رابعاً: روجآفا المشروع والدور.
قرر النظام السوري محاربة الحراك الثوري في المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية عبر استعادة دور ال ب ك ك من خلال امتداده في سورية ال ب ي د حزب الاتحاد الديمقراطي. أعاد استقطاب العناصر، تجاوز مع قيادة ال ب ك ك مرحلة الشدة الامنية عليهم أيام المصالحة بين النظام والاتراك، دعم اعادة تجنيد الشباب وتسليحه، لقد قرر النظام السوري تسليم زمام امور المناطق ذات الاغلبية الكردية لل ب ي د، وهذا حصل فعلا. اعتمد النظام مع ال ب ي د على تسليم السلطات الامنية والمدنية لهم، واطلق يدهم في مواجهة المتظاهرين الكرد في مدنهم وبلداتهم، لم تخرج القوى الامنية والعسكرية والمدنية التابعة للنظام من مقراتها او مراكز عملها إلا ما ندر، لكن اختفت من الصورة بقيت تراقب وتنسق مع قيادة ال ب ي د. لقد حاربت اجندة الثوار الكرد السوريون، الذين حملوا أجندة الثورة السورية من اسقاط النظام المستبد وقيام دولة ديمقراطية سورية، وزادوا عليها مطالبهم الكردية وهي حقوقهم القومية والثقافية للأكراد في سورية الموحدة ارضا وشعبا.
دخل ال ب ك ك ممثلا بال ب ي د ضمن تسمية روجآفا وتعني في الكردية (الغرب)، دون اضافات والغى اي تعبير في شعاراتها عن انها تعمل لاجندة كردية خاصة. أصرّت على تميزها عن اقليم كردستان العراق، ورفضت رفع علم كردستان في التظاهرات، واعتبرته ضد المصلحة الوطنية السورية، بدأت بدور عملي مباشر بمواجهة التظاهر في المناطق ذات الاغلبية الكردية باعلى درجات الشدة مثل النظام في بقية أنحاء سورية هدفها المباشر القضاء على الثورة السورية في المناطق الكردية السورية.
خامساً: الواقع الميداني لل ب ي د في روجآفا.
عمل حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د امتداد ب ك ك في سورية على عدة جبهات ليصبح صاحب السلطة واليد العليا والقوة المسيطرة في المدن والبلدات ذات الاغلبية الكردية:
٠ حارب ال ب ي د الاحزاب الكردية التي أعلنت التحاقها بأجندة الثورة السورية، ودعمت النشاط الثوري للشباب الكرد، هاجمت مقراتهم واحرقت بعضها، اعتقلت بعض قياداتهم، وعذبت البعض، ودفعتهم للهروب والانزواء.
٠ استلم حزب ال ب ي د مواقع النظام الأمنية والعسكرية والسلطة الادارية كاملة في هذه المدن والبلدات، تحت دعوى تحريرها، لكنها كانت عملية استلام وتسليم دون اي عقبات او صراع او خلاف، سوى بعض الصدامات المحدودة مع ميليشيات النظام، تم معالجتها بسرعة من النظام وال ب ي د. سيطر على كوباني ثم عفرين وبعدها ديرك ثم القامشلي فالحسكة ثم سري كانيه فعامودا، وقاموا بالسيطرة على حقول رميلان النفطية وآمنوا استمرار تدفق النفط للنظام بشكل كامل ودائم للنظام. لقد اصبحت سلطة ال ب ي د والنظام حقيقة عيانية على أرض المناطق ذات الغالبية الكردية.
٠ سلم النظام السوري لل ب ي د المعابر الدولية والحدود المجاورة لمناطقهم مع كردستان العراق و الحدود التركية السورية بما فيها المعابر.
سادساً: عسكرة المنطقة الكردية السورية من ال ب ي د.
٠ الخطف والقتل:
كان للسيطرة العسكرية الكردية لل ب ي د على المناطق الكردية نتائج مباشرة عبر تحالفها مع قوات النظام وفصائل الدفاع الوطني للسيطرة على المناطق والقضاء على الحراك الثوري والتظاهر فيها بالكامل. كما أنهم قضوا على الثوار الذين بدؤوا بتشكيل طلائع جيش حر بين الاكراد لمواجهة عنف النظام، قضوا على كتيبة تحسين ممو في عامودا، وكتيبة الشيخ معشوق في القامشلي، وقوات التدخل الكردي في الحسكة، واحرار نوروز وصقور آزادي في عفرين، و كتيبة نسور كوباني وكتيبة صقور البيشمركة، وقوات المجلس الثوري الكردي المتشكلة من المجلس الوطني الكردي.. الخ. كما كان لهم دور في رفض مساعدة بشمركة روجآفا ( لشكري روج) المدعومة من اقليم كردستان العراق. وهكذا قضت ال ي ب د على الحراك المدني والعسكري للثورة السورية بين الكرد السوريين وفي مناطقهم.
٠ التجنيد الإجباري ومنهم الأطفال:
اعتمدت ال ب ي د على التجنيد الإجباري في صفوفها في أوساط الشباب الكردي، كما أنها اعتمدت على خطفهم حيث تجدهم ثم تلحقهم بالعمل العسكري في صفوفها قسرا، كما أنها اختطفت الأطفال ما دون الثامنة عشر من الجنسين ولحقتهم بقواتها العسكرية باسمائها الكثيرة المتعددة.
٠ خطف الناشطين وقتلهم، والاحتجاز لدفع الفدية:
اعتمدت ال ب ي د على تكتيك الخطف لاجل دفع الفدية والقتل والنفي لكل من يكون من ناشطي الثورة وله دور ريادي فيها. كان على رأس من اختطف او اغتيل او اعتقل وعذب وقتل بعدها: مشعل تمو الناشط الكردي الذي اعتقل من ايام ربيع دمشق بعد استلام بشار الأسد السلطة في سورية، وخرج ليكون من الشخصيات ذات المصداقية والحضور الشعبي الكبير بين الاكراد، جاءه تهديدات كثيرة ومحاولات اغتيال وكانت كلها من ال ب ي د، و نجحوا اخيرا في اغتياله، وكان اغتياله ضربة للحراك الثوري السوري وخاصة في أوساط الكرد السوريين. كما قتل الناشط نصر الدين برهك، ومحمود والي، وجوان قطنه، واحمد فرمان بونجق، وعلي سيدو و حنان حمدوش.. الخ. وكلهم قادة ميدانيين في بلداتهم للحراك الثوري. هذا غير المختطفين من قيادات الناشطين مثل بهزاد دورسن وادريس علو وأمير حامد، واختطاف ثمانية ضباط منشقين على جسر سيمالكا المؤدي إلى كردستان العراق.. الخ.
مجازر ال ب ي د بحق الثوار والناشطين:
كما قام حزب ال ب ي د بمجازر طالت الكثير من الكرد المنتمين للثورة السورية منها: مجزرة عائلة بدرو في القامشلي، عائلة شيخ حنان في عفرين، مجزرة قرية تل غزال في ريف عفرين، وحرق الكثير بما فيهم بعض كبار السن، كما حصلت مجازر كبيرة في عامودا كان لها تداعيات كبيرة.
٠ حارب حزب ال ب ي د الاعلام الثوري الكردي:
منعت نشر صحف الحراك الثوري والأحزاب المعارضة، وجففت مصادر الإعلام المناصر للثورة السورية بما فيها منع وصول البث الفضائي للقنوات التي تدعم الثورة السورية، كما اعتمدوا على التضليل الإعلامي عبر قناتهم الفضائية روناهي التابعة لـ ب ك ك، كما أطلقت يد اعلام النظام يتواجد وينشر ويقوم بنشاطات مستمرة دعما للنظام في مناطق سيطرتهم.
سابعاً: قصة كوباني، انتصار فوق ركام مدينة:
لقد كان لتسلم سلطة السيطرة على كوباني استلام وتسليم بين النظام السوري وال ب ي د ، معروفة عند الجميع، واعتبرت كوباني مدينة محررة من قبل ال ب ي د، لكن مستجد الامتداد الداعشي في سورية والعراق حيث سيطروا على الموصل وكثير من المناطق السورية التي حررها الجيش الحر. كان لتواجد داعش على حدود كوباني والتحرش بسلطة ال ب ي د فيها، وتبادل المنافع بعض الوقت، واختطاف الطلاب الكرد الخارجين من كوباني وتجنيدهم في داعش، ثم الصراع بين ال ب ي د وداعش وهجومها على كوباني، التي اعتبرها التحالف الدولي بقيادة امريكا خطا أحمر، حيث ساعد ال ب ي د لحماية كوباني عبر دعم عسكري جوي اعتمد على الأرض المحروقة، بحيث حول المدينة الى ركام، وكانت ال ب ي د قد دفعت الى اخلاء كوباني من اهلها وتحويلهم الى لاجئين في المناطق الاخرى او كردستان العراق و تركيا وكل بلاد العالم. لكن كوباني سقطت رغم ذلك بيد داعش، واحضر دعما عسكريا قوات وعتاد من بيشمركة اقليم كردستان العراق وبالتعاون مع التحالف الدولي ساعد على تحرير كوباني لكن كجثة هامدة؛ مدينة مدمرة خالية وشعبها مشرد خارجها. سرعان ما عادت ال ب ي د بعد إخلاء البشمركة الكردية العراقية منها وتحريرها من داعش ، عادت محتفلة بنصر وهمي كاذب في كوباني أنهم حرروها، وكان ختامها تغلغل شاحنات من داعش محملة بالمتفجرات فجرت وسط كوباني واسقطت الكثير من الضحايا، انه احتفال لل ب ي د على أشلاء ودماء أهل كوباني.
سابعا: العلاقة بين اقليم كردستان العراق والمناطق ذات الاغلبية الكردية السورية .
لقد كان مسعود البرزاني حاكم الاقليم الكردي العراقي من اوائل من رحب بالربيع السوري وامتداده الى مناطق الأغلبية الكردية المحاذية للجانب العراقي. وبدأ يقدم الدعم المادي والمساعدات للكرد في الطرف السوري من الحدود، حيث انسحبت سلطة النظام عن الحدود الدولية بين سورية والعراق بجانب نهر دجلة، ومدت حكومة الإقليم جسرا عائما على دجلة، جسر سيمالكا، يوصل بين سورية والعراق للإمداد المادي والاغاثي وانتقال الناس بين البلدين. كان الجسر حيويا ومهما كل الوقت، وسرعان ماوضع حزب ال ب ي د يده عليه وفرض سلطته من الجانب السوري، وحوله الى مصدر تمويل له عبر وضع رسوم جمركية على البضائع القادمة وعلى الناس المنتقلين من والى مناطقهم، خاصة وأن الأكراد يسارعون لمغادرة الاقليم بمئات الآلاف عبر سنوات الثورة السورية الى ٢٠١٧م تاريخ نهاية تدوين الكتاب، هربا من ظلم ال ب ي د ومن ضرائبها المتزايدة واضطهادها الناشطين، واعتقالهم وقتلهم أحيانا، والاهم هربا بأولادهم من التجنيد في كتائب ال ب ي د المسلحة الاسايش وغيرها. لذلك كان الجسر معبرا للهرب و التواصل مع اقليم كردستان العراق، حيث استقر الكثير من الاكراد السوريين هناك او اعتبروه معبرا لهم لكل دول العالم.
٠ هذا اضافة لمساعدة سلطات الاقليم الهاربين من الشباب على تدريبهم عسكريا ليشكلوا قوة عسكرية مساندة ل بشمرغا الإقليم في معاركه خاصة مع داعش، او ان يكونوا جزء من الجيش الحر وعلى علاقة معة في نصرة الثورة السورية. لكن حزب ال ب ي د كان لهم بالمرصاد، منع اي امتداد لل بشمرغا داخل مناطق سيطرته في سورية، وحاسب كل من يلتحق بهم حتى عوائلهم تحت طائلة القتل والاعتقال، وفرض سلطته المطلقة على كل البلدات والمدن ذات الاغلبية الكردية في سوريا. وهنا ايضا فشلت حكومة اقليم كردستان العراق ان يكون لها امتداد عسكري داخل المناطق الكردية السورية.
٠ كما حاولت سلطة الاقليم عبر رئيسها مسعود برزاني شخصيا ان تساعد على الاتفاق بين الاحزاب الكردية والناشطين الثوريين مقابل ال ب ي د لصناعة توافق على مستقبل المناطق الكردية في سورية، حيث رعت كونفرانس الجاليات الكردية في هولير عاصمة الإقليم، وانتهى اللقاء الى توافقات لم يلتزم ال ب ي د بتنفيذها على الأرض، ورعت سلطة الاقليم مجددا لقاء القامشلي بين ممثلي الاحزاب الكردية وال ب ي د ووصولهم الى وثيقة القامشلي، التي تعثرت بالتنفيذ مجددا ايضا من قبل ال ب ي د. الذي اعتمد على اللقاء والمماطلة ومن ثم تثبيت وجوده وحضوره على الأرض بشكل مطلق. ومع ذلك لم تيأس حكومة الاقليم فدعت مجددا الاحزاب الكردية وال ب ي د الى هولير الذي انتج مجلسا كرديا سوريا مشترك، لكنه اعطى للاحزاب الكردية التي صنعت المجلس الوطني الكردي والتي كانت التحقت بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، نصف مقاعد المجلس المقترح والنصف الثاني لحزب ب ي د وحده وهذا تمييز كبير له. ومع ذلك لم يلتزم حزب ال ب ي د بالاتفاق واستمر يسيطر وحيدا على الأرض ويمثل مصلحة النظام في مناطق الكرد السوريين و يضطهد المعارضين الكرد ويضيق على الكرد عموما. عند ذلك دعت حكومة الاقليم الأطراف ثانية الى هولير وحصل اتفاق سمي: سيمالكا مقابل جنيف، وهو أن يشارك المجلس الوطني الكردي وأحزابه في سلطة معبر دجلة بين العراق وسورية المسمى سيمالكا، وان يكون حزب الـ ب ي د جزء من وفد الكرد مع وفد المعارضة السورية في جنيف الأول والثاني، وبالفعل ذهب حزب ال ب ي د الى جنيف ليشارك مع المعارضة لكن وفد الائتلاف رفض مشاركة ال ب ي د في وفد المعارضة متهما اياه بانه حليف النظام ويطبق أجندته في المناطق الكردية السورية، وانه عليه أن يلتحق بوفد النظام ان احب المشاركة بالمفاوضات. وهذا جعل حزب ال ب ي د ينقلب على اتفاق هولير الثاني. عند ذلك دعت سلطة إقليم كردستان العراق المجلس الوطني الكردي وأحزابه وال ب ي د الى دهوك ودفعت للوصول الى اتفاق جديد كان آخر ما استطاعت سلطة الاقليم التوصل له. لكن ال ب ي د لم يلتزم به وعاد الى دوره الاساسي مسيطرا على الارض منسقا مع النظام السوري مطبقا أجندته، ظالما للكرد السوريين عبر الأتاوات والاعتقال والقتل والتجنيد الاجباري، مما ادى الى حالات فرار جماعي لمئات آلاف الكرد السوريين، وهذا ادى لحلات تغيير ديمغرافي و فراغ سكاني في مناطق الكرد السوريين.
٠ كل هذه الأفعال من حزب ال ب ي د تجاه دور حكومة اقليم كردستان العراق، جعل العلاقة تصل بينهم الى حالة من العداء. حيث اعتبرت سلطة الاقليم حزب ال ب ي د اداة بيد النظام السوري من داخل الكرد انفسهم أجهضت الثورة داخل مناطق الكرد واضرت بالمكون الكردي وساعدت النظام على اعادة سيطرته على مناطق الكرد بعد حين. كما نظر حزب ال ب ي د الى دور اقليم كردستان العراق على انه منافس لها ويريد وضع يده على الكرد السوريين، وأنهم بدعمهم للثورة السورية ورعاية المجلس الوطني الكردي وبسبب تشكيل آلاف البيشمركة الكرد السوريين، اعتبرهم خصم منافس ومعادي لسياسة حزب الـ ب ي د بكونه مسيطرا على الارض ويستثمر كل شيء لصالحه وانه لسان حال النظام السوري ويده الحاكمة و الباطشة في مناطق الكرد السوريين، لذلك اصبح العداء علني والحملات الاعلامية لم تتوقف ضد حكام إقليم كردستان العراق وتركيا التي حُمّلت كل تبعات الثورة السورية في مناطقهم.