كشفت مصادر إعلامية عن نص الاتفاق الموقع بين النظام وبين اللجان المركزية الممثلة عن القوى المحلية وفصائل المعارضة الموقعة على اتفاق التسوية في درعا، بعد أسابيع من التوتر في ريف المحافظة الغربي، تلاها نشر حشود عسكرية كبيرة للنظام في المنطقة.
اتفاق في صالح النظام
المصادر قالت إن ضباطاً من جيش النظام، وقيادات سابقة في فصائل الجيش الحر بالإضافة الى ممثلين عن اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، عقدوا، الاثنين اجتماعاً في بلدة العجمي بريف درعا الغربي، وتوصلوا إلى “الاتفاق على آلية تجنّب المنطقة تصعيداً عسكرياً”.
وحسب تجمع “أحرار حوران”، فإنّ العقيد غياث دلّة قائد اللواء 42 التابع للفرقة الرابعة، واللواء حسام لوقا وبعض الضباط التابعين لقوات النظام حضروا الاجتماع الذي أفضى إلى اتفاق يقضي بنشر نقاط عسكرية تابعة للفرقة الرابعة في كامل ريف درعا الغربي.
كما يشمل الاتفاق نصب حواجز بالقرب من معسكر الصاعقة التابع للفرقة الرابعة في بلدة المزيريب، بالإضافة إلى وضع حواجز عسكرية على طريق اليادودة-درعا، بحجة تأمين خط إمداد عسكري من مدينة درعا إلى النقاط العسكرية في حوض اليرموك، كما تم الإتفاق على إعادة نصب حاجز مساكن جلين عند دوار البلدة يتبع لفرع الأمن العسكري.
الاتفاق الجديد جاء بعد أقل من اسبوعين على توقيع اتفاق بين اللجان المركزية وممثلين عن الجيش الروسي في الجنوب، ينص على تعهد روسيا بالعمل على سحب التعزيزات العسكرية الجديدة لقوات النظام والميليشيات التابعة لإيران، التي انتشرت في ريف درعا الغربي منذ بداية شهر أيار/مايو.
وكانت التعزيزات قد تدفقت إلى المنطقة، علماً أن اتفاق التسوية الموقع عام 2018 ينص على عدم دخول قوات النظام إلى ريف درعا الغربي، بعد تصاعد حوادث العنف والاغتيالات هناك، والتي كان أبرزها مقتل تسعة من عناصر الشرطة في بلدة مزيريب على يد قيادي سابق في الجيش الحر مطلع الشهر الجاري.
تطور سلبي
لكن ناشطين وقادة في المعارضة يرون أن قوات النظام وبدفع إيراني تحاول باستمرار إعادة السيطرة الكاملة على المناطق التي يفترض أن تبقى خارج سيطرتها الأمنية والعسكرية، وأنها تستغل حوادث الانفلات الأمني لتحقيق هذا الهدف الذي يعتبر الاتفاق الأخير الموقع قبل يومين أهم خطواتها على هذا الصعيد.
الصحافي مؤيد أبا زيد قال إن أهالي تلك المنطقة طالبوا صراحة بوقف التصعيد العسكري ومنع النظام من اقتحامها، لكن هذا الاتفاق تبدو نتيجته مزيداً من الخناق على الأهالي، حيث يسكن في بلدات المنطقة نحو 100 ألف نسمة، الأمر الذي يشير إلى أن الاحتقان سيزيد هناك.
ويضيف أبا زيد في تصريح “المدن”، أن “الملاحظ من هذا الاتفاق أنه يعطى للقوات المرتبطة مع إيران (الفرقة الرابعة) مزيداً من السيطرة في ريف درعا الغربي، بحيث أصبحت تلك القوات متصلة نحو نوى ومن ثم القنيطرة حيث تتواجد الميليشيات الإيرانية وحزب الله، وأقصد هنا الاتصال من حيث طرق الامداد التي باتت أكثر أماناً بالنسبة لهذه القوات”.
ويتابع: “لكن بالنسبة للسكان سيكون الاتفاق تهديداً جديداً، فمعظم أهالي الريف الغربي وبحكم استخدامهم هذا الطريق للوصول إلى مركز المحافظة، فإن الأيام القادمة تنبئ بمزيد من الاعتقالات، فضلاً عن الأتاوات التي سيكون عليهم دفعها لهذه الحواجز، وهو أمر معروف في كل سوريا في ما يخص الحواجز التي تتبع للفرقة الرابعة.
الدور الروسي
وحول السبب الذي جعل قوات النظام تفرض الاتفاق الجديد على الرغم من توقيع اتفاق سابق في 15 أيار/مايو مع الجانب الروسي، ينص على سحب التعزيزات العسكرية من محيط مدينة طفس وعموم ريف درعا الغربي، قال أبا زيد: “أعتقد أن الاتفاق الأخير تم برضى الروس، فما يهم موسكو حالياً هو بقاء الوضع كما هو عليه منذ إعادة سيطرة النظام على درعا، أي عدم وجود أي حالات إشتباك، أما الفوضى الأمنية والاغتيالات فهذه ليست من أولويات روسيا في الجنوب، كما أن تلك المنطقة هي في الأصل ضمن نفوذ القوات المرتبطة مع إيران”.
وأضاف “لا أستبعد أن تكون لعبة روسية لايقاع المزيد من الخسائر بصفوف الميليشيات الإيرانية مع توالي الضربات الإسرائيلية التي تستهدف هذه الميليشيات في سوريا، لا سيما الجنوب، بشكل شبه أسبوعي”.
وحاولت “المدن” الحصول على تعليق من ممثلي اللجان المركزية حول الاتفاق الأخير، إلا أن جميع من تواصلت معهم من قادة هذه اللجان فضلوا عدم الإدلاء بأي تصريح، ما يؤكد الشعور بعدم الرضى الشعبي على هذا الاتفاق، الذي علمت “المدن” أنه جاء تحت ضغط كبير تعرض له ممثلو الأهالي والفصائل في المنطقة، وتهديدات مباشرة بتنفيذ اقتحام واسع من قبل النظام والميليشيات الإيرانية لريف درعا الغربي. ونقل ناشطون عن قادة في اللجان المركزية أن الاتفاق الأخير يمثل حلاً وسطاً كان أفضل ما أمكن التوصل إليه في ظل تملص الجانب الروسي من تعهداته السابقة واكتفائه بلعب دور الوسيط.
المصدر: المدن