قال المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جويل ريبرون، إنّ مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية الحالية أعطوا دولاً عربية “ضمناً” الضوء الأخضر للتطبيع مع نظام الأسد، مشيراً إلى أنّ إدارة بايدن فضّلت التطبيع مع النظام على أن ترعى روسيا “صفقة” بين دمشق وأنقرة.
جاء كلام ريبرون، خلال جلسة استماع في مجلس النواب الأميركي بناء على طلب بعض المنظمات السورية – الأميركية، يوم الثلاثاء، لبحث الشأن السوري بعد مرور 12 عاماً على انطلاقة الثورة السورية، ولمراجعة تطبيق “قانون قيصر” وكيفية تطبيق قانون “الكبتاغون” الذي سيدخل حيز التنفيذ بحلول منتصف يونيو/ حزيران المقبل.
وبحسب ما أكد محمد علاء غانم، المسؤول عن التخطيط السياسي في “المجلس السوري – الأميركي” و”التحالف الأميركي لأجل سورية”، لـ”العربي الجديد”، فإن ريبرون رد على أسئلة وجهت له حول الانفتاح العربي على النظام وموقف الإدارة الأميركية منه، قائلاً: “كنّا نعرفه سلفاً (موقف إدارة بايدن من التطبيع العربي مع الأسد)”، مضيفاً: “لقد ذكرت مصادر إقليمية أنّه حين تساءل مسؤولون عرب عن موقف الولايات المتحدة من الاتصال بالأسد بغرض التطبيع معه، فإنّ مسؤولين كباراً في الإدارة أعطوهم ضوءاً أخضر ضمنياً، معللين ذلك بأنهم يفضلون أن تطبّع الدول العربية مع الأسد، على أن ترعى روسيا صفقة بين دمشق وأنقرة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى هجمات تركية على شركائنا في (قوات سوريا الديمقراطية)”.
ولفت غانم الذي حضر الجلسة المخصصة للاستماع والمناقشة الخاصة بالشأن السوري، إلى أنها عقدت بعد جهود من المنظمات السورية الأميركية التي طالبت بها منذ بداية العام الحالي، بعد تحضير الشهود ووضع لائحة بالأسئلة التي ستطرح في الجلسة.
وكشف غانم أنّ الجلسة شهدت النقاش في عدة ملفات منها تطبيق قانوني “قيصر” و”الكبتاغون”، ومراجعة سياسة الولايات المتحدة حيال سورية، واصفاً الجلسة بأنها “جيدة”؛ لكونها شهدت حضور نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وشهدت اهتماماً من النواب بتقديم مقترحات بالشأن السوري بما يخص مقارعة التطبيع مع النظام، وموقف الإدارة الحالية “المترهل جداً” من التطبيع، بالإضافة لمناقشة تطبيق قانون “الكبتاغون”.
وأكد غانم أن النواب ومسؤولي المنظمات الذين حضروا الجلسة قدّموا مقترحات متكاملة، لتقوية وتمتين السياسة الأميركية المترهلة حيال سورية، مشيراً إلى أنّ انتقادات طاولت إدارة بايدن حيال التساهل مع النظام السوري، كاشفاً أنّ الجلسة شهدت التباحث بالنقد حول الرخصة العامة رقم (23) التي أصدرتها الإدارة عقب الزلزال، والتي كانت مفرطة بالتساهل والاستثناءات بالإضافة لكونها طويلة الأجل (ستة أشهر) ما فتح الطريق أمام النظام السوري لاستغلال الكارثة لتحقيق إثراء غير مشروع وتحويل مئات الملايين من الدولارات بالإضافة إلى عمليات مثبتة لسرقة المساعدات، بحسب غانم.
وعقب كارثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سورية في 6 فبراير/ شباط الماضي، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الرخصة العامة 23 الخاصة بسورية، التي تسمح لمدة 180 يوماً بتنفيذ جميع الصفقات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال.
ولاقت الرخصة انتقادات من قبل معارضين سوريين ونواب أميركيين لكون العقوبات وفي مقدمتها “قانون قيصر” تستثني المساعدات الإنسانية في مفاعيلها.
وأضاف غانم أنّ مقترحات لتحديث “قانون قيصر” طرحت في الجلسة، بالإضافة إلى “الدفع لوضع استراتيجية أميركية واضحة حيال الشأن السوري، حتى تقتنع دول المنطقة بأنّ واشنطن لديها سياسة محددة بما يخص الشأن السوري، ما يثنيها عن عقد صفقات فردية مع النظام، وتم وضع توصيات بهذا الخصوص”.
وأكد غانم أنّ “التوصية الرئيسية التي طرحت خلال الجلسة، هي أن يأخذ الكونغرس زمام المبادرة للضغط على الإدارة التي لا تبدي كثيراً من الجدية حيال الشأن السوري، ولا سيما بعد عمليات التطبيع الأخيرة”.
مناقشة سرقة المساعدات في مناطق النظام
وشهدت الجلسة كذلك، بحسب ما علم “العربي الجديد” من مصادر أخرى، مناقشة عمليات سرقات المساعدات من قبل منظمات عاملة في مناطق سيطرة النظام، في مقدمتها المنظمة التي تديرها زوجة رأس النظام السوري بشار الأسد، وتم وصفها حرفياً ضمن الجلسة بأنها منظمة “لصوصية”.
وتدير أسماء الأسد “الأمانة السورية للتنمية” وهي مظلة تضم تحتها عدداً من المنظمات التي تحكم السيطرة على العديد من المشاريع ذات الغطاء التنموي والإنساني.
وعلم “العربي الجديد” كذلك أنّ الجلسة حضرها عدة شهود في مقدمتهم الشاهد صاحب الرمز “Z-30 ” أو المعروف بـ “حفار القبور”، الذي تواصل مع الجلسة عبر منصة إلكترونية، بسبب عدم صدور التأشيرة الأميركية للتواجد في الجلسة حضورياً، لكنه قدم شهادته عن فظائع ارتكبها النظام فيما يخص المعتقلين.
وجويل ريبرون هو نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، والمبعوث الأميركي السابق إلى سورية في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، وعرف بمواقفه الحازمة مع الأسد، ومعارضته لتواصل الدول الإقليمية مع النظام، وجهد خلال فترة عمله لعرقلة بعضها.
وبعد كارثة الزلزال، شهد الملف السوري انفتاحاً إقليمياً على النظام، ما دفع الكثير من الدول للتواصل معه، كان آخرها المملكة العربية السعودية التي زارها وزير خارجية النظام فيصل المقداد، فيما استقبلت دمشق وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان.
وبين الزيارتين عقدت دول الخليج إلى جانب العراق ومصر والأردن اجتماعاً تشاورياً في مدينة جدة السعودية للتباحث حول إمكانية إعادة النظام إلى الجامعة العربية وتطبيع العلاقات معه. وجاءت المخرجات بالتواصل مع النظام مباشرة لتحقيق حل سياسي للأزمة السورية، على ما يبدو وفقا للمبادرة التي قدمها الأردن بمباركة دول غربية والتي تقوم على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”.
المصدر: العربي الجديد