في بيان جدلي، قررت اللجنة الثلاثية المفوضة بالنظر في المظالم والتجاوزات الواقعة في عفرين، والتي ضمت كلا من عبد العليم عبد الله، وأحمد علوان، وموفق العمر، وهم أعضاء في “المجلس الإسلامي السوري”. عزل محمد الجاسم المعروف بـ “أبو عمشة” من قيادة فصيل “السلطان سليمان شاه” ومنعه من تسلم أي “منصب ثوري”.
اللافت في الأمر، أن قرار اللجنة لم يوضح إذا ما ستكون هناك محاكمة علنية، ومصادرة الأموال وتعويض الضحايا، إذ قاد ذلك الكثير من السوريين للاعتقاد بأنه لا وجود لقدرة عسكرية ونفوذ في مناطق “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة، لفرض محاسبة على الجرائم المرتكبة من قبل “أبو عمشة”، واستعادة الأموال المسلوبة والعدالة للحقوق المنتهكة. متسائلين في ذات الوقت، ماذا بعد قرار “اللجنة الثلاثية” وما جدية ذلك وتأثيره الفعلي؟
ما جدية العزل؟
انطلاقا من هذا السؤال، رأى المحلل السياسي، أحمد سعدو، أن هذا الاستفسار ينبثق من معاناة السوريين اليومية مع تغول مستمر من بعض الفصائل على حيوات الناس ومواردها.
وتابع في حديثه لـ”الحل نت”، “الحقيقة هذا السؤال لابد من أن يوضع بين يدي وظهراني الحكومة السورية المؤقتة، ومن يقودها افتراضا وهو الائتلاف الوطني. حيث عجزت الحكومة وما زالت عاجزة عن لجم كل هذه التعديات على حقوق الناس. بل راحت قيادات ائتلافية تمنح الأوسمة لمرتكب بحجم وقوة أبو عمشة دون التفكير في إعادة الحقوق لأصحابها”.
ويعتقد سعدو، أن أساس المشكلة هو غياب أو تغييب المؤسسات الوطنية القانونية والشرطية، القوية والفاعلة والمدعومة بقوة القانون على تنفيذ حتى القرارات القضائية التي تطالها يد التغول من بعض الفصائل، “دون إمكانية الاشتغال وفق وعلى هدي ثورة الحرية والكرامة”.
ومن جهته، أوضح المحلل العسكري، العقيد عبد الرحمن حلاق، أن قرار العزل لا يكفي، لأن الأموال والظلم الذي تعرض له المدنيين وتأذوا منه لا يزال موجودا. كما إن القرار لم يوضح كيفية إرجاع الحقوق لأصحابها. بالإضافة لعدم الإشهار بكيفية محاسبته على الجرائم التي تسبب بها “أبو عمشة” وقادة فصيله.
وأوضح حلاق، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن القرار أو التوصية التي أقرتها اللجنة، يجب أن تبين الرؤية حول الأموال التي باسم أبو عمشة وأقاربه. ويجب أن يتم الحجز عليها، ومتابعة الأموال المنقولة وغير المنقولة ويتم وضعها في رصيد الجهات المعنية بإعادتها للمواطنين.
متى يكون القرار جدّي؟
يؤكد حلاق، أنه على اللجنة عدم التوقف عند “أبو عمشة” وفصيل “السلطان سليمان شاه”، بل يجب أن تتابع مع جميع الفصائل المتواجدة في عفرين وشمال سوريا، لأنهم بسبب عدم أهليتهم، أضروا بالمنهج الأساسي التي خرجت من أجله الاحتجاجات في سوريا عام 2011.
وتوقع المحلل العسكري، ألا يطبق القرار بشكل فعلي، قد يكون نظريا فقط؛ بسبب عدم وجود قوة تحمي اللجنة. كما تخوف من نشوب معارك فصائلية جديدة نتيجة وجود غطاء من الدول الداعمة لبعض قادة الفصائل المنضوية تحت “الجيش الوطني”.
وفي السياق ذاته، أشار سعدو، إلى أن المسألة تحتاج الى ضابطة عدلية وقوة تنفيذية تتبع الحكومة. واهتمام أكبر وأكثر بهموم الناس في هذه المناطق. إذ لا يمكن الركون إلى استمرار التغول الفصائلي، “لأن وجود الفصائل ليس من أجل السيطرة على العباد”. وفق تصوره.
وتابع المحلل السياسي، “وجود الفصائل ليس للإمساك بالمعابر، وجني الأموال والمصالح والفساد والإفساد الذي يراه الجميع. لا سيما في ظل عدم وجود عملية مؤسساتية لإنهائه، ولجمه حسب القانون، وحسب محددات وجود الجيش الوطني بالأصل”.
قرار “الثلاثية” شمل خمسة آخرين
اللجنة الثلاثية، أصدرت أمس الأربعاء، بيانا أشارت من خلاله إلى أنها اتخذت هذا القرار بعد قرابة شهرين من عملها، والاستماع إلى ما أمكن من الشكاوى والدعاوى ومطالعة البيانات والأدلة، مع كثرة العراقيل.
وشددت اللجنة، على أن “التهديد والوعيد الذي مورس على كثير ممن شهد الوقائع جعلهم يمتنعون عن الشهادة، خوفا من بعض قادة هذا الفصيل. ودفع آخرين إلى التراجع عن شهادتهم، مما عرقل عمل اللجنة وأخر صدور شيء عنها”.
وقالت اللجنة في بيانها الذي اطلع عليه “الحل نت”، إن “البيانات والوقائع والمصلحة تقتضي عزل قائد فصيل سليمان شاه المدعو محمد الجاسم (أبو عمشة)، عن جميع مهامه الموكلة إليه وعدم تسليمه شيئا من مناصب الثورة لاحقا، لما ثبت عليه من الدعاوى، تجنيبا للمنطقة من احتمالات الاقتتال والدماء والفتنة”.
وقررت اللجنة عزل عدة قيادات من فصيل “العمشات”، وشمل قرار العزل كلا من وليد حسين الجاسم (سيف). ومالك حسين الجاسم (أبو سراج)، وأحمد محمد خوجة، وعامر عذاب المحمد. وحسان خالد الصطوف (أبو صخر)، لما ثبت عليهم من التهم الموجهة إليهم.
سنوات من الانتهاكات
الجدير بالذكر، أن “أبو عمشة” صعد نجمه بعد سيطرة “الجيش الوطني” على عفرين إثر عملية عسكرية تركية تحت مسمى “غصن الزيتون” هجرت الآلاف من سكان المنطقة. حيث أصبح حديث الإعلام بعدد من الفيديوهات والسلوكيات المثيرة للجدل.
وتعتبر منطقة “الشيخ حديد” بريف عفرين قطاعاً مستقلاً حسب التقسيم الذي وزعه قادة “الجيش الوطني” فيما بينهم، بحيث يكون لكل فصيل أو قائد قطاع خاص يمارس فيه ما يشاء من انتهاكات وقرارات. فضلاً عن فرض أتاوات وضرائب. حيث سجلت مئات الانتهاكات هناك.
حاول أبو عمشة أن يؤسس لنفسه “إمبراطورية” كبيرة في منطقة الشيخ حديد كاملة بكل قراها وبلداتها، وجعلها مقراً له. إذ أصبحت كلها تحت إمرته وجهازه الأمني، ومنح لنفسه الحرية في إصدار ما يشاء من أحكام دون أي رقابة أو مساءلة.
وتشهد مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، في ريف حلب الشمالي، توترا منذ أشهر بين فصائل ما يسمى ” غرفة عمليات عزم” وفرقة “السلطان سليمان شاه” التي تنضوي تحت قيادة “أبو عمشة”.
وكانت “غرفة القيادة الموحدة” (عزم)، أعلنت التزامها بتنفيذ القرارات التي تقرها اللجنة. وأكد المتحدث العسكري باسم “الجيش الوطني”، الرائد يوسف حمود، إن “عزم” مستمرة بمحاسبة كل من يهدد أمن واستقرار المنطقة…,
المصدر: الحل نت