يبدو من المفارقة أن موقف “حزب الله” مما يحدث في قطاع غزة يتماشى تماما مع أهداف الإدارة الأمريكية والتي تقوم على أساس عدم تصعيد الصراع الحالي بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة “حماس”، لدرجة أن واشنطن تضغط على تل أبيب لتبقى ردود الأخيرة على “حزب الله” منضبطة في هذا الإطار.
هكذا يرى تحليل نشره موقع “ريسبونسبل ستيت كرافت”، للكاتب علي رزق، المهتم بالشؤون الإيرانية، وترجمه “الخليج الجديد”.
تداعيات حرب بين “حزب الله” وإسرائيل
ويقول الكاتب إن واشنطن هي الأقدر على رؤية التداعيات الضخمة التي يمكن أن يسببها انخراط “حزب الله” في حرب شاملة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي حاليا، مضيفا أن “البنتاجون” يعرف جيدا النفوذ الكبير الذي يتمتع به “حزب الله” مع اللاعبين الإقليميين مثل الحوثيين في اليمن والجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا.
نقطة القوة هذه هي تحديدا ما يحاول “حزب الله” استخدامها لوقف الحرب في غزة، كما يقول الكاتب، حيث حرص الحزب، عبر أمينه العام حسن نصر الله على التأكيد للأمريكيين بأن ضغوطهم على تل أبيب لكبح جماح حربها في غزة سيستتبعها توجيه من الحزب لحلفائه في العراق وسوريا واليمن بكبح جماح هجماتهم ضد التجمعات والأصول الأمريكية بالمنطقة.
وبشكل عام، يبدو أن استراتيجية “حزب الله” تبدو، دون تغيير، واضحة وتتمثل في -إجبار إسرائيل على تحويل قوات عسكرية كبيرة من هجومها على غزة ضد “حماس” دون إثارة حرب شاملة مع الدولة اليهودية، وهذه الاستراتيجية تراها إدارة بايدن مناسبة، حتى الآن، كما يقول الكاتب.
ذروة التوترات
ووصلت التوترات بين “حزب الله” ودولة الاحتلال إلى ذروتها بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارة مدنية في جنوب لبنان، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، ما أدى إلى مقتل امرأة وأحفادها الثلاث، وهو الأمر الذي نددت به “هيومن رايتس ووتش” باعتباره “جريمة حرب واضحة”.
وأدى رد “حزب الله” إلى مقتل إسرائيلي بالقرب من بلدة كريات شمونة الشمالية.
وكانت هذه الحادثة هي المرة الأولى التي يبدو فيها أن الحركة اللبنانية تستهدف “المدنيين الإسرائيليين” عمدا في هذه الجولة الأخيرة من القتال عبر الحدود، على حد قول الكاتب.
وتصاعد الوضع بشكل حاد منذ ذلك الحين، حيث قصف جيش الاحتلال مستشفى في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان، مما أدى إلى إصابة شخص واحد، وفي الوقت نفسه، نفذ “حزب الله” هجوماً صاروخياً على الحدود أدى إلى إصابة أكثر من 20 شخصاً، من بينهم سبعة جنود إسرائيليين على الأقل.
لا إعلان للحرب
وكان من اللافت أنه على الرغم من وصول الطرفين إلى هذه الذروة من التوترات، امتنع “حزب الله” عن إعلان الحرب، رغم إعلانه عن التصعيد على المستوى التكتيكي والإيقاعي.
وتحتل مسألة عدم جر الولايات المتحدة للحرب هدفا مهما لدى “حزب الله” وإيران أيضا.
ووفقا لمصدر مقرب من الحزب، فإن قيادته تشدد على عدم المشاركة في حرب قد تسمح لإسرائيل بتحقيق حلمها طويل الأمد بإجبار الولايات المتحدة على خوض حرب أكبر ضد أعداء إسرائيل الإقليميين.
نصر الله تعلم الدرس
ويرى الكاتب أن حسن نصر الله تعلم الدرس من حرب 2006، والذي يتمثل في وجوب عدم بدئه للصراع مع إسرائيل، ففي أعقاب تلك الحرب كان لنصر الله عبارة شهيرة مفادها أنه ندم على منحه الإذن لقواته لأسر جنديين إسرائيليين، لأنه لم يكن يتصور أن يتدحرج الأمر ويؤدي إلى حرب على لبنان بالكامل.
وينقل الكاتب عن مصادر مقربة من الحركة اللبنانية أن منع حرب إسرائيلية جديدة على لبنان يشكل عاملاً رئيسياً في مقاربتها للصراع الحالي في غزة.
وأوضح مصدر مقرب من “حزب الله”، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن “الحزب لن يجر لبنان إلى حرب مدمرة ما لم تفرض إسرائيل مثل هذه الحرب”.
ووفقاً لمصدر ثانٍ يتمتع أيضاً بعلاقات وثيقة مع قيادة “حزب الله”، فإن موقف الحركة يثبت أنها تعطي أولوية عالية للمصالح الوطنية اللبنانية.
وشدد على أن “حزب الله يتصرف كلاعب لبناني عقلاني ويولي أهمية كبيرة للمصالح الوطنية اللبنانية”.
ويقول الكاتب إن هذه الحجة تعمل على مواجهة صورة “حزب الله” باعتباره وكيلاً لإيران ولا يهمه مصالح لبنان، حيث يصوره منتقدو الحركة اللبنانيون والأجانب بهذه الطريقة، لكن الحركة نفسها ترفض هذا التوصيف، وتصر بدلاً من ذلك على أن طهران تلعب مجرد دور داعم.
هزيمة “حماس”
وبينما ألمح “حزب الله” في السابق إلى أن هزيمة “حماس” ستكون بمثابة خط أحمر من شأنه أن يؤدي إلى نهج أكثر عدوانية ضد إسرائيل، بدا أن نصر الله يعلق آماله على الضغوط الدولية المتزايدة لمنع مثل هذا السيناريو.
وقال في خطابه السابق: “نرى آلاف الأشخاص في واشنطن ونيويورك ولندن وباريس يحتجون ضد إسرائيل”، مضيفًا أن دعم الحكومات الغربية للحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة آخذ في الانخفاض.
مخاوف أمريكا
وتظل أكبر مخاوف واشنطن من التصعيد الكبير، لا سيما بين أوساط وزارة الدفاع الأمريكية، والتي تعلم أكثر من بقية أركان الإدارة التداعيات الكارثية المحتملة للحرب واسعة النطاق على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، حيث كان وزير الدفاع الحالي لويد أوستن يشغل منصب رئيس القيادة المركزية الأمريكية، والتي كانت تترأس القوات الأمريكية في العراق، وهو على دراية كبيرة بنفوذ “حزب الله” الإقليمي على الميليشيات المسلحة في المنطقة.
ووفق هذا الأساس، يتوقع الكاتب أن تستمر واشنطن و”حزب الله” في الحفاظ على الوضع الراهن، وأن إسرائيل هي التي قد تسعى لتوسيع الصراع.
المصدر | علي رزق / ريسبونسبل ستيت كرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد
نعم استراتيجية حزب مسردب الضاحية يتماشى مع أهداف مُعلٍم معلميه “بايدن/بلينكن” بالعقلانية وعدم التورط بحرب مفتوحة مع شريك معلميه الكيان الصه.يو.ني بتقاسم النفوذ للمنطقة العربية بينهما .