كشفت “الشبكة السورية الأوكرانية” (Sun)، وهي تحالف بين منظمات حقوقية ومجتمع مدني ومؤسسات إعلامية من كلا البلدين، عن النشاطات التي قامت بها منذ تأسيسها في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي بدأ في 24 فبراير/ شباط 2022.
تلاقي مصالح سورية أوكرانية
تأسست الشبكة بعد أسابيع من اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، بعدما وجدت منظمات أوكرانية وسورية تلاقي مصالح بينها، لا سيما من خلال التدخل العسكري الروسي في كلا البلدين، والانتهاكات المرتكبة من قبل القوات الروسية والمجموعات التابعة لها. وأخذت الشبكة على عاتقها تقديم المساعدات الطبية، والتوثيق القانوني لانتهاكات الحرب في كل من سورية وأوكرانيا، والتصدي للمعلومات المضلّلة، ووضع صنّاع القرار الغربيين والمنظمات الحقوقية الدولية بصورة ما يحدث، ودعم صمود المدنيين لمقاومة الحرب في كل من البلدين.
وفي بيان أصدرته أخيراً، قالت الشبكة إنها أنجزت منذ تأسيسها العديد من المهام، من عمليات التشبيك والمشاركة في المؤتمرات، للمطالبة بالمحاسبة والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى تنسيق المعلومات وجمع البيانات عن الانتهاكات التي قامت بها مجموعة “فاغنر” الروسية، وتقديم المعلومات في ما يخص شحنات الأسلحة الإيرانية التي توجهت إلى كل من أوكرانيا وسورية لدعم النظام السوري والروس، بالإضافة إلى تسهيل دخول الأطباء والمنظمات الطبية إلى كل من البلدين.
أخذت الشبكة على عاتقها تقديم المساعدات الطبية والتوثيق القانوني لانتهاكات الحرب
وقالت أولغا لاوتمان، وهي منسقة الشبكة وباحثة مختصة في تحليل السياسات الأوروبية، لـ”العربي الجديد”، إن “الشبكة عقدت العديد من الفعاليات وحلقات النقاش بما في ذلك مع السفيرة أولكساندرا ماتفيتشوك، رئيسة (مركز الحريات المدنية)، والحائزة على جائزة نوبل للسلام”، مشيرة إلى أن “اللقاء معها الذي حضره نشطاء من المجتمعين السوري والأوكراني ركّز على زيادة الوعي بجرائم الحرب الروسية في سورية وأوكرانيا، بالإضافة إلى التعريف بآليات محاسبة جماعات المرتزقة الروسية والجيش والمسؤولين الحكوميين”.
وأشارت لاوتمان إلى أن الشبكة زارت عدداً من الجامعات العالمية لمناقشة هذه القضايا، بالإضافة إلى الدفع مع الجهات الدولية المختصة لتصنيف مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية كمنظمة إرهابية، نظراً لتدخلها في الحربين السورية والأوكرانية. وأكدت لاوتمان لـ”العربي الجديد”، أن الشبكة ساهمت في تنسيق الجهود بين المنظمات المنخرطة بها، بما أفضى لعقد شراكات للعمل على توثيق جرائم الحرب، وتبادل المعلومات وتقديم المساعدات الإنسانية، بالإضافة لمساعدة (الجمعية الطبية السورية – الأميركية – سامز) في الدخول إلى أوكرانيا وتدريب الأطباء في المستشفيات هناك.
وحول تقديم المعلومات الأمنية والاستخبارية التي وردت في بيان إنجازات الشبكة، ودور الشبكة التي تضم منظمات مجتمع مدني فيها، لفتت لاوتمان إلى أن الشبكة “عملت بشكل كبير في مجال توثيق جرائم الحرب وجمع الأدلة على تلك الجرائم، منها الإبادة الجماعية في كل من أوكرانيا وسورية”. وأضافت أنه “يتم بناء قاعدة بيانات للمرتزقة والعسكريين الروس الذين خدموا في كلا البلدين، بالإضافة إلى تتبع شحنات الأسلحة من إيران إلى روسيا، وأدوات التهرب من العقوبات، كما عملت الشبكة على ربط المنظمات والأفراد الذين يعملون على هذه القضايا لتبادل المعلومات في ما بينهم”.
وحول جهود المحاسبة والمساءلة، أشارت منسقة الشبكة إلى أن “الشبكة تعمل مع الكونغرس في الولايات المتحدة والوكالات الحكومية والمنظمات الدولية بشأن جرائم الحرب وقضايا المساءلة”، مشيرة إلى “جهد كبير تقوم به السفيرة أوليكساندرا ماتفيتشوك بالعمل عن كثب مع المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة العدالة والمساءلة بناءً على الأدلة التي تم جمعها وشهادات الشهود”. كما تسعى ماتفيتشوك، بحسب لاوتمان، إلى “إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة بوتين والجماعات العسكرية والمرتزقة المتورطين في جرائم العدوان وجرائم الحرب”.
تحالف شبكات وجهود ضغط
من جهته، قال معاذ مصطفى، وهو المدير التنفيذي لـ”المنظمة السورية للطوارئ”، العضو المؤسس في الشبكة ومقرها واشنطن، إن الشبكة قامت بكثير من المهام، وهي تحظى بشهرة في الأوساط الأوكرانية وفي الولايات المتحدة، وإن لم تكن معروفة بشكل كبير في الأوساط السورية.
يتم العمل بالتنسيق بين منظمات الشبكة على الدفع لإصدار قانون أميركي يصنف مجموعة فاغنر إرهابية
وأشار مصطفى إلى أن الشبكة “ساعدت بإدخال أجهزة ومستلزمات طبية بقيمة 400 ألف دولار إلى أوكرانيا، مع فريق من (المنظمة الطبية السورية الأميركية – سامز)، كما ساهمت بتسهيل دخول الصحافة الأجنبية إلى كل من سورية وأوكرانيا لتغطية الأوضاع هناك”.
وكشف مصطفى أنه “بالتنسيق بين منظمات الشبكة، يتم العمل على إصدار قانون في الولايات المتحدة يصنف مجموعة فاغنر الروسية منظمة إرهابية، وتصنيف النظام الروسي كذلك، بالإضافة إلى الدفع لإصدار قانون يسمح بمحاكمة مجرمي الحرب في الولايات المتحدة”. ولفت مصطفى إلى أن الترابط كبير بين الملفين السوري والأوكراني لجهة جمع المنظمات في كل البلدين على أهداف مشتركة، بسبب التشابه والترابط بين الكثير من أوجه الحرب في البلدين، لا سيما على مستوى العدو المشترك، أي روسيا في المقام الأول ثم إيران، بحسب قوله.
ولمّح مصطفى إلى أن المنظمات السورية والنشطاء السوريين في كافة المجالات، لا سيما في المجال الطبي والإنقاذ وتوثيق الانتهاكات، باتت لديهم خبرة كبيرة نتيجة تعاملهم مع طبيعة ارتكاب الانتهاكات الروسية وهم ينقلونها من خلال هذه التحالف لنظرائهم الأوكرانيين. وأخيراً انضمت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى هذا التحالف، وهي من أهم المنظمات السورية التي عملت ولا تزال على توثيق جرائم الحرب والانتهاكات في سورية منذ اندلاع الحراك عام 2011.
وأشار مدير الشبكة فضل عبد الغني في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “العدو المشترك” بالإشارة إلى روسيا، هو الذي تسبب بجمع المنظمات السورية والأوكرانية ضمن هذا التحالف، مضيفاً أن “روسيا دعمت بشار الأسد منذ اليوم الأول للحرب على سورية، علاوة على تدخلها العسكري المباشر عام 2015، كما أن الأسد دعم روسيا باجتياح أوكرانيا، وبالتالي هناك لقاء مصالح بين المنظمات السورية والأوكرانية لمواجهة الاعتداءات القائمة التي تتقاطع بها روسيا بشكل رئيسي”.
وتملك الشبكة السورية لحقوق الإنسان قاعدة بيانات كبيرة حول الانتهاكات الروسية في سورية، بحسب عبد الغني، الذي أشار إلى أن الشبكة التي يديرها ستضع ما لديها أمام التحالف الذي يسعى لإدانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظامه على الجرائم المرتكبة سواء في أوكرانيا أو في سورية.
المصدر: العربي الجديد