“كتبت بالصدأ والدم”.. أسماء المعتقلين السوريين في متحف أميركي

يعرض متحف “أوريغون” في العاصمة الأمريكية واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية قطع قميص حمل أسماء معتقلين سوريين في سجون النظام السوري، وذلك للمرة الثانية خلال خمسة أعوام، ضمن “معرض سوريا: نرجوكم لا تنسونا”.

القميص عاد إلى المتحف مجددًا، بعد عرضه في متحفي “محكمة الشعوب” و”تحريك عجلات العدالة” في مدينة لاهاي الهولندية، مقر محكمة العدل الدولية، ومتحف “البحر المتوسط” في العاصمة السويدية، استوكهولم.

أهمية القطع تأتي وفق صاحبها الحقوقي منصور العمري، بكونها توضيحًا للأهوال التي يتعرض لها المعتقلون السوريون في سجون النظام السوري، وفق ما قاله لعنب بلدي.

أسماء كتبت بالصدأ والدم

في 2012، كتبت للعمري حياة جديدة مع الإفراج عنه من قبل النظام السوري، ونجح حينها بتهريب قطع القميص وعليها أسماء 82 معتقلًا أحياء، لطمأنة ذويهم.

كتبت أسماء المعتقلين بالصدأ والدم باستخدام عظام الدجاج، ولم يكن هناك وسيلة أخرى لكتابتها ثم تهريبها من سجن تحت الأرض يتبع للنظام السوري على خمس قطع قماشية، واتصل بعائلاتهم ليخبرهم بمكان اعتقالهم وأنهم على قيد الحياة، ووفق العمري، يعرف أن أربعة معتقلين منهم في أمان.

قطع القميص الذي عادت إلى المتحف مجددًا في حزيران الماضي، بعد عرضها في 2017، سيستمر عرضها لعامين آخرين، قال منصور العمري لعنب بلدي.

بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اعتقل ما لا يقل عن ألف و47 شخصًا في سوريا خلال النصف الأول من 2023، على يد مختلف أطراف النزاع في سوريا، منها 501 معتقلًا على يد قوات النظام السوري، فيما يبلغ العدد الكلّي 155 ألفًا و243 شخصًا، منذ 2011، منهم 135 ألفًا و481 معتقلًا لدى النظام.

وفق العمري، المعرض فرصة مهمة لتسليط الضوء على قضية المعتقلين والتعذيب في سوريا والأهوال التي يتعرضون لها، والتي تدفعهم للخروج من سوريا، ويسهم بعرض الحقائق لشرائح مختلفة في المجتمع.

كما أن المعرض دليل على جرائم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بحق السوريين، وعرض القطع القماشية يمنع تناسي جرائمه ويعرقل تلاشي صورته كمرتكب للجرائم، وفق العمري.

في 2017، قرر معرض الهولوكوست في واشنطن، استعارة القميص من العمري وعرضه للمواطنين الأمريكيين، وكان أحد الزوار حينها المرشحة لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات المقبلة، نيكي هيلي، التي شغلت منصب المبعوثة الأمريكية لواشنطن في الأمم المتحدة حينها.

وعرض في 2017، هاتفًا محمولًا وجهاز “USB” استخدمها الضابط المعروف باسم “قيصر”، لتسريب 55 ألف صورة لضحايا التعذيب في الفرع “215”، التابع للأمن العسكري.

جمعت هيلي حينها أعضاء مجلس الأمن وزارت المعرض برفقتهم، قبل أن تخاطب مجلس الأمن بقولها إن الجميع شاهدوا أدلة لا يمكن نكرانها على فظائع الأسد وانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يمكن أن تنسى واشنطن السوريين ولا ينبغي لها ذلك.

قبل خروجه من المعتقل في 2012، تحلّق المعتقلون حول العمري لوداعه وهم يقولون “نرجوك لا تنسانا”، وحملت هذه العبارة عنوان المعرض، قال العمري.

المعارض أداة للتعريف بالمعتقلين

يأتي عرض القطع القماشية في ظرف حساس يمر به ملف المعتقلين السوريين، عقب التقارب العربي الأخير مع نظام الأسد، ما يجعل هامش تحرك ذوي المعتقلين ضيقًا لحل هذه القضية، وفق خبراء وناشطين استضافتهم عنب بلدي في وقت سابق.

وبقدر ما تلعب المتاحف والمعارض دورًا في الثقافة والتاريخ، لكنها في حالة عرض القطع القماشية، تلعب دورًا مختلفًا، واستثنائيًا عبر طرح القضايا المعاصرة.

العمري قال لعنب بلدي، إن المتاحف والمعارض التي تتيح لزوارها التواصل المباشر مع الثقافة، تطلعهم كذلك على انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجماعية، باستخدام أدواتها الإبداعية، بما في ذلك التسجيلات المصورة والصور والموسيقى والشهادات الحية والأدلة على الجرائم.

ويعرض بالتزامن مع القطع القماشية، شهادة العمري عن التعذيب في سجون الأسد وحكاية القطع وأوضاع المعتقلين.

ويعمل متحف “ذكرى الهولوكوست” على إلهام الأفراد والقادة في العالم لمواجهة الكراهية، ومنع جرائم الإبادة الجماعية، ونشر وتعزيز الكرامة الإنسانية، ويهدف إلى إنقاذ الأرواح من خلال وضع علامات تحذير أو إطلاق الإنذارات حين يتعرض الناس لعنف جماعي في أي مكان بالعالم.

قطعة قماش من قميص أحد المعتقلين، كتب عليها بالدماء والصدأ أسماء معتقلين في سجون الأسد، أخرجها منصور معه حين أطلق سراحه

لدى عرض القطع مجددًا في المتحف، قالت مديرة الأخير، جودي مارغلز، إنه من المدهش مشاهدة الزوار وهم يقرؤون ويستمعون ويستوعبون وينظرون إلى قطع القميص ويطرحون الأسئلة وأحيانًا يذرفون الدموع، قطع القميص هي نجمة هذا المعرض، وفق العمري.

وهذا المعرض هو الأول من نوعه في شمال غرب المحيط الهادئ ومن القلائل على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، ويتناول حقوق الإنسان من خلال مواد مستعارة من سوريا وراوندا وبنغلاديش وكمبوديا وأمريكا، بالإضافة للمقابلات مع اللاجئين الجدد من أفغانستان وأوكرانيا وتيغراي ودارفور.

وفي 29 من حزيران الماضي، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار بإنشاء مؤسسة دولية لتوضيح مصير المفقودين في سوريا.

وجاء في التقرير، أن الجمعية وافقت على إنشاء مؤسسة دولية جديدة لتوضيح مصير المفقودين وأماكن وجودهم في سوريا، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين.

وحظي مشروع القرار بتأييد 83 دولة، بينما صوتت 11 دولة ضده، وامتنعت 62 دولة عن التصويت.

ومن بين الدول العربية صوتت قطر والكويت لصالح المشروع، بينما امتنعت كل من السعودية والإمارات والبحرين وعمان ومصر والأردن والمغرب ولبنان وتونس واليمن عن التصويت.

وشارك في صياغة مشروع القرار كل من لكسمبورغ وألبانيا وبلجيكا والرأس الأخضر وجمهورية الدومينيكان ومقدونيا.

المصدر: عنب بلدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى