.

وأكد أكثر من مسؤول إسرائيلي أن العملية تتطلب وقتاً، وهذا ما قاله أعضاء “الكابينت” أمام بلينكن، مما أسهم في إثارة التوتر، وهو مما يضع إسرائيل أمام إشكالية جديدة تجاه الأميركيين.

الجلسة الملغومة

في اللقاء الذي عقده بلينكن مع “الكابينت” الحربي قبل توجهه إلى رام الله للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس طالب متخذي القرار في إسرائيل ببذل كل جهد لاستمرار الهدنة، وفي حال استئناف الحرب يجب الاتفاق حول هدنة ضمن شروط معينة.

وسرب مطلعون على سير الاجتماع أن الحوار الذي دار بين الطرفين أجري في أجواء مشحونة بدأت عندما سأل بلينكن أعضاء “الكابينت” الحربي حول طبيعة الخطة العسكرية للمرحلة الثانية من العملية البرية:

بلينكن: “لا يمكنكم تنفيذ عمليات في جنوب غزة كتلك التي نفذت في شمال القطاع. هناك مليونا فلسطيني، عليكم إخلاء البيوت وتوجيه ضربات دقيقة وضمان عدم وقوع إصابات بين المدنيين أو الهجوم على أماكن تابعة للأمم المتحدة وضمان أماكن آمنة وكافية للسكان، وإذا لم تضمنوا ذلك عليكم عدم توجيه ضربات حيث يوجد المدنيون”.

رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي رد على بلينكن بالقول: “ننطلق في عملياتنا بالاستناد إلى مبادئ عدة بينها وضع الأمور في حجمها الطبيعي والتزام شروط القانون الدولي. وكانت هناك حالات قررنا عدم الهجوم لأننا انتظرنا فرصة أفضل”.

وزير الدفاع غالانت قال إن “المجتمع الإسرائيلي كله موحد حول هدف تفكيك (حماس)، حتى وإن تطلب الأمر استمرار العملية لأشهر عدة”.

ورد بلينكن: “لا يوجد لديكم كل هذا الوقت، أمامكم أسابيع، وليس أشهر”.

وشهد النقاش الذي دار حول “اليوم التالي” في غزة خلافات أيضاً.

– بلينكن: “أنتم لا تريدون السلطة الفلسطينية في غزة. عليكم إحضار فكرة أفضل. ويجب أن تعلم دول المنطقة ماذا تخططون”.

–    رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: “طالما أجلس على هذا الكرسي، فإن السلطة الفلسطينية الداعمة للإرهاب وتموله لن تسيطر في غزة في اليوم الذي تخرج (حماس)”.

في أعقاب هذا الحوار، ذكر مسؤول إسرائيلي أن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في المرحلة الثانية من عمليتها البرية ستكون مشروطة، والأهم هو ضمان استمرار إرسال المساعدات الإنسانية، وهذا يجعل إسرائيل تسارع الوقت حتى لا تثير أزمة مع واشنطن.

خطة أبو مازن غير واقعية

فور انتهاء هذا الاجتماع توجه بلينكن إلى رام الله والتقى رئيس السلطة الفلسطينية ضمن الجهود الأميركية لبلورة اقتراح لـ”اليوم التالي”. وهناك، عرض عليه أبو مازن خطة، مطالباً أن يكون تنفيذها شرطاً لتسلم السلطة الفلسطينية إدارة غزة. وبحسب المتخصص السياسي الإسرائيلي إيهود يعاري، فإن الخطة غير واقعية حتى بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

وأبرز ما جاء في هذه الخطة وفق ما عرضه يعاري:

–    الاعتراف بإقامة الدولتين.

–    مجلس الأمن الدولي يقبل فلسطين وبشكل فوري عضواً كاملاً فيه.

–    عقد مؤتمر سلام دولي لتنفيذ مبادرة السلام العربية منذ عام 2002.

–    إقامة حكومة فلسطينية جديدة تكون بمسؤوليتها، أيضاً، القدس الشرقية وغزة.

–    معابر الحدود مع الأردن ومصر تكون ضمن مسؤولية السلطة الفلسطينية.

–    إقامة ممر مفتوح بين غزة والضفة الغربية.

–    بناء ميناء ومطار في الضفة وغزة.

–    دمج فلسطينيين من غزة بأجهزة أمن السلطة الفلسطينية، ومن ثم إجراء انتخابات عامة.

هذه الخطة في رأي الإسرائيليين لن ينظر إليها الأميركيون بجدية.

القصف المكثف يخضع “حماس”

عودة الجيش الإسرائيلي لأرض غزة وإطلاق المرحلة الثانية من العملية البرية جاء خلافاً لرغبة غالبية الإسرائيليين حيث بين استطلاع رأي نشرته صحيفة “معاريف” أن 54 في المئة من الإسرائيليين يفضلون استمرار وقف النار وإعادة أكبر عدد من الأسرى لدى “حماس”، بينما دعا 25 في المئة إلى العودة لأرض غزة ولم يعبر 21 في المئة عن رأيهم، لكن هذا الصوت لم يلق أية آذان صاغية لدى متخذي القرار الذين اعتبروا ما نفذ من صفقات لإعادة الأسرى نجاحاً كبيراً، وهناك حاجة أيضاً إلى ضمان القضاء على “حماس”.

واعتبر أكثر من مسؤول إسرائيلي أن استئناف الحرب على غزة سيدفع حركة “حماس” إلى الموافقة على صفقة تبادل أسرى كبيرة من دون أن تدفع إسرائيل ثمناً كبيراً مقابلها، فيما حذر الرئيس السابق لشعبة العمليات يسرائيل زيف من الثمن الباهظ الذي ستدفعه إسرائيل بانتهاء الحرب على غزة، بسبب الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. وقال “وصلت إسرائيل إلى مفترق استراتيجي في المعركة ضد (حماس). فمن جهة، عليها استكمال الهجوم وهزيمة (حماس). ومن الجهة الثانية عليها أن تستوعب أن غزة في (اليوم التالي) للحرب، ستتحول إلى أكبر مشكلة إنسانية في العالم. وإذا لم يكن هناك أحد يتحمل المسؤولية، فإنها ستبقى ملقاة علينا، وسيستمر في دفع ثمن الخطأ الفادح هذا أبناؤنا وأحفادنا”.

واعتبر زيف “وتيرة الحرب بطيئة، ولا تزال بلا إنجازات حاسمة. وما دام يحتجز مخطوفون في القطاع، فإننا في عجز لا يغطي عليه أي إنجاز. وبكلمات أخرى، الكفاح من أجل إعادة المخطوفين يسبق إنجازات الجيش. وإذا فرض العالم على إسرائيل وقف الحرب، ستعد (حماس) منتصرة. وعموماً، الانتصار في الحرب لن يحسب، من دون حل سياسي لـ(اليوم التالي)”.

وفي رأي زيف، “لا توجد جهة مستعدة لتحمل مسؤولية قطاع غزة بعد الحرب، لا مصر، ولا أية قوة دولية، وكل حلول أخرى هي مجرد تضليل، وعلى إسرائيل عدم رفض المقترح الأميركي، فإذا رفضت مقترح إدخال السلطة الفلسطينية لتتحمل المسؤولية الأمنية عن غزة، عندها ستتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن دمار القطاع، وكذلك عن مليوني لاجئ. وهذا اسمه كارثة سياسية”.

وراح زيف إلى أبعد من ذلك، فاعتبر أن “الحل الذي تعرضه الولايات المتحدة بتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية، سيوفر لإسرائيل مخرجاً لغايات الحرب غير الواضحة الآن، وسيوفر الوقت المطلوب لتأييد الولايات المتحدة لإنهاء القتال ويجند إدارة بايدن لحل طويل المدى. واختيار رئيس الحكومة الإسرائيلية أن يرفض اقتراح بايدن، بعد دعمه غير المتحفظ الذي أنقذ إسرائيل، هو عمل يمس باستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي أثناء الحرب”.

 

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما يزال الكيان الصهيوني يمارس عربدته على الجغرافية السورية يقصف مواقع عسكرية وأخرى تابعة لأذرع ملالي طهران ، دون أي رد وحتى الاحتفاظ بحق الرد التي نسيناها ، أين السيادة الوطنية .

  2. انتهت الهدنة بين المقاومة الوطنية الفلسطينية والكيان الصhيوني ضمن اتهامات متبادلة بينهما للمتسبب بتعطيل التمديد ، ولكن فشل التمديد يخالف الأجندة الأمريكية للهدنة ، مع توجه أمريكي باتهام حماS فشل تمديد الهدنة ، نفاق بتحميل حماS ذلك لتبرير إجرام ربيبتهم الاحتلال الصhيوني .

زر الذهاب إلى الأعلى