بشار عالق بين انشقاق آل مخلوف، وثورة بني معروف!

 محمد خليفة

التحدي أمام الطرفين انتقال انتفاضة السويداء للعاصمة ومحيطها

الفرقة الرابعة تبني الدشم والمتاريس في قمم الجبال المحيطة بدمشق

 

يغرق بشار الأسد في بحر من الأزمات التي تتلاطم أمواجها بقوة، لا ينجو من واحدة حتى تداهمه ثانية وثالثة، ثم صارت الأزمات تتناسل وتظهر بالجملة. منذ أسابيع وصراعه العائلي مع أقربائه آل مخلوف قد شغل الناس في الداخل والخارج ، ومزق نسيج الطائفة العلوية ، وقرع أجراس الانذار بحرب علوية – علوية . وبموازاة تلك الأزمة السوقية التي تناسب عائلة من قاع المجتمع ، ظهرت بوادر توتر خطير في علاقات الأسد الشخصية والرسمية بقمة  الكرملين ، رد عليها بوتين بتعيين ممثل شخصي له يدير عجلة الولاية السورية ، وما لبثت أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية في البلاد، بانهيار أسعار الليرة وفقدان السيولة ونقص احتياطي البنك المركزي، وهي أزمة تنذر بانفجار شعبي واسع ، حتى في أوساط الموالين، بسبب الجوع والفقر، عالجها الطاغية بتغيير حكومي سريع ، كما لو أن المشكلة مشكلة حكومة فاشلة وحسب ، وليست مشكلة نظام أوغل في الطغيان والاجرام والنهب ، حتى أخذ ينهار على رأسه ورأس شعبه كله ، بدون تمييز بين طائفة وطائفة ، ومكون ومكون آخر.

في لجة هذه الأزمات والمشاكل والتحديات التي تحاصر الأسد وأسرته وزمرته جاءت انتفاضة السويداء لتشكل تحديا أخطر مما سبق ، بسبب طبيعة السويداء ذات التركيب السكاني الخاص ، فهي مدينة الدروز الموحدين الرئيسية في سورية ، القريبة من الاردن وفلسطين ، مدينة المجاهد التاريخي سلطان الاطرش الذي قاد الثورة السورية الكبرى عام 1925 ، وأعاد توحيد الطوائف كافة ، وانتصر على الاستعمار الفرنسي . وهي التي تمردت على نظام البعث – الأسد منذ عام 1970 ، وتمردت على بشار منذ 2012 ورفضت أرسال أبناءها للخدمة العسكرية في جيشه وأجهزته لكي لا تشاركه جرائمه . الانتفاضة الجديدة عود على بدء ، حملت في ثناياها امكانية الانتشار مجددا من الجنوب الى العاصمة والوسط والشمال، بل والساحل فضلا عن الشرق .

فكيف يواجه الطاغية الأحمق هذا التحدي ؟

يعلم السوريون أنه لو تظاهر الملايين في حلب وادلب وحماة ودير الزور والرقة والحسكة لما اكترث الطاغية ، وما سببت له ذعرا كالذي سببته تظاهرات السويداء اعتبارا من الأحد 7 حزيران ، ويتوقع أن تستمر وتتسع ، حسب تصريحات الناشطان كمال أبو الخير من منظمة (أنا إنسان) الحقوقية المعارضة ومروان حمزة (رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية) .

 ويمكن قياس حجم الذعر الذي سببته انتفاضة السويداء من خلال التظاهرات المضادة التي أمر الطاغية بتنظيمها للموالين في بعض ضواحي العاصمة ليجددوا طاعتهم العمياء للطاغية حامدين شاكرين أنعمه عليهم . إلا أنه رغم تجبره وشموخه المزعوم فإن ردود افعاله تعكس ذعرا من انتفاضة المكون الدرزي ، لأنها تحطم زعمه حماية الأقليات ، والكل يعلم أن الأسد مستعد لخسارة أي شيء عدا مهمته المزدوجة التي تجند لها (حماية الأقليات الدينية) من ناحية ، و(محاربة ارهاب الغالبية السنية) من ناحية مقابلة !

لذلك يتركز اهتمام الاسد الآن على محاصرة انتفاضة السويداء لمنع انتشارها في أرجاء البلد المأزوم تكرارا لسيناريو 2011 ، ولم يعد همه تدحرج الليرة ، ولا صراعه الفضائحي مع أقربائه آل مخلوف ، رغم أن هذا بدأ يأخذ طابع الانقسام العشائري والعائلي والطبقي العلوي – العلوي الخطير.

ومما يعزز هذا الاعتقاد أن حلب شهدت تظاهرة عفوية سريعة تضامنا مع السويداء جرت في حي السكري ، هي الأولى منذ دخول القوات الروسية – والسورية للمدينة عام 2016 . كما شهدت محافظة ادلب عدة تظاهرات في مناطق متعددة دعما وتاييدا للسويداء .

ولا يخفي ناشطو السويداء أن هدفهم نقل الانتفاضة الى العاصمة . وأكدوا ثقتهم بالنجاح . إذ نقل بعض سكان دمشق أن أجهزة أمن النظام حشدت قواتها في (حي القدم) الملاصق لدمشق من الجنوب ، لأن غالبية سكانه من أبناء السويداء ، خشية أن يتظاهروا تضامنا مع أهلهم في السويداء ، الأمر الذي قد يصبح الشرارة التي تشعل دمشق ، أو المناطق الريفية القريبة منها التابعة لمحافظة ريف دمشق ، ثم الغوطتين الشرقية والغربية . ولا شيء أخطر على الأسد الآن من انتقال الانتفاضة الى دمشق ، لا سيما أن عوامل الحريق الكبير كلها متوفرة ، الجوع والكبت والغضب والقلق مما سيحصل مع سريان مفعول قانون سيزر بصرامة عالية ، حسبما نقل الناشط السوري في واشنطن رضوان زيادة عن جيمس جيفري الممثل الخاص الى سورية ، والمشرف على تنفيذ القانون .

 ورصد معارضون في الداخل الاحتياطات التالية لقوات النظام وحلفائه :

1 – ذكرت مصادر أنه بمجرد اندلاع تظاهرات السويداء بدأت الفرقة الرابعة بإقامة دشم ومتاريس واستحكامات لم يسبق أن أقامها النظام أبدا في الماضي ، في جبال ومناطق مطلة على العاصمة من الناحيتين الغربية والشرقية ، وخاصة جبال الزبداني ومضايا ووادي بردى والهامة وقدسيا ، والقلمون الغربي والكسوة الأمر الذي يبرز مدى القلق من احتمال انتقال شرارة السويداء الى قلب دمشق ، أو الغوطتين .

2 – ذكرت مصادر من السويداء أنها التقطت صورا لتحركات القوات السورية في محيط المدينة وتبادل  مواقع في منطقة (طلول الصفا) حيث تنتشر مجموعات إرعابية لداعش منذ ثلاث سنوات .

3 – وذكرت المصادر ايضا أنها رصدت انسحابات للقوات الايرانية من قاعدتهم قرب السويداء بأوامر روسية .

ورجحت المصادر إن هذه القوات تحضر لعملية كبيرة ضد المدينة، غير واضحة ، وقدرت أن تكون على صلة بما يجري من تحركات عسكرية في الصحراء بين السويداء ودير الزور . ورأت أن الرهان الآن يقع على صمود واستمرار وتصاعد انتفاضة بني معروف، لأنه كفيل بنقلها الى مناطق أخرى ، وإعادة الثورة سيرتها الأولى !

المصدر: الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى