قراءة في كتاب : سؤال المصير ٦ من ٨ || قرنان من صراع العرب من أجل السيادة والحرية

أحمد العربي

ولنا رأي:

إجهاض ثورة بلاد الربيع العربي وتدمير دولهم ومجتمعاتهم .

استمرارا في التحليل الذي قدمه د برهان في كتابه سؤال المصير… والذي يرى آلية للهيمنة السياسية الغربية منذ ما يزيد على القرنين في بلادنا العربية يمنع الحداثة والتقدم والديمقراطية. ويبني و يدعم وجود انظمة استبدادية تابعة له تقوم بدور الوكيل لتنفيذ مطالب الغرب في الحصول على الموارد الأولية وخاصة النفط لتصريف منتجاتها عندها، ترعى وجودها وحروبها وصراعاتها. وتجعلها دائما تحت المتابعة والوصاية، حيث تقوم هذه الانظمة المستبدة بذات الدور تبعية للغرب وظلما لشعوبها: استبداد اعتقال قتل فساد طائفية وعصبية، قمع منع أي حراك شعبي وحزبي سياسي معارض وبأقصى قوة..

يعني تأبيد الحال العربي…

 كان الغرب والدول العربية التابعة مطمئن لهيمنته المجتمعية والسياسية، فالبلاد تحت الاستبداد والتخلف او الوفرة المضبوطة كدول الخليج. المعارضين منقرضين بعضهم معتقل والبعض مقتول والبعض هارب في العالم. لا معارضين جديين أحزاب وأفراد ومجتمع مدني في الأنظمة العربية. الانظمة مسيطرة وفق آلية عسكرية امنية و قبائلية وطائفية ومصلحيه على مفاصل الدولة كلها..

لا خوف على الأنظمة من اي ثورة فلا امكان لذلك مطلقا…

هذا لسان حال الغرب الداعم و المراقب والمتابع للانظمة التابعه وكذلك رأي الأنظمة وأجهزتها الامنية القابضة على انفاس الناس وحياتهم…

لكن الربيع العربي جاء وحصلت ثورات في تونس تلتها مصر تلتها ليبيا تلتها اليمن وتلتها سوريا وبعدها العراق وكان آخرها السودان…

اجهضت كل هذه الثوارات بكثير من الدم والتهجير والدمار والخراب..

ما الذي حصل؟.

ثورة تونس:

 

لم يكن يخطر على بال الشرطية التي ضربت بو عزيزي وهو يبيع على عربته في احدى المدن التونسية ولا خطر على بال بو عزيزي نفسه عندما حرق نفسه انه سيدخل التاريخ بصفته صانع شرارة الربيع العربي…

نعم كان النظام التونسي ووراءه الغرب يعتقد ان لا امكان لاي حراك ثوري في تونس رغم سوء الحياة. لكن لم يكن بحسبان دوائر القرار ان هناك شعور بالمظلومية يكتسح اغلب الشعوب العربية ولذلك ما أن نزل البعض منددين بما حصل ببوعزيزي حتى انتشر الحراك الشعبي يكبر ويتوزع سلميا في كل البلاد وارتفع سقف مطالبه ليطالب باسقاط النظام. ولأن تونس بلد عرف كيف يواجه تنظيمات سياسية كحركة النهضة وغيرها لكنه لم يعرف كيف يواجه حراك الشارع ولم يكن امامه الا الجيش الغير مهيأ ليحارب اهله الشعب. ولان دوائر صنع القرار الغربي ارتبكت امام الحدث فقد طلبت من بن علي الرئيس التونسي ان يتنحى ويغادر…

وما أن غادر حتى تصدر المشهد السياسي بقايا الأحزاب السياسية المحظورة سابقا بما فيها حركة النهضة الاسلامية. وبما أن شعارات الربيع التونسي والعربي تركزت على الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل فقد بدأت أول انتخابات ديمقراطية في تونس، انتخب على اثرها المنصف المرزوقي القومي العربي . وكانت أغلبية مجلس النواب من حركة النهضة واستلم رئاسة الوزارة راشد الغنوشي قائدهم التاريخي . ..

وبذات الاثناء بدأ دوائر القرار الغربية تفكر بحل تعيد تونس الى دائرة التبعية لها وان تسقط الديمقراطية الممنوعة  عند العرب وبلادهم…

استعان الغرب والأنظمة العربية الخليجية التي دافعت عن وجودها امام تيار الربيع العربي واستخدمت مواردها المالية وبدأت حربا مبتدعة لصراع غير موجود خلقوه بالأمر الواقع بين الإسلاميين والعلمانيين، وبدأت تحصل تظاهرات وصدامات وتم تسخير أجواء الميديا: وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي العربية والعالمية في ذلك. بحيث ادّت آخر انتخابات رئاسية لوصول قيس سعيد للحكم. وهو ذو خلفية قضائية ولكنه كان كفؤا لاجتثاث آخر ما تبقى من معالم الثورة التونسية ويعيد لتونس الاستبداد والديكتاتورية الى سابق عهده، بدأ بأثر رجعي باعتقال الإسلاميين واتهامهم بالفساد والرشوة وانتهاك الحقوق والقانون وبدأ حملة اعتقالات لهم اعادتنا لأيام الرئيس الهارب بن علي وتصفية التيار الإسلامي في تونس. حيث اعتبر الغرب والانظمة التابعة له ان التيار الاسلامي هو حامل الربيع العربي، وتوسع اضطهاد قيس سعيد للاحزاب الوطنية التونسية المطالبة بالديمقراطية وكذلك القضاة وممثلي المجتمع المدني  وهكذا تم اعادة تونس لحظيرة الدول الاستبدادية المرضي عنها عربيا ومن الغرب وبدأت تحصل على أعطيات ومنح اقتصادية وهبات دولية…

هكذا تم قتل الربيع التونسي…

 

ربيع مصر الموءود .

 

ما ان بدأ ثورة تونس حتى التقط الشعب وشبابه المصري المظلوم الراية وبدأ بالتظاهر وبالملايين وحمل ذات المطالب الشرعية والسلمية حرية وعدالة وكرامة وديمقراطية وحياة افضل. سرعان ما وجد الرئيس المصري حسني مبارك أن لا مخرج أمام ثورة المصريين،  أخذ بنصيحة الغرب وقيادة الجيش المصري حيث استقال وغادر مصر. استمرت الثورة وطالب الشعب بانتخابات حرة ، التي أدت إلى انتخاب محمد مرسي ذي الخلفية الاسلامية وهذا طبيعي لان النظام المصري اضطهد كل المعارضين من كل الخلفيات السياسية وكان الاخوان المسلمين أكثرهم تجذرا في الواقع وأقدرهم على التطور والانتقال للخيارات الديمقراطية بحيث استمروا حاضرين في الواقع ولهم شعبية أهلتهم ان يرشحوا احد قياداتهم محمد مرسي وينتصر في انتخابات ديمقراطية اعترف بها العالم كله…

خططت دوائر القرار الغربي بالانقلاب على محمد مرسي من داخل المؤسسة العسكرية. فقد تم إقصاء مبارك وأولاده وبعض المقربين منه من الحكم. يعني فقط رأس هرم السلطة المستفيدة من واقع مصر الاقتصادي السياسي الفاسد التابع للغرب. ولأن مرسي كان غير متمرّس سياسيا فقد اعتقد أن الحفاظ على بنية الجيش وهرميته أفضل لمصر،  احضر أعلى رتبة مخابراتية في الجيش عبد الفتاح السيسي وسلمه وزارة الدفاع. وهكذا مهد الطريق لعودة العسكر الى الحكم. برعاية السيسي نفسه ووراءه النظام العالمي الغربي وبعض الأنظمة العربية.

واعيد نفس سيناريو الصراع الإسلامي العلماني في الشارع المصري وبشكل مدروس بحيث هيأ المناخ لإقصاء  مرسي وسجنه ومحاكمته وقتله بعد ذلك بالسجن وتحول السيسي ليكون رئيس مصر العائدة لحضن الاستبداد العربي برعاية الغرب واسرائيل..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى