ألمانيا وتركيا والصراع بينهما على المسلمين الأتراك في ألمانيا!

ملخص تنفيذي:

تعمل الدولة الألمانية على المدى الطويل؛ حتى يكون مواطنوها المسلمون من أصل تركي ألمانًا بالدرجة الأولى، هذا هو الهدف المركزي للاندماج أوربياً، ولكن هذا التوجه يصطدم بسياسة المنظمات الإسلامية بألمانيا التابعة لحكومة أنقرة، حيث توجّه أفرادها أكثر للولاء لتركيا، وازدادت مساعي هذه المنظمات بربط المسلمين في ألمانيا بالسياسة التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية في تركيا للسلطة، ووصلت في مساعيها الذروة غداة الانقلاب الفاشل الذي دفع بأردوغان إلى التخلص من معارضيه في مؤسسات الدولة، ويبدو أن هذه السياسة طالت المنظمات التركية الإسلامية في الخارج أيضاً.

ونتساءل: ما أسباب الصراع على المسلمين الألمان من أصول تركية؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه من خلال المحاور التالية:

  • المدخل
  • الأتراك في ألمانيا هم الأقل اندماجاً بالمجتمع الألماني!
  • الاتحاد التركي للشؤون الدينية؛ لم يعد شريكا موثوقاً للألمان!
  • مسلمو ألمانيا الأتراك بين المطالب السياسية التركية والألمانية!
  • الصراع على التعليم الديني في ألمانيا بين تركيا وألمانيا!
  • ميللي غوروش” وتجربة الإسلام السياسي
  • الخلاصة

المدخل

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات يعدُّ أوروبا مجاله الحيوي؛ ويتعامل معها على أنها ساحته الخلفية، وبرزت هذه السياسة بشكل كبير بعد اتفاق الهجرة الموقع بين بروكسل وأنقرة؛ الذي أوقف تدفق اللاجئين عبر دول البلقان.

هذا الاتفاق أثبت نجاح استراتيجية الابتزاز السياسي، وبناء عليه بدأ أردوغان يولي مسألة تجنيد المغتربين أهمية خاصة، لاستخدامهم في ابتزاز الاتحاد الأوروبي.

ومن الطبيعي أن تجد ألمانيا نفسها في الواجهة لاحتضانها نحو 4 ملايين تركياً، وألمانيا هي الدائرة الانتخابية الرابعة من حيث الحجم في تركيا، وتعطي تصريحات أردوغان اليوم انطباعاً بأنه الآمر الناهي بما يخص المواطنين الألمان من أصل تركي هناك، فمرةً يطالب بـ”تحليل دم النواب الألمان من أصل تركي للتحقق من أصولهم”، بعدما صوتوا لمصلحة الاعتراف بالإبادة الأرمنية، وتارةً يدعو مواطنيه هناك إلى إنجاب خمسة أطفال لأن “المستقبل لهم”، في تلميحاتٍ إلى حرب ديموغرافية، وأخرى يصفهم بـ “أشقائي المقيمين في ألمانيا” رافضاً الاعتراف بأنهم مواطنون في بلدهم الثاني.

الأتراك في ألمانيا هم الأقل اندماجاً بالمجتمع الألماني!

يقول معهد برلين للسكان والتنمية إن المهاجرين الأتراك هم الأقل اندماجاً في المجتمع الألماني. ويرجع بعض الساسة الألمان سبب فشل سياسة الاندماج إلى أن بعض الدول لا تريد لمواطنيها الاندماج الكامل في بلادهم الجديدة، حتى لا تنقطع صلتهم ببلدهم الأصلي، لأسباب اقتصادية؛ باعتبارهم أحد مصادر دخل تلك البلدان بسبب ما يرسلونه من تحويلات مالية إليها؛ أو ما ينفقونه خلال زياراتهم لوطنهم الأم.

ومع ازدياد الخلافات والأزمات بين تركيا والإتحاد الأوروبي، يحذر متابعون من أن تسييس الجمعيات الدينية الإسلامية لصالح تركيا؛ من شأنه تعميق العزلة بين المسلمين وغير المسلمين في ألمانيا، ويدور النزاع على مستويين أحدهما لا يخفى على أحد، حيث كان من المستحيل تجاهل تهديدات الرئيس التركي أردوغان المتكررة بقيام أوروبا بالممارسات النازية، بينما كان الآخر خفيًا يشمل التدخل التركي طويل المدى بالمؤسسات الدينية الإسلامية التي تتعامل مع الأتراك في أوروبا.

توجد في ألمانيا اليوم ثلاث جمعيات إسلامية كبيرة مقربة من حزب العدالة والتنمية التركي، وبعضها يحصل بشكل مباشر وعلني على الدعم المادي والسياسي من أنقرة، أكبر هذه المنظمات هو الاتحاد التركي للشؤون الدينية “دي تيب”، التابع لهيئة الشؤون الدينية في تركيا “ديانات” ومركزها أنقرة[1]

ومن ثم تأتي منظمة “ميللي غوروش” (بالتركية: Milli Görüş)‏، التي تمثل مصالح الإخوان المسلمين، وتعمل جنباً إلى جنب مع المنظمة الثالثة التي تحمل اسم “اتحاد الأتراك الأوروبيين الديموقراطيين” التي توصف بأنها “أداة تنفيذ سياسته في أوروبا”. [2]

الاتحاد التركي للشؤون الدينية؛ لم يعد شريكا موثوقاً للألمان!

تأسس الاتحاد التركي للشؤون الدينية “دي تيب”، التابع لهيئة الشؤون الدينية في تركيا “ديانات” ومركزها أنقرة، بمدينة كولونيا عام 1984، يدير الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية مجلس إدارة يتكون من رئيس وستة أعضاء، ويضم الاتحاد لجنة استشارية دينية، ويعقد اجتماعاً عاماً سنوياً.

وتشير المنظمة في موقعها الرسمي إلى أنها تهدف إلى تطوير وتقديم الخدمات الدينية؛ وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافة؛ والنهوض بالتعايش بين الناس من مختلف الأديان والثقافات، كما أنها تعمل على تنسيق الأنشطة الدينية والاجتماعية والثقافية للجمعيات المنضوية تحت لوائها في ألمانيا.

وبحسب الموقع تعمل “دي تيب” على تنسيق وتطوير جهود إدماج المسلمين في البلديات الألمانية، وتشجيع تَعَلّم المهاجرين اللغة الألمانية، ورعاية وتطوير المساجد وأماكن العبادة، فضلاً عن النهوض بالرياضة والعمل الشبابي والأنشطة الموجهة لكبار السن.

تضم “دي تيب” في عضويتها 930 جمعية بعدما كان العدد لا يتعدى 135 جمعية فقط عند تأسيس المنظمة، والجمعيات المنضوية تحت لواء الاتحاد مستقلة عنها قانونياً ومالياً، لكنها تشترك معها في الأهداف.

 وتشرف على (900) مسجداً في ألمانيا، تتوزع على الولايات الألمانية الـ 16، وترسل الدولة التركية أئمة ومدرسي التعليم الديني إلى المساجد التي تشرف عليها “دي تيب” وتدفع رواتبهم. ويشارك الاتحاد وزارات التربية في عدد كبير من الولايات الألمانية بالإشراف على تدريس حصص الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين بالمدارس الحكومية[3]

ولسنوات كان اتحاد “دي تيب” يُعتبر بالنسبة إلى السلطات الألمانية أهم شريك في قضايا الحوار مع الأقلية المسلمة والاندماج واستفاد من دعم حكومي. إلا أنه بسبب أحداث السنوات الماضية تدهورت هذه السمعة! وفي عام 2018 تم تقليص أموال الدعم لدي تيب بقوة. فقد حصل الاتحاد خلال 2017 على نحو 1.5 مليون يورو من الدولة، قابلها 300.000 يورو فقط هذه السنة.

مسلمو ألمانيا الأتراك بين المطالب السياسية التركية والألمانية!

حول التغييرات التي طالت آلية عمل “دي تيب” بعد تحول حزب العدالة والتنمية إلى قوة مسيطرة في تركيا، يشرح “كِرِم أوكتم” المحاضر في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد: إن “دي تيب” تأسست بهدف استعادة ميل الجاليات التركية نحو تركيا؛ من خلال إسلام دولة ذات توجه كمالي، نسبة إلى الرئيس العلماني مصطفى كمال أتاتورك.

وبهدف إبعاد حركة “ميللي غوروش” التي كانت تعتبر في تركيا معادية للدولة، ولكن في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، ضاقت الفجوة بين إسلام الدولة وحركات الإسلام السياسي، إذًا لم يكُن هناك تلاقٍ بين “دي تيب” وحركة “ميللي غوروش” في السابق. أما اليوم فالعلاقة أكثر انفتاحًا بكثير، حيث تنظم دي تيب احتفالات كبيرة مثل عيد المولد النبوي؛ وتدعو إليها جميع المنظمات الإسلامية التركية الأخرى. [4]

وكانت ثقة الحكومة الألمانية بدي تيب وحاجتها إليها نابعة بالأصل من الرغبة في تعزيز إسلام معتدل بعيد عن التطرف، وهو ما كانت تمثله مؤسسة ديانات في أنقرة، التي دافعت عن تفسير معتدل للإسلام، وحظيت بتقدير غالبية الشعب التركي، قبل أن تغير طريقة عملها المتحفظة، لاسيما تحت حكم أردوغان الذي خصص ميزانية سنوية لها؛ تتجاوز مليار يورو، وهي بحسب مصادر مطلعة أعلى من ميزانية وزارة الداخلية.

بعد الفوز الذي حققه أردوغان في الانتخابات الأخيرة، وفي أعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016، أخذت السياسة التركية حيال المغتربين منحى أكثر تشدداً، فقبل ذلك كان من الممكن ملاحظة شيء من الاستقلالية في تحركات “دي تيب” نابعة من خصوصية العيش في ألمانيا، فهناك جيل كامل؛ نشأ وتربى في ظل الثقافة الألمانية، ولم يكن من المفيد بالنسبة لأنقرة إغلاق الأبواب بوجهه بشكل كامل، وكان هناك جزء من جماعات المساجد مرتبط أكثر بالمستوى الشعبي في ألمانيا.

فعلى سبيل المثال، كان مسجد “سيهتليك كاميي” في برلين، موضعًا لتجربة حذرة، ولكنها تقدمية تمامًا حيث بدأ إمام المسجد الشاب “أندر سيتين” وهو مواطن من نيوكولن من أصل تركي بفتح منزل العبادة للزوار غير المسلمين، بعقد ندوات مفتوحة أيام السبت، وبدأ بالحوار العام مع حاخامات يهود وقساوسة مسيحيين، وهو ما اعتبره أنصار الاندماج مبادرة مثالية لخفض الفجوة المتداخلة بين مسلمي ألمانيا وغيرهم من الألمان.

وكان “سيتين” ضمن جيل جديد من رجال الدين المسلمين في جميع أنحاء ألمانيا؛ الذين سعوا إلى إدخال الجالية المسلمة التركية في نسيج ألمانيا. وبالفعل تواصلوا مع وسائل الإعلام الألمانية؛ وعملوا في المدارس الحكومية الألمانية لتدريس الصفوف الدينية للتلاميذ المسلمين؛ حتى أن بعضهم تطرق إلى مواضيع فائقة الحساسية مثل المثلية الجنسية.

ولكن هذه الواجهة الدينية المنفتحة توقفت فجأة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حيث أدت إلى شن حملة عبر تركيا وصلت إلى ألمانيا. ووجد “سيتين” وحلفاؤه أنفسهم يواجهون غضب المديرية التركية للشؤون الدينية، التي أوقفت مجلس إدارة” سيهتليك كاميي” بالكامل واتُهموا باتباع “فتح الله غولن” السياسي المنفي الذي حمله أردوغان مسؤولية الانقلاب.

وخضع الدور المتغير لديانات والاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية لتدقيق قاسٍ في أعقاب محاولة الانقلاب، ولم يقتصر الأمر على الإطاحة بالأئمة الاصلاحيين، بل تم القبض على الواعظين الموالين لأردوغان متلبسين من قبل أجهزة الاستخبارات الألمانية، وقدموا قوائم بمشتبه فيهم من أنصار غولن للسلطات التركية. [5]

ورأت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية أن هذه التقارير تثبت مدى نفوذ أردوغان بالمجتمع الألماني؛ وأن أحد أهدافه هو تقسيم المجتمع التركي في الخارج إلى حلفاء وأعداء للنظام، وأن الرئيس اردوغان يستخدم الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية كجزء مهم من شبكة التحكم في الأتراك المغتربين من أجل أهدافه الخاصة.

وكان الاتحاد التركي الإسلامي قد تعرض لانتقادات واسعة في الشارع الألماني بسبب إقامته فعاليات داخل المساجد التابعة له في مدينة هيرفورد، لإحياء ذكرى معركة “جاناق قلعة”، عبر مسرحية لبس فيها الأطفال زيًا عسكريًا تركياً، وقدم لهم سلاحًا بلاستيكيًا.

وأخذت الاتهامات السياسية والإعلامية الألمانية لـ “دي تيب” منحى تصاعدياً، وتطورت من اتهام الاتحاد بالخضوع للسياسة الحكومية التركية، إلى إعلان الحكومة الألمانية تجميد دعمها المالي، بقيمة مليون يورو لثلاثة مشروعات اجتماعية يساهم فيها الاتحاد التركي، من بينها مشروعان لوقاية الشبيبة من التطرف والعنف وإغاثة اللاجئين.

وفي الفترة السابقة حصل تطور سلبي إضافي، إذ كشفت وسائل إعلام ألمانية في نهاية أيلول 2018 أن جهاز الاستخبارات الألمانية يدرس على ما يبدو وضع “دي تيب” تحت المراقبة. كما جمدت ولاية هيسن تعاونها مع الاتحاد بتدريس التربية الإسلامية بمدارس الولاية، فيما جمدت حكومة سكسونيا السفلى مشروعاً؛ تشارك فيه “دي تيب” للاعتراف الرسمي بالإسلام بالولاية.

من جانبها وزارة الداخلية الألمانية بدأت باتخاذ إجراءات من أجل أن يكون الاتحاد الإسلامي التركي مستقلاً عن تركيا، وأكد مستشار وزارة الداخلية الألماني السابق “ماركوس كيربر” أنه على المسلمين من أصول تركية المقيمين في ألمانيا تنمية معاييرهم وقيمهم وفقًا لنمط الحياة التي يعيشونها، وكذلك تنشئة رجال الدين التابعين لهم بأنفسهم، قائلًا: “هذا الأمر من الممكن ألا تروق لأنقرة، وقد يفتح المجال أمام المشكلات، ولكننا سنقاوم ذلك”. وفي إشارة منه إلى الاتحاد الإسلامي التركي التابع لهيئة الشؤون الدينية التركية، قال كيربر: “لقد وقفنا متفرجين على توصيات القوى الخارجية للمسلمين في ألمانيا وكيفية معيشتهم”.

الصراع على التعليم الديني في ألمانيا بين تركيا وألمانيا

تحاول “ديانات” اليوم احتكار تدريس الفقه الإسلامي في ألمانيا، وهي لا ترغب بتعيين أساتذة الفقه دون التعاون مع الإدارة الدينية من دون التعاون معها، فمن وجهة نظر “ديانات” هناك خطر من أن يزداد في ألمانيا نفوذ شكل من أشكال الإسلام، يقلِّل من مراعاة العنصر التركي. وهذا ليس في مصلحة منظمة تابعة للدولة التركية؛ تودُّ أنْ تمنح المواطنين في بلاد المهجر الشعور بأنهم أتراك أيضًا. [6]

وحقيقة أن دي تيب لم تعد منذ مدة شريكاً نموذجياً في قضايا الاندماج، واتضح هذا أكثر خلال زيارة أردوغان الأخيرة إلى ألمانيا، حيث افتتح المسجد المركزي في كولونيا، وهناك تبين كيف أصبح أردوغان والاتحاد الإسلامي التركي منعزلين في ألمانيا، فرئيس وزراء ولاية شمال الراين “آرمين لاشيت” الذي استقبل أردوغان لدى وصوله في المطار، لم يحضر مراسم الافتتاح، لم يشارك فيها أيضًا رئيس بلدية كولونيا ولا أي ممثل سياسي عن المدينة. وكان الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية قد شكل لجنة تتكون من الشخصيات البارزة في المدينة والسياسيين الداعمين لإنشاء المسجد.

ليس السياسيون فحسب، ولكن الزعماء الدينيين في مدينة كولونيا ذات التقاليد الكاثوليكية، والتي فيها واحدة من أعرق وأعظم الكاتدرائيات في ألمانيا؛ قرروا الابتعاد عن مراسم افتتاح المسجد، وقد قاطعت المنظمات الاجتماعية الأخرى أيضًا مراسم الافتتاح.

“ميللي غوروش” وتجربة الإسلام السياسي

تأسس التجمع الإسلامي (Milli GörüS e.V)، في مدينة كولونيا الألمانية عام 1986 وذلك باتحاد عدة جمعيات واتحادات اسلامية تركية. ويسيطر ويدير 300 مسجداً وجمعية واتحاداً نسوياً وشبابياً إسلامياً. ويندرج في عضويته 27000 عضواً، والتجمع متهم من قبل دائرة حماية الدستور الألماني بسعيه الى تطبيق نظام “الشريعة الإسلامية” في ألمانيا، وبصلات واضحة مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ومع الأحزاب الإسلامية في تركيا.

ومنذ استلام “محمد صبري أربكان”، ابن شقيق رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان، رئاسة التجمع في 2001 فإن هناك سعياً واضحاً للتدخل في حياة الجاليات الإسلامية في ألمانيا، ودفعها نحو العمل السياسي من وجهة نظر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

 ويقول الباحث “أودو أولفكوته” لدي معلومات موثقة؛ اطلعت عليها لدى دائرة حماية الدستور تفيد بأن التوجه الجديد للمنظمة تحت رئاسة أربكان هو دفع المسلمين لنيل الجنسية الألمانية، ليس بغرض الاندماج، ولكن بهدف تأسيس حزب إسلامي في النهاية، يهدف إلى أسلمة ألمانيا وتطبيق الشريعة الإسلامية فيها.

كما أنّ هناك حديث عن علاقة هذا التجمع بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 2002. ويصدر التجمع مجلة دعويّة باسم (Mili Gazete) وهي تدعو المسلمين وأنصار الجمعية إلى الحصول على الجنسية الألمانية للمشاركة في الحياة السياسية؛ وتفعيل الأفكار التي يدافع عنها التجمع.

وتراقب دائرة حماية الدستور الألماني التجمع؛ وتقول: إن أكثر من 300.000 مسلماً يعيشون في أوروبا يزورون الجوامع والجمعيات التي يديرها التجمع سنوياً. وتعتبر السلطات الألمانية هذا التجمع من أكبر المنظمات الإسلامية العاملة في الساحة الألمانية من التي تعمل على نشر الإسلام السياسي بين الجاليات المسلمة من اجل تحقيق اهداف سياسية وإيديولوجية.

لم تتضح بعد تأثيرات الخلاف المستجد بين نجم الدين أربكان وأردوغان على تعاون ميللي غوروش مع دي تيب في ألمانيا، ولكن تشير التقارير الإعلامية إلى تشاركهم في الكثير من الفعاليات.

يصنف اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين (UTED) من ضمن منظمات المجتمع المدني في أوروبا، ويقع مقره الرئيسي في مدينة كولونيا غربي ألمانيا، وافتتحه عام 2005، رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان، والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، وله فروع في عدد من الدول الأوروبية. وللاتحاد مكاتب في دول أوروبية مختلفة ويتركز نشاطه في ألماني، حيث يمتلك فيها وحدها 46 فرعاً. ويعمل كممثلٍ للرئيس التركي وحزبه ويحشد الناخبين له وينظّم زيارات لقيادات “العدالة والتنمية” والحكومة. [7]

الخلاصة:

في الوقت الذي تريد الحكومة الألمانية أن يكون المسلمون الأتراك من حاملي الجنسية الألمانية ألماناً بكل ما تعنيه الكلمة؛ تصرُّ الحكومة التركية الأردوغانية أن تجعل من ولائهم أولاً لتركيا أردوغان؛ لتستخدمهم سياسياً لمصالح بلدهم الأصلي؛ وهذا ما يزعج الحكومة الألمانية كثيراً.

وتعمل السياسة وخلافاتها بين البلدين؛ على تسيس الدين؛ واستغلاله لمصالحها؛ وإذا كان هذا الأمر يبدو طبيعياً للحكومة الألمانية، فإنه يبدو غير ممكن ولا مستحب لدى الحكومة التركية التي تريد أن تجعل ولاء الأتراك الألمان لتركيا أولاً؛ ولمشروع إسلاموي أردوغاني؛ وهذا من أهم أسرار التخوف الألماني من سطوة أردوغان على تلك المنظمات الإسلامية التي تتبع بشكل أو آخر لتركيا.

وما بين الطرفين تذهب روحانية الدين وأخلاقيته ضحية المصالح السياسية، فمتى تتوقف السياسة عن استخدام الدين؟

مراجع

[1] دي تيب منظمة إسلامية بألمانيا تتهم بالتبعية لأنقرة

[2] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%84%D9%8A_%D8%AC%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%B4

[3] أردوغان والاتحاد الإسلامي التركي “دي تيب” يليقان ببعضهما

[4] ما هي إستراتيجية ألمانيا لمواجهة خطر جماعة الإخوان؟

[5] كيف يستخدم أردوغان شبكة دولية من الأئمة ورجال الدين لضمان “الولاء”؟

[6] وقف الديانة التركي هو عبارة عن مؤسسة حكومية تركية تهتم بالتنمية الدينية والاجتماعية والثقافية لأفراد المجتمع، وتقدم المساعدات الانسانية داخل تركيا وخارجها في مناطق الحروب والكوارث والأزمات، بغض النظر عن اللغة والدين واللون والجنس.

[7] https://www.turkpress.co/node/44982

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.

 

المصدر: مركز أبحاث ودراسات مينا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى