اجتماعات ولقاءات مكثفة تجريها هيئة التفاوض السورية بحضور ممثلين عن كافة مكوناتها، تلك المكونات التي عطلت خلافاتها السابقة عمل الهيئة لوقت طويل، ورسخت فكرة لدى السوريين والمهتمين بالملف، فكرة تقول إن تشكيلها قد انفرط عقده، وبات إعلان نهايتها قريباً.
الهيئة التي تشكلت في الرياض عام 2015، حملت على عاتقها متابعة العملية السياسية والمفاوضات الجارية فيها، لإخراج الأزمة السورية من نفقها المعتم، و الوصول بالسوريين إلى حل شامل وفق بنود القرارات الأممية، لكن مشاريعها تعطلت أو عُطلت نتيجة التجاذبات وتضارب مصالح الدول المعنية بالملف السوري، أو نتيجة لاختلاف الرؤى والمواقف بين التشكيلات السياسية والمنصات المكونة للهيئة.
قبل وقت قصير مضى، وبعد سنوات من التوقف، دارت سلسلة اجتماعات بين مكونات الهيئة، نتج عنها كما يشاع، طي ملفات الخلافات السابقة أو ربما تأجيلها، وإعادة عربة التشكيل السياسي إلى سكته للمضي قدماً في محاولة أشبه بالمغامرة، وسط التحولات السياسية الجارية على صعيد الملف السوري، والحالتين الإقليمية والدولية.
من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إلى المبعوثة الفرنسية للملف السوري، إلى المبعوث الألماني لذات الملف، إلى مجموعة أخرى من الممثلين عن دول القارة العجوز والخارجية التركية، حمل جدول أعمال الهيئة تلك المواعيد المزدحمة للقاءات، تزامناً مع الأحداث الكبرى الحاصلة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة.
عقدت هيئة التفاوض السورية يوم الجمعة اجتماعاً مع مبعوثي الدول الغربية إلى سوريا في جنيف، ناقشت خلاله الملف السوري وتطورات العملية السياسية، وطالبت المجتمع الدولي بـ “التدخل الحقيقي لوقف مأساة الشعب السوري”.
وترأس رئيس الهيئة بدر جاموس، الاجتماع الذي حضره مبعوثو كل من: الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، هولندا، سويسرا، الاتحاد الأوروبي، تركيا، إيطاليا، الدنمارك، كندا، مصر، قطر، الأمم المتحدة، وذلك ضمن الاجتماع الدوري لهيئة التفاوض بمشاركة جميع مكوناتها.
حذر جاموس من “خطورة جمود العملية السياسية في سوريا، ورفض النظام السوري لأي خطوات جدية في تحقيق تقدم في تطبيق القرار الدولي 2254، بينما يعيش الشعب السوري اليوم مأساة العصر”، مؤكداً أن “عمليات التطبيع مع النظام السوري لم تأتِ بأي فائدة سوى بمزيد من نشر الكبتاغون في دول الجوار”، وفق بيان للهيئة.
ومن المقرر أن تنظم الهيئة، اجتماعها الداخلي بحضور كافة أعضائها، “للتأكيد على القضايا الرئيسية بالحل السياسي، وضرورة قيام الأمم المتحدة بواجبها الرئيسي حيال القضية السورية، وخصوصاً إيجاد آية لتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بالإضافة إلى مناقشة الأمور الداخلية واللجان”، وفق بيان سابق.
محاولة إعادة الملف السوري إلى الطاولة الدولية بعد تهميش لسنوات منذ بداية الحرب الأوكرانية، جاءت متأخرة، أو ربما لن تكون ذات فعالية وسط الاهتمام الأميركي والغربي بدعم إسرائيل في حربها على غزة، لكنها بالمقابل قد تكون وخزاً لذاكرة أصدقاء سوريا القدامى، والذين انشغلوا عن هموم شعبها بأولوياتهم.
دبلوماسيون من دول عربية عدة كقطر ومصر حاضرون على جدول لقاءات الهيئة، بعد أن تراجع الدور العربي لسنوات تجاه القضية السورية والموقف من نظام الأسد، حين خطت بعض تلك الدول تجاه النظام، كان أبرزها حضوره القمة العربية في جدة، واللقاءات المختلفة للأسد مع وزراء خارجية لدول عربية عديدة، خلقت شعوراً لدى السوريين بموت أحلاهم بعد كل تلك التضحيات، وأن تلك الخطوات ما كانت إلا محاولات لإعادة تأهيل الأسد، وتهميش المعارضة لطي الملف.
حرب غزة التي ستفرض تداعياتها على المنطقة وفقاً لنتائجها الميدانية، ستعكس بالضرورة حالة ما على الملف السوري، باعتباره مسألة أصيلة في هذه الجغرافيا، ومحاولة تحريكه مسألة قد تكون ذات جدوى في المستقبل القريب، وفقاً لما سينتج بعد تفاقم الأحداث، فقد يكون هناك حل قريب لكل ما تفجر في المنطقة خلال السنوات السابقة، حل ترتضيه الدول لا مصالح الشعوب، تتحصل مكاسبه بحجم التأثير السياسي وطبيعة المناورة من قبل أصحاب الحقوق.
إذا تحاول هيئة التفاوض اليوم النهوض بنفسها، بعد فشل تشكيلات المعارضة السورية أو ربما إفشالها خلال أكثر من عقد، وتسعى اليوم لنقل مقرها إلى الشمال السوري، لكن سيبقى السؤال مطروقاً عن كيفية طي الخلافات داخل الهيئة وعلى أي مشتركات اتفقت مكوناتها، تلك المكونات التي تختلف الرؤى لديها بالكثير من التفاصيل، خاصة الموقف من إسقاط الأسد، ومن تفسير القرار الأممي 2254.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا
نعم النشاط الملحوظ بالأيام الأخيرة لهيئة التفاوض ، إنها لم تحل الخلافات فيما بينها وخاصة موضوع تمثيل المستقلين وتوزيع الحصص وبالتالي المكاسب ، ولكن تجاوزتها ضمن الظروف الإقليمية والدولية وبضغط عربي إقليمي ، ولكن ماذا تحقق ؟ لقد فاتهم القطار .