باسل*

بسام شلبي

هاجرت أسراب الطيور

و أنت تعود

لتحرس عشا

في جدار كنيسة قديمة

تحجز تذكرة للعبور

من بين قضبان القفص

و طلقات الصيادين

تحلق عاليا بين النجوم

و تترنم بألحان

أغنية قديمة

كانت تغنيها أمك

كل ليلة

لتنام بعد الشغب

في أحضان السرير

و تبقى لتراقبك

كل يوم

و زغب ريشك ينمو

ليغطي عينيك

مثل باقي القطيع

و أنت تكبر

شبرا بعد شبر

فلما استويت

على رجليك قائما

و نمت منك الخوافي و القوادم

صفقت بجناحيك

طرت بعيد

خلف البحور

و أنا أمام السرير الخالي

كل ليلة

أغني لتنام

و أرسل نداء استغاثة

لينقذوك من الغربة

و أراك في المنام

تصارع العواصف و الأعاصير

لا تستجيب لنداء خفي

أرسله كل ليلة

ثم تعود لنداء امرأة أخرى

“يا خائن”

لتموت عشقا في أحضانها

و تحرمني من نظرة

الوداع الأخير

تنام أخيرا

بعدما بح قلبي

من ترنيم أغنيتك الآثيرة

سورية بدها حرية

سورية بدها حرية..

تنام بسلام..

و عيناك مفتوحتان

ترصدان كل مشهد

و كل صوت و صورة

و تخزناه في النعش

المعد لك سلفا

قبل العبور

الكاهن ينتظر اعترافك

أي جهاز أرسلك؟

و أي بنك مولك؟

و أي فصيل أدخلك؟

و أنت تغط في صمتك

تحت ركام كلمات أغنية قديمة

كانت تستحضر

جنية النعاس في الأسحار

و الكاهن مازال ينتظر الجواب

و أنا انتظر القداس

خلف نعش خال

أمام كنيسة قديمة

و الجميع في انتظار

ينتحر الصمت

بين زوايا رصاصات

تحلق في الهواء

و أخرى تخترق التابوت الخالي

لتقتل الذكريات

التي رفضت مراسم الدفن

مثل باقي الأموات

في حفرة مجهولة

بين الحفر

مع رقم كودي

أو بلا رقم

و تتسرب من ثقوب التابوت

مثل تبخر الندى

في صبيحة أيار

تلف وشاح الحلم

حول رأسك

و تحلق إلى غيمة بيضاء

على شكل طائر مهاجر

ما دفنوا ذكراك

و لكن شبه لهم

و ما علموا أنك

تعود كل ربيع

إلى عش في جدار

كنيسة قديمة

لتقرع الأجراس

و هم في غفلة

من أمرهم

و سكرة توهم بانتصار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى