“هدايا” من إردوغان قبيل الانتخابات

اتخذ الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال الفترة الأخيرة، عدة قرارات، ترمي في مجملها لمحاولة الفوز بولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقررة، الأحد، وهو ما وصفته صحيفة الغارديان بعملية “توزيع الهدايا”.

وأعلن إردوغان في الأسابيع الماضية، أن المواطنين الأتراك سيتمتعون بغاز طبيعي مجاني، ورفع رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 45٪ بعد زيادة أولية في وقت سابق من هذا العام.

في غضون ذلك، رست سفينة حربية عملاقة في إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، ودعت المواطنين لركوبها والاستمتاع بروعة مستقبل التكنولوجيا لتركيا.

حملة هادئة؟

بعد أن وعد في البداية بحملة انتخابية أكثر هدوءا في أعقاب الزلزال المميت الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا قبل ثلاثة أشهر فقط، غير إردوغان تكتيكاته بعد أن كشفت العديد من استطلاعات الرأي أن منافس المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، يتقدمه.

وفي تجمع حاشد في إسطنبول نهاية الأسبوع الماضي، بث إردوغان مقطع فيديو تم التلاعب فيه، يظهر مجموعة من المسلحين الأكراد المحظورين يعبّرون عن دعمهم لمنافسه، كليتشدار، وقال تعليقاً عليه “هذا مهم جدا”.

وأثار ذلك لغطاً كبيراً في تركيا، وهز رؤية كثيرين لإردوغان.

قرن تركيا

يعد إردوغان، الذي يقود حزب العدالة والتنمية، الناخبين بـ “قرن تركيا”، وهي رؤية تحتوي على الكثير من القومية والخطاب الشعبوي المشحونين اللذين سمحا له بالاحتفاظ بقبضته على البلاد.

وبنت المعارضة التركية، بقيادة كليتشدار أوغلو، حملتها على وعد بأن “الربيع سيأتي مرة أخرى” ، متعهدة بإصلاح سياسات إردوغان التي أعادت تشكيل البلاد طوال عقدين من حكمه، وعلى رأسها العودة إلى الديمقراطية البرلمانية.

ومقترحات المعارضة للتغيير هي رد فعل على 20 عاما من حكم إردوغان.

وقال جيمس رايان من معهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي: ” في الواقع لا أحد يعرف حقًا كيف ستبدو تركيا ما بعد إردوغان”.

وشكلت خطة إعادة الإعمار الواسعة والسريعة التي من شأنها أن تعيد تشكيل جزء كبير من جنوب البلاد الذي دمر خلال الزلازل الأخيرة، دعامة مركزية لحملة إردوغان لإعادة انتخابه.

فبعد أسابيع قليلة من تهدم المباني في جميع أنحاء مدينة نورداجي، انتشرت الحفارات لبناء أساسات على مشارف المدينة، لبناء مساكن لمئات الأشخاص الذين ينامون في خيام بالقرب من منازلهم المدمرة.

وقال إردوغان للناجين بعد شهر من الزلازل إن الحكومة ستبني 319 ألف منزل خلال العام الأول، و 650 ألفًا في المجموع.

وشكلت البنية التحتية، العمود الفقري لإردوغان خلال عقدين في السلطة، من خلال الطرق السلسة والمطارات الجديدة والمباني الواسعة حتى في أصغر المدن التركية، وسط اتهامات بالفساد على نطاق واسع في صناعة البناء.

وبالنسبة لبعض الملايين الذين نزحوا بسبب الزلازل، كانت وعود الحكومة بالحلول السريعة تعني القليل.

إحباط

بعد شهر تقريبا من نزوحها هي وعائلتها المكونة من أربعة أفراد من منزلهم في مقاطعة هاتاي الواقعة في أقصى الجنوب، شعرت إليز أصلان بالإحباط من مسؤولي وكالة الإغاثة التركية.

وكشفت للصحيفة البريطانية أنها قالت لهم: “لن يتم ذلك في غضون عام” بينما حاول المسؤولون طمأنتها بالقول “في وقت قصير، نأمل أن يكون كل شيء على ما يرام”.

بالنسبة للمراقبين، تشكل وعود إردوغان بإعادة الإعمار السريعة جوهر الجهود المبذولة لتحويل انتباه الجمهور بعيدًا عن الزلازل المدمرة، فضلاً عن أي أسئلة عالقة حول استجابة حكومته الباهتة في أي أزمة.

وقال المحلل سونر كاجابتاي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي كتب عدة كتب عن إردوغان: “إنه يستخدم سيطرته الكاملة على وسائل الإعلام لتغيير الرواية”.

وتابع: “يمكنه بناء الأخبار على أساس الأكاذيب، ويستمر في ذلك، حتى ينسى الناس أنها كانت في الأساس أكاذيب”.

كاجابتاي وصف ذلك بالقول “إنه أمر مخيف للغاية” ثم منضى مؤكدا “إذا فاز إردوغان، فسيكون ذلك أول انتصار عالمي لسياسات ما وراء الحقيقة، حيث يكون فاز بالانتخابات بالأكاذيب”.

ووجد تحليل أجرته هيئة مراقبة البث في تركيا أن الرئيس حصل على أكثر من 32 ساعة من التغطية على قناة حكومية واحدة، بينما حصل منافسه على 32 دقيقة فقط.

في غضون ذلك، قالت منظمة تركية مختصة في التحقق من المعلومات إنها حددت معلومات خاطئة تداولها إردوغان والمعارضة، بما في ذلك نسخ من مقاطع فيديو مزيفة وصفوها بأنها “رخيصة”.

معلومات كاذبة

قال سيمير شيوغلو من المنظمة: “خلال هذه الدورة الانتخابية، صادفنا ما يقرب من 150 نموذجا لمعلومات كاذبة، تتراوح من البث التلفزيوني والمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تصريحات السياسيين”.

وفي بلد شديد الاستقطاب، وجدت سيطرة إردوغان على وسائل الإعلام ووعوده بإمكانية إصلاح أي شيء تم كسره خلال فترة حكمه آذانًا صاغية، بما في ذلك الادعاءات بأنه وحده القادر على معالجة أزمة اقتصادية ناجمة عن سياساته غير التقليدية.

وقال يونس أوزبايسال البالغ من العمر 33 عاما أثناء حضوره حملة انتخابية لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول: “حتى الآن لم يكن هناك شيء لم تتمكن دولتنا من حله أو تحقيقه”.

وأضاف: “لقد أوفى قائدنا بكل ما قطعه من وعود، نحن على يقين من أنه سيفي بوعوده الاقتصادية أيضا”.

المصدر: الحرة. نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى