على أبواب انعقاد الدورة السادسة للملتقى || مهام مستقبلية

أحمد مظهر سعدو

تنعقد الدورة السادسة (لملتقى العروبيين السوريين) في ألمانيا، خارج أسوار كل جغرافيا الوطن العربي الكبير، وبعيدًا عن الوطن السوري الغارق في آلامه وأحلامه، وتغول القمع والإرهاب الفاشيسستي الأسدي النازل فوق رؤوس البلاد والعباد، والمخطوف قسرًا من قبل عصابات (الهاغاناه الأسدية) التي تلعب الدور الوظيفي أمام نظر وسمع (العالم الحر)، ووسط تخلي النظام العربي الرسمي في كليته عن مهامه الإنسانية والسياسية أيضًا تجاه السوريين، وهم جزء لايتجزأ من بلاد العُرب أوطاني.

في إحدى بلدات ألمانيا تلتقي ثلة من السوريين العرب العروبيين القابضين على الجمر، والذين ماانفكوا مدافعين عن الوطن والعروبة، في مواجهة الطاغوت الطغياني الأسدي. وهم يلتقون ضمن ظروف إقليمية ودولية دراماتيكة لم يعرف الواقع الحديث لها مثيلًا، والمهام أمامهم كثيرة ومتعددة والسياقات جد واسعة، والإمكانيات محدودة، فهل تستطيع هذه القلة المؤمنة بالله وبعروبتها إنجاز المطلوب وإعادة صياغة مسارات العمل وفق خطة محددة ومرسومة تكافح بحق لإنجاز المشروع القومي العربي الديمقراطي، الذي طال انتظاره بعد ان انقضَت عليه قوى النهب والفساد والإفساد النظمي، وحاربته قوى التعصب والشوفينية، وعملت على تجميده كل قوى الشر الداخلي والخارجي.

المهام كثيرة والأعمال طويلة وشاقة، ليس أولها مسألة إعادة تموضع البوصلة إلى مكانها الصحيح حيث لا عروبة أبدًا مع نظام القتل الأسدي، ولا عروبيين يمكن أن يفكروا بالتحالف أو التساوق مع دولة الاحتلال الفارسي بمشروعها الكولونيالي الفارسي الذي بات يهدد المنطقة العربية برمتها. اتجاهات البوصلة لابد أن تكون واضخة وضوح الشمس، فمن لم يكن ضد ارتكابات المقتلة الأسدية، وضد طغيانها الفاشسيستي، وفي مواجهة المشروع الكولونيالي الفارسي الذي تجاوز في خطورته المشروع الصهيوني أو يوازيه، من لم يع دور دولة الملالي ونظام القمع الأسدي ودوره الأكثر سوءً وفجورًا، فلن يكون بإمكانه الانتماء إلى العروبة الديمقراطية الحقة.

كما أن الارتدادات اللاديمقراطية لدى البعض، والابتعاد عن التفكير الحرياتي الجدي، وعدم وعي أهمية إعادة صياغة الفكر القومي الديمقراطي وفق معطيات العصر الحديث، لايمكن أن يكون له أي مستقبل أو دور، لقد عبرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتجاوز الزمن الكثير من المتغيرات التي كان قد طرحها الفكر القومي العربي، وباتت المسارات والمحددات مختلفة ومتمايزة، لذلك كان لابد من الصراحة والجرأة في إعادة العمل وفق المتغيرات الحداثية، واستيعاب كل هذه المعطيات المتدحرجة والمتغيرة،  فلا زمن يمكن أن يقف عند مرحلة أو حدود، ولعل من طبيعة الحياة أن تحصل المتغيرات، وتتساوق مع جملة الوقائع العصرية الحديثة، ومن ثم فإنه لم يعد مقبولًا ولا معقولًا الوقوف عند حدود مرحلة مضت وانقضت، ولا غرو أن أن إعادة النظر  بالتفكير السياسي والأيديولوجي ضرورية ومهمة، لأهمية أن  نبقى فكريًا ومشروعيًا على قيد الحياة وقيد المستقبل.

النقد والنقد المزدوج طريق للاستيعاب، ولابد من المضي على هديه، ووعي الذات كما وعي الموضوع مسألة في غاية الأهمية، وامتلال الفكر السياسي الحديث والمنطلق من وعي مطابق لحيواتنا المتغيرة، بات مسألة حياة أو موت، وسط تغول كبير وخطير يحاول أن يطال جل المسألة العروبية والقومية بكليتها المعرفية والسياسة، وتلك النخب الهشة والآفلة والتي علاها الصدأ،  لابد أن يتجاوزها الزمن، وجيل الشباب هو عهدة المستقبل ومحركه بكل مايحمل من تغير نظري وعملي يجاري ديناميات التقدم التقني والفكري المعولم في كل الاتجاهات وضمن كل المفاعيل.

فهل يستطيع مؤتمر( ملتقى العروبيين السوريين) المنعقد اليوم في ألمانيا الامساك بجل حيثيات هذه المهامم، وهل يستطيع الفكر القومي العربي الديمقراطي ابن ثورة الحرية والكرامة، الخروج من حالة الستاتيك التي وصل إليها، ونفض كل تلك الغبار عن كاهله متوجهًا إلى المستقبل بوعي وإدراك علمي، ديدنه في ذلك العروبة المتحررة الصافية والمنفتحة على الجميع، بلا تعصب ولا ضياع، بل بوعي علمي متمكن وقادر على إحداث عمليات التجاوز المطلوبة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى