تغير مستوى ونوع العرض بالسوق السورية، بعد انسحاب حكومة بشار الأسد، الأسبوع الماضي من تسعير المواد الاستهلاكية وترك التسعير للتجار وفق التكاليف وتبدل أسعار الصرف، ما أدى، بحسب مصادر من دمشق، إلى زيادة فوضى الأسعار وعرض منتجات “مشكوك بصلاحيتها” وتوزيع المؤسسة العامة الاستهلاكية أرز منتهي الصلاحية.
ويقول العامل السابق بوزارة الاقتصاد من دمشق محمد الشعراني إن مستوى الأسعار زاد بين 3 و5 آلاف ليرة للسلع الاستهلاكية المستوردة خلال أسبوع، مؤكداً لـ”العربي الجديد” استمرار نفاد سلع من السوق، بمقدمتها حليب الأطفال.
ويبيّن الشعراني خلال اتصال هاتفي أن سعر كيلو العدس الأبيض ارتفع من 11 إلى 14 ألف ليرة ووصل سعر كيلو العدس الأسود إلى 11 ألف ليرة، في حين طرأ الارتفاع الأكبر على الأرز، ليصل سعر النوع الجيد “صن وايت” 14 ألف ليرة ويقفز سعر كيلو الأرز المصري من 6 إلى 9 آلاف ليرة، وزاد سعر كيلو السكر عن 9 آلاف ليرة مع تراجع كبير بالعرض، مضيفاً أن سعر علبة التونا وصل إلى 9 آلاف ليرة وكيس الإندومي إلى ألفي ليرة.
سجلت الليرة السورية اليوم الأحد تراجعاً مقابل الدولار والعملات الرئيسية، ليصل سعر الدولار وفق موقع “الليرة اليوم” إلى 6700 ليرة
وارتفاع الأسعار الأكبر، بحسب المصدر نفسه، كان على مواد التنظيف، إذ سجل سعر كيلو المنظفات 10 آلاف ليرة، في حين لم يزد على 5 آلاف مطلع العام الجاري، وعلبة المحارم الورقية سجل سعرها 10 آلاف ليرة، معتبراً تفرد التجار بالتسعير وخلو صالات “السورية للتجارة” الحكومية من السلع فرصة إضافية للتجار لتحديد الأسعار وفق ما يرونه أسعار التكلفة وفق سعر الدولار.
وسجلت الليرة السورية اليوم الأحد تراجعاً مقابل الدولار والعملات الرئيسية، ليصل سعر الدولار وفق موقع “الليرة اليوم” إلى 6700 ليرة، في حين سجل الذهب أعلى سعر بتاريخ سورية، بعد أن وصل غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً، وفق المصدر نفسه، إلى 366 ألف ليرة سورية.
وطاول فلتان الأسعار، بحسب السوريين، السلع المنتجة محلياً والخضر والفواكه، ليسجل سعر كيلو الباذنجان 4 آلاف ليرة وكيلو زيت الذرة 20 ألف ليرة والبطاطا ألفي ليرة والخيار 3 آلاف ليرة، بحسب منشور على “فيس بوك” للإعلامي، صبري عيسى من دمشق، والذي قدر تكاليف وجبة “المقالي” بنحو 30 ألف ليرة وتكاليف إفطار الشخص الواحد 6 آلاف ليرة “سعر الرغيف السياحي 400 ليرة سورية”.
وبحسب متابعة “العربي الجديد” فقد تبيّن ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية بأكثر من 10% خلال أسبوع ليسجل سعر البيضة الواحدة اليوم الأحد 1000 ليرة سورية وسعر كيلو اللبن “زبادي” 3800 ليرة، بعد أن سجل سعر كيلو الحليب 3600 ليرة سورية الذي انعكس على أسعار الجبنة الشلل والحلوم التي سجلت اليوم 42 ألف ليرة سورية. في حين وصل سعر كيلو الفروج الحي إلى 18 ألف ليرة وسعر الفروج المشوي إلى 50 ألف ليرة سورية، ليتفاوت سعر كيلو لحم الخروف بين 50 و60 ألف ليرة حسب مصادر خاصة من دمشق.
وفي حين يعزو رئيس جمعية اللحامين إدمون قطيش ارتفاع أسعار اللحوم إلى زيادة في أسعار الأعلاف والمحروقات، حيث وصل سعر طن الصويا إلى 8 مليون ليرة، موضحاً خلال تصريحات أن دخل المواطن لا يسمح له بشراء اللحمة.
وصل سعر كيلو الفروج الحي إلى 18 ألف ليرة وسعر الفروج المشوي إلى 50 ألف ليرة سورية
ويحذر المدير العام للمؤسسة العامة للدواجن سامي أبو دان من وضع أسوأ لقطاع الدواجن في سورية ما لم تكن هناك حلول لارتفاع كلف الإنتاج، موضحاً خلال تصريحات اليوم أن المؤسسة العامة للأعلاف لم تعد قادرة على تغطية أكثر من ربع احتياجات مؤسسة الدواجن، علماً أنها كانت تغطي احتياجاتها بنسبة 100% عدا الفروج المحبب الذي لا تنتجه المؤسسة، الأمر الذي يتطلب تأمين 75 بالمائة من العلف من القطاع الخاص الذي يبيع بأسعار مرتفعة جداً.
بدوره، نسب أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة سبب ارتفاع أسعار اللحوم إلى السماح بالتصدير، وتصدير ما يقارب 200 ألف رأس، والتهريب وارتفاع كلف الأعلاف والنقل وقلة المراعي الخضراء.
ويضيف حبزة خلال تصريحات أن ارتفاع الأسعار كان واضحاً خلال هذه الفترة على الرغم من قلة الطلب على المادة نتيجة تدني القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، لافتاً إلى أن بعض المحال تبيع كيلو الهبرة بـ 60 ألف ليرة، والهبرة بنسبة دهن 10 % يباع بـ50 ألف ليرة والمسوفة 40 ألف ليرة.
ويقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية أسامة قاضي إن ما تعانيه السوق السورية اليوم، من فوضى وارتفاع أسعار، “يعكس بدقة وضع الحكومة والنظام”، مرجعاً السبب الرئيس إلى ارتفاع الأسعار لتهاوي سعر الليرة وترك التسعير للتجار وفق التكلفة واحتساب سعر الدولار على نحو 10 آلاف ليرة سورية.
ويؤكد الاقتصادي السوري أن المستهلك وقع اليوم “فريسة” لتجار النظام، لتزيد نسبة الفقر وعدم القدرة على تأمين القوت اليومي، بواقع دخل لا يتجاوز 100 ألف ليرة وإنفاق شهري للأسرة بنحو 4 ملايين ليرة سورية.
ويشير قاضي خلال تصريحه لـ”العربي الجديد” إلى أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية سبب مهم ورئيس بارتفاع الأسعار، كما أن حصر الاستيراد بمجموعة محددة من التجار جعلهم يتحكمون بالعرض ويمارسون الاحتكار بغطاء حكومي على حسب وصفه، مؤكداً ضرورة عودة التسعير الحكومي ليتمكن المراقبون والمستهلكون من معرفة حدود السعر واكتشاف مدى التلاعب ورفع الأسعار.
أسامة القاضي: المستهلك وقع اليوم “فريسة” لتجار النظام، لتزيد نسبة الفقر وعدم القدرة على تأمين القوت اليومي
من جهته، يقول مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، نضال مقصود، إنه لا يجب أن يترك أمر التسعير في يد المنتج دون متابعة يومية وآنية من قبل الوزارة، واعداً خلال تصريحات اليوم بأن الاجتماع القادم للجنة التسعير سيركز على نسب الأرباح الموضوعة للمنتج لتكون متناغمة مع القدرة الشرائية، لأن خطوة توقف نشرات التسعير “لا ينطبق عليها ما يسمى بتحرير للأسعار لا من قريب ولا من بعيد”.
وفي حين لا يوجد أي تقدير رسمي عن مستوى تضخم الأسعار بسورية، أصدر “المركز السوري لبحوث السياسات” أخيراً، تقريراً تضمّن مؤشّراً مركّباً لرصد وتحليل أسعار المستهلك، التضخم، وتكاليف المعيشة المحافظات السورية.
وسجل التضخم بحسب المركزي، بين أكتوبر/ تشرين الأول 2020 حتى يونيو/حزيران 2022، نسبة 113.6% في عام 2020، و110.90% في عام 2021. أمّا خلال النصف الأول من العام الماضي، فقد سجّل معدّل التضخّم، ومقارنة مع 2021، ارتفاعاً نسبته 55.71%.
لكن التضخم الأكبر بالأسعار، بحسب المستشار أسامة قاضي، كان بعد رصد “مركز البحوث والسياسات” أن تهاوي الليرة كان خلال الشهر الأخير من العام الماضي، وامتد، مع تذبذب بسيط، حتى اليوم، مقدراً الحد الأدنى للتضخم خلال العام الماضي بـ 150%، مشيراً إلى أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار مطلع العام الماضي لم يزد عن 3600 ليرة في حين تعدى الدولار 7 آلاف ليرة مطلع العام الجاري، قبل أن يتحسن قليلاً، ليسجل اليوم 6700 ليرة مع طلب زائد على الدولار وعدم توفره بالسوق، كما يقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية.
المصدر: العربي الجديد