مشروع رؤية سياسية للثورة السورية -١٠- ||  ٢من٢

أحمد العربي

  الغرب وامريكا وإسرائيل

موقفهم من العرب وربيعهم

سورية.. وربيعها

نتابع حالة البلاد العربية:

ثامنا. أما السودان ومنذ انقلاب عمر البشير حيث اعتبر معبرا عن الإسلاميين اعتبر معاديا للغرب. حيث عاداه الغرب وفق مسارات عدة فتم دعم الانفصاليين الجنوبيين، والجنوب الآن دولة مستقلة. ها هي الدول العربية تتشظى. ولم ينتهي الوضع في السودان دولة مستبدة ومظلومية متشعبة الأطراف اقتصادية ومناطقية واثنية. وكلها تخدم الصراع العسكري وفق اجندات انفصالية. السودان جاهز لربيع ساخن و لاحتمالات حرب أهلية ولانقسامات أيضا. كل ذلك برعاية غربية و(اسرائيلية). مباشرة وغير مباشرة.

وكذلك الصومال المنسي والمتروك لخرابة الذاتي تحت سطوة المجموعات المسلحة المدعومة من كل الأطراف لتبقى الصومال. دولة فاشلة ونموذج لمستقبل مراد للعرب جميعا ان يصلوا اليه. والغرب يندد ويتدخل انسانيا (طعام ودواء واغاثة). ويحمي سفنه من القراصنة. ويترك الصومال تتآكل ذاتيا…

أما اليمن فهي ايضا تركت تحت حكم استبدادي. في الشطرين اولا. وحتى بعد التوحيد ترك لنظام علي عبد الله صالح أن يستثمر اليمن له ولعصبته العائلية والقبائلية. وان يكون هناك مظلومية في مناطق الحوثيين. تدفعهم لأن يثوروا. وان يلتحقوا بأجندات الإيرانيين. وكذلك الجنوب اليمني تجعله يحن ويعمل للانفصال ايضا. الاقتصاد اليمني منهار ولا عمل جدي لرفع مستوى المعيشة. الفقر والتخلف يأكل عمر الناس. وعندما حدثت الثورة في اليمن. حوصرت ودخلت في نفق الحل الذي يعيد إنتاج النظام دون واجهته السابقة برعاية غربية وخليجية. فالثورة هنا في أرض الخليجيين ويخافون من انتقال عدواها لهم. كل المشاكل في اليمن مغطاة وللان لا حل جدي. والغرب يرعى حلولا اغلبها مؤقت وغير جذري ولا يحل المشاكل الحقيقية. ولكن يؤجل مواجهتها الى حين…

تاسعا ً. دول الخليج التي تقبع على النفط والغاز وهو عصب العالم وهي أهم مواقع الاستثمار للغرب في العالم. الذي أسس لعلاقات استراتيجية مع هذه الدول منذ الثلاثينيات القرن الماضي. وكانت هذه الأنظمة خاصة السعودية تعمل كرأس حربة الغرب وخاصة امريكا طوال الفترة الماضية. اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. فمن دور معادي لحركات التحرر في كل مكان في الخمسينات والستينات. في مواجهة عبد الناصر. ثم دعم السادات وتوجهه المحابي لأمريكا. حتى دعم العراق في حربها ضد إيران. لمصلحة الغرب لاستنزاف الطرفين ومزيد من خسارة الموارد . وخلق الجرح التاريخي ببن الجيران الإقليميين. ومن ثم دعم امريكا في حربها ضد السوفييت في أفغانستان عبر الدعم المالي وبالرجال و(بالعقائد المسيسة).. والتي أنتجت بعد ذلك القاعدة وتداعياتها المرة المستمرة. ودورها في استفزاز العراق وحرب (تحرير الكويت) وحصار العراق وحرب التجويع التي اضرت بالشعب العراقي ولم تؤثر على نظامه الاستبدادي. ثم دعم حرب احتلال العراق الذي أدى لتدمير العراق ووضعه في سكة الحرب الأهلية والتقسيم. الغرب و(اسرائيل) تصرفوا لضرب القوة والاقتصاد والمجتمع الأهلي العراقي. و هاهم يدخلونه في صوملة معلنة. وكذلك دور دول الخليج تجاه الربيع العربي. من موقع المرتاب والخائف من نتائجه والعمل لوضعه تحت السيطرة . ودور الإعلام والمال الخليجي . بإجهاض الثورة المصرية (الا قطر). وحتى ربط عجلة الدعم المالي والسلاح بالثورة السورية بالخليج لا يسر.  وإن لم ندرك كشعب وثورة كيفية التصرف فسوف نكون كشعب وثورة أول الضحايا. وهكذا كان الخليج وعبر عقود موقعا استراتيجيا لمصلحة الغرب بالمباشر و(اسرائيل) بغير مباشر. للخليج دور في تقنين الدعم للفلسطينيين. وفي رسم مسارهم السياسي. ودعمهم ليستمروا بالعيش فقط. وشق الصف ايضا… والتمرير الإرادة الغربية (الاسرائيلية) في موضوع فلسطين وللان..

عاشرا ً. أما العراق فقد كان ضحية نظام استبدادي قمعي ووحشي. مع الشعب ومنذ الستينات. ترك يعيث فسادا. وساعد الغرب على تأجيج الصراع بين فرعي البعث السوري والعراقي. حيث دعم النظام السوري ايران ودخل على خط العداء المطلق للعراق. كما دعم العراق من دول الخليج في حربه الضارة والخاطئة ضد إيران . والتي امتدت لسنين جرّت الويلات والضحايا والفقر وفقدان الأمان الحياتي لأهلنا في العراق. ولم يخرج العراق من حربه مع ايران .حتى استدرج مستخدما جنون العظمة عند صدام رأس النظام و الخديعة من امريكا. لاحتلال الكويت وما حصل من تبعات لها. من قتل وتدمير وخراب وتجويع وحصار ومرض ومآسي حياتية استمر أكثر من عقد من السنين. انتهى باحتلال العراق وخرابه وإسقاط الدولة والقوة العراقية.  وبعد خروج الامريكان سلم العراق لقوى سياسية تقاسمته محاصصة مذهبية واثنية.ووضعته في سكة الحرب الأهلية والتقسيم.. كل ذلك والغرب فاعل مباشر في هذا المسار ويخدم بالمباشر مصالحة ومصالح (اسرائيل).. وعلى طول الخط…

حادي عشر . الاردن صنع كدولة لا يمكن أن تعيش بإمكانياتها الذاتية. ولذلك استخدمت ومنذ ولادتها لتخدم مصالح الغرب المستعمر المباشر (الإنجليز وبعدها الامريكان). منذ تأسيس ( اسرائيل) على جزء من أرض فلسطين وإعطاء السلطة للأردن على بقية الأرض (التي احتلتها اسرائيل في حرب 1967 بعد ذلك). نفذ النظام الاردني اجندة الغرب بدقة في الموضوع الفلسطيني. حاصر الفدائيين وحاربهم وطردهم بعد مجازر أيلول الأسود في سنة 1970.. الشعب الاردني يرزح في فقر مدقع . والنظام يهيمن على الفضاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد. ويعيش الاردن بالمعونة التي يقدمها الغرب. النظام الاردني منفّذ امين لأجندة الغرب في كل المسارات. و خاصة الفلسطينية حيث تكلل ذاك باتفاق سلام مجحف بالحق الوطني الأردني مع (اسرائيل). وممكن ان يكون للأردن دور ما في حل او لا حل القضية الفلسطينية .عبر دولة لا تملك القدرة على الحياة أو الحكم الذاتي او الالحاق بالكيان الصهيوني. ان الاردن امام حالة تبعية مطلقة للغرب ولمصلحة (اسرائيل). وعندما بدأت بوادر الربيع الأردني قمعت من النظام. والتف عليها مع بعض القوى السياسية المدجنة. عبر إسقاط فكرة الربيع العربي أصلا من خلال  المسار السوري الفاجع. وما آل اليه المسار المصري والعربي عموما…

ثاني عشر. أما لبنان فهو دولة صغيرة و تنوعه الديني والمذهبي جعله هشا وقابلا دائما للاختراق. وهو بدستوره يرعى هذا الاختلاف. وتدعمه من خلال إقطاعيات سياسية منذ الاستقلال للان. محاصصة مقيتة تجعل الوطنية اللبنانية حلم مستحيل ويضاف لذلك وجودها مجاورة لفلسطين (اسرائيل). ودخول الفلسطينيين كقوة عسكرية منذ السبعين اليه. جعله في مهب الصراع الداخلي على الخيارات الاستراتيجية للبنان بين داعم للثورة الفلسطينية. أو معاد لها ويعتبر (اسرائيل نموذج يحتذى). تدخلت (اسرائيل) بالمباشر سواء بالحرب على الوجود الفدائي في لبنان. عبر اعتداءات متكررة وصلت الى اجتياحه في عام.1982.. واحتلال بيروت وإخراج الفدائيين من لبنان للمنافي في تونس. دعم الغرب و(اسرائيل) بغير مباشر القوى المسيحية التي ترى بالغرب و(اسرائيل حليفا) يواجه الفلسطينيين والنظام السوري في لبنان. واستمر لبنان منطقة توتر فمن الحرب الأهلية التي بدأت في 1975 و دخول النظام السوري للبنان. وإخراج الفلسطينيين وعمل النظام السوري مع إيران لخلق حزب الله كقوة عسكرية لتنفيذ اجندته وإيران في لبنان . واستمرار الصراع دبلوماسيا وعسكريا فيه وعبرة مع الغرب ( اسرائيل). لأكثر من عقدين من الزمن. وفي كل الاحوال ترك لبنان في بنيته الدستورية وديمقراطية المحاصصة المعوقه ووجود النظام السوري ودورة حتى خروجه من لبنان . وفعل حزب الله مجتمعيا وضد (اسرائيل) حتى توافقات 2006 حيث اصبح حارس حدود (اسرائيل). مع ذلك استمر حزب الله تحت الرصد الغربي و(الاسرائيلي). واستخدام حركته لمصلحة الانظمة، وخاصة دور حزب الله في سوريا مع بعض اللبنانيين مثل الحزب القومي السوري مع النظام السوري . وانعكاسه على استقرار لبنان وسلمه الأهلي . مقدمة ومبرر لفعل حزب الله وانعكاس ذلك على خراب لبنان  الذي ما زال يدفعه عبر عقود… كل ذلك لمصلحة (اسرائيل) مباشرة وعلى المدى البعيد والغرب من ورائها…

ثالث عشر . أما سوريا فلم تكن يوما خارج أجندة الغرب وامريكا و(اسرائيل).. سوريا شاركت بالمباشر في حرب  عام 1948. وهُزمت مع بقية الدول العربية . وأعلنت دولة (اسرائيل). النظام السوري كان له دور استعراضي مزاود فقط. وصلت الى هزيمة 1967 التي خسرت سوريا فيها الجولان … ولم تستطع حرب 1973 أن تعيدها. وعلى العكس خسرنا مزيد من الأرض.. واعيدت مدينة القنيطرة مع شريط ضيق وفق اتفاق وقف الهدنة. الذي هدّأ جبهة الجولان مند 1974 حتى الآن…. أدرك النظام مبكرا الوضع الدولي الحرج. وان المصلحة الغربية و(الاسرائيلية) هي العليا في منطقتنا وأنه كنظام وسوريا في الطرف الأضعف في معادلة الصراع. قرر ان يقوي نفسه كنظام ولو على حساب سوريا الشعب والدولة. من خلال الاستبداد و عبر علاقات تحالفية خارجية يؤمن بها مصلحته كنظام وعصبة حاكمة. التقطت (إسرائيل) والغرب معها براغماتية (مصلحية) النظام في علاقته مع كل شيء. قبلت به طرفا محليا (كعدو تحت السيطرة). وقبلت بدورة في لبنان كلاعب اساسي به وتبادلت معه الأدوار في ضبط الوضع اللبناني وعندما ظهر حزب الله اعطت (اسرائيل) لنفسها حق الرد والردع و بغطاء دولي رضي الغرب و(اسرائيل) بهدوء جبهة الجولان.. ولم يكن النظام السوري في عجلة من أمره في إبرام اتفاق حول الجولان .رغم اندفاع النظام لذلك سواء عبر خلق شرعية مرضي عنها غربيا و(اسرائيليا). ولان الشارع الاسرائيلي لم يكن جاهزا لذلك. لم يكن النظام خارج المصلحة الغربية في انغراسه كعصبة طائفية  مهيمنة على سوريا واحتلال فضائها الحياتي كاملا ولم تكن ترفض دوره في ضبط حركة إيران في صراعها مع العراق. ولا دوره في الحرب على العراق ايام (تحرير) الكويت. ولا في حصار العراق وحتى احتلاله. وكان النظام يعد نفسه ليكون من منظومة الدول المتوافقة مع الغرب استراتيجيا. بعد زوال المعسكر الاشتراكي. واستمر بحلفه مع إيران وحزب الله وحتى روسيا يقوي موقعه التفاوضي مع الغرب. الذي صمت عن دوره ورضي به أيضا في لبنان كذلك  طريقة تعامل النظام مع القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الإقليمية..

26.9.2013..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تقييم دقيق وتحليل الأسباب لمواقف الدول العربية من الربيع العربي [السودان – الصومال – اليمن -دول الخليج العربي -العراق -الأردن -لبنان ] وأخيراً سورية ووضعها الذي آلت اليه .

زر الذهاب إلى الأعلى