في زنزانة ضيقة داخل سجن “صيدنايا” الأحمر تسود رتابة كئيبة لا يقطعها سوى سعال المعتقلين الحاد وأصوات أنين بعضهم جراء المرض والتعذيب، كان يقبع المقدم “حسين هرموش” وهو واحد من أوائل الضباط المنشقين عن النظام الذي شاب مصيره الكثير من الغموض.
وروى “حمزة” الذي لا زال قيد الاعتقال في أحد السجون السورية لـ”زمان الوصل” أن “الهرموش” كان جاراً له في منفردته لمدة 20 يوماً، مشيراً إلى أن المقدم المنشق كان بداية في فرع 293 بدمشق قبل أن يتم نقله بعد التحقيق إلى سجن “صيدنايا الأحمر”، كما يطلق عليه المعتقلون هناك، وأودع في زنزانة أطلق عليها اسم “المشنقة” كنوع من الترهيب النفسي الذي كان يُمارس عليه.
اعتُقل “حمزة” في بداية الثورة لعدة مرات وفي إحداها كان رهن الاعتقال في الفرع 248، وإثر استعصاء نفذه مع رفاقه في السجن بتاريخ 3/4/2012 تم تحويلهم إلى سجن “صيدنايا” وهناك التقى المقدم “حسين هرموش” الذي كان بالنسبة له بمثابة الأخ والصديق والناصح الأمين –حسب وصفه- وكان يتبادل الحديث معه بصوت منخفض قرب شبك الزنزانة كي لا يسمعهما السجان المقيت الذي كان يحصي على المعتقل “الثمين” حركاته وسكناته.
وكشف محدثنا أن الهرموش سأله في بداية معرفته به من أي مدينة هو وحينما عرف أنه من درعا قال له بثقة: “لا تخف سوف ننتصر بإذن الله” ويضيف “حمزة” أن “الهرموش” سأله آنذاك عن الأخبار خارج السجن لأنه كان قد جاء لتوّه، فأجابه -كما يروي- أن “كوفي عنان” يجتمع مع مسؤولي النظام، فأجاب “الهرموش” وهو يتنهد: “لا شك أن في هذا الاجتماع المريب صفقة قذرة”.
وأكد محدثنا أن “هرموش” تم تسليمه للنظام بصفقة مشابهة وأن مخابرات النظام دفعت مبالغ طائلة لأحد ضباط المخابرات التركية الذي أوقع به وسلّمه للنظام بخدعة وهو الكلام الذي سمعه منه شخصياً.
وكشف أن الزنزانة التي كان فيها “الهرموش” كانت تضم أيضاً العديد من الضباط والعساكر المنشقين ومنهم –كما يقول- “مصطفى عبد اللطيف بهلول” من حماة والعقيد “مصطفى الزين” من حمص الذي كان يخدم في الفرقة 15 في السويداء، وكذلك المجند “يحيى الجاسم” من دير الزور، ومن المعتقلين الذين كانوا معه أيضاً “فراس منديل” من سكان إدلب الذي كان طالباً في جامعة بيروت واتهم بقتل أحد الصيادلة بسلاح “بمبكشن” وظهرت براءته بعد أن أرسلت أم الصيدلي شريط فيديو لقناة “الجزيرة”، تؤكد فيه أن ابنها قُتل على يد قوات النظام.
بعد أن أمضى “حمزة” فترة من اعتقاله في “صيدنايا” تم نقله إلى منفردة بعيدة عن “هرموش” ولم يعد يعرف عنه شيئاً وبدأ بعدها يتقصى أخباره من المعتقلين المنقولين من هناك دون جدوى.
ويضيف أنه علم فيما بعد أن “الهرموش استشهد داخل السجن”، غير أنه لم يكن مقتنعاً بذلك، موضحا أن “هرموش” لطالما كان يقول له بأن النظام لا يجرؤ على إعدامه.
وأكد محدثنا أن المقدم “الهرموش” لم يكن يتعرض لتعذيب جسدي وإنما لتعذيب نفسي بشكل مستمر، وكان يقرأ القرآن الكريم بصوت عالٍ دون أن يخاف مثل المعتقلين الآخرين.
وكان ناشطون قد تناقلوا خبراً يفيد بوجود “الهرموش” في سجن التعذيب التابع للمخابرات الجوية في منطقة “المزة”، حيث شوهد هناك آخر مرة أواخر عام 2013.
المصدر: زمان الوصل