حلب:منكوبو الزلزال يعيشون في المقابر..والدولة ليس لديها بدائل سكنية

منصور حسين

رغم حجم المساعدات الضخم الذي تلقاه النظام السوري خلال الأيام الماضية، وتأكيداته على تأمين مساكن للمتضررين من الزلزال الذي ضرب مناطق سيطرته، إلا أن عدداً كبيراً من العائلات لا يزال تعيش في المقابر، في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية بتقديم المساعدات للمنكوبين، ما يجعلهم عرضة للأمراض والأوبئة.

وبينما كان رئيس النظام السوري بشار الأسد يتحدث في كلمة مسجلة نشرت ليل الخميس، عن تأمين مؤسساته بدائل سكنية للمتضررين من الزلزال، كانت عشرات العائلات التي فقدت مساكنها أو من تم إجلاؤها من منازلها من قبل فرق الكشف الهندسية (لجان السلامة العامة) في مدينة حلب تفترش المقابر.

الحلبيون يفرون إلى المقابر

ونشرت صفحات محلية موالية صوراً وتسجيلات مصورة لعشرات العائلات المشردة من رجال ونساء وأطفال، يقيمون في مقبرة حي الصالحين جنوب مدينة حلب التي تحولت إلى ملاذهم الوحيد بعد تركهم من قبل مجلس المحافظة والمؤسسات الإغاثية من دون بدائل سكنية.

وناشد ناشطون موالون المؤسسات المعنية بتقديم المساعدات، للالتفات إلى أوضاعهم، خصوصاً وأن معظم هذه الأسر تعيش تحت أغطية حوّلوها إلى خيام من خلال ربطها بشواهد القبور، وفرشوا بعض الأقمشة البالية تحتهم للحماية من الصقيع.

وأشار الناشطون إلى ضرورة توفير الاحتياجات الأساسية من خيام وبطانيات، فضلاً عن مستلزمات الأطفال من حليب مجفف وأدوية وغيرها، إضافة إلى الحاجة الماسة للوقود ووسائل التدفئة بعد أن تسبب انخفاص درجات الحرارة بمرض الجميع.

وكشفت مصادر محلية ل”المدن”، أن أعداد العائلات المقيمة في مقبرة الصالحين تتراوح بين 20 و30 عائلة، جميعهم من سكان المنطقة الذين هرعوا إلى العراء فور وقوع الزلزال ولم يعودوا إليها بسبب تضررها، وآخرين تم إخلاؤهم من قبل فرق الكشف الهندسية الجوالة عن الأبنية المتصدعة.

وتقول المصادر إن بعضاً من هذه الأسر غادرت المقبرة إلى منازل فارغة تعود لأقارب أو معارف لهم بطلب من قسم شرطة الصالحين الذي تدخل فور انتشار المقاطع المصورة، إلا أن الغالبية رفضت الخروج وما زالت تنتظر نقلهم إلى مساكن جديدة، لعدم توفر البديل ووضع إشارات على منازلهم من قبل لجان السلامة العامة على أنها ذات خطورة عالية.

مؤسسات النظام بلا فاعلية

مشاهد الأطفال والأسر بين القبور تطرح تساؤلات حول دور كل من مجلس محافظة حلب ومجلس مدينتها وتعاطيهم مع الكارثة الإنسانية التي أصابت المدينة التي تعتبر الأكثر تضرراً في مناطق سيطرة النظام.

واقتصر دور هذه المجالس على تقديم بعض الآليات خلال الأيام الثلاث الأولى، وإصدار التعاميم والتراخيص لعمل المنظمات والفرق المحلية في مساعدة المتضررين وتشكيل فرق هندسية للكشف عن المنازل الخطرة، وتحديد مراكز الإيواء المؤقت.

لكن مصدراً في مجلس محافظة حلب أكد ل”المدن”، أن المجلس يعاني منذ سنوات، من نقص المعدات وتخفيض مخصصاته من الوقود وغيرها من المصاريف بذريعة الحصار، فضلاً عن نقل الكثير من صلاحياته التي يفترض أن تكون من تخصصه لصالح مؤسسة الأمانة السورية للتنمية، وبالتالي تحوله إلى واجهة خدمية مهمتها تشريع بعض الأعمال وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بحسب قدراته.

ويشير المصدر إلى أن “الحكومة وحتى اللحظة لم تضع خطة في ما يخص تأمين بدائل سكنية للمتضررين”. ويوضح أن العمل الإغاثي وخاصة المتعلق بإجراءات الاستجابة الطارئة للمنكوبين في الزلزال من صلاحيات الأمانة السورية للتنمية التي تسيطر على هذا المجال بالكامل بصفتها الجهة المخولة باستلام المساعدات الأممية.

الأمانة السورية

ويوضح الاقتصادي يونس الكريم أن تشكيل الأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأخرس، زوجة رئيس النظام بشار الأسد، كان لثلاث أهداف متمثلة بالسيطرة على مؤسسات المجتمع المدني، واستغلال خلفية الأخرس الأوروبية للتحكم بالمساعدات باعتبارها منظمة مدنية، وأيضاً تهيئة المجتمع المحلي للتغيرات السياسية والاقتصادية التي تجري في مناطق سيطرة الأسد.

ويقول ل”المدن”، إن المساعدات التي تقدم إلى سوريا تقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول والأقل للمجتمع المتضرر، والثاني للأجهزة الأمنية وعناصر الجيش والموظفين في الأمانة السورية، ونسبته أكثر من 30 في المئة من المساعدات، والأخير يتم تسريبه إلى السوق لتحويله إلى قطع أجنبي في عملية تدوير ممنهجة.

وبحسب كريم وهو مدير منصة “اقتصادي”، فإن هناك أسباباً لتنازل المجالس والمؤسسات عن الكثير من أعمالهم لصالح المنظمة، تتمثل باستخدام ملف الإرهاب ضد كل من يحاول منافستها، إضافة إلى غياب الدور الواضح لعمل هذه المجالس، بالنظر إلى بيروقراطية العمل التي تربط المجالس بالعديد من الوزارات والأفرع المخابراتية، وبالتالي هذا التعدد يخلق ثغرة كبيرة تتحكم فيها أسماء الأسد فقط.

المصدر:المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى