تضاربت الأنباء حول طبيعة ما جرى، مساء أول من أمس السبت، في قاعدة العمر العسكرية، أكبر قواعد التحالف الدولي في شرقي سورية، إذ أكدت شبكات إخبارية محلية أن مليشيات إيرانية، تسيطر على الجانب الأكبر من محافظة دير الزور، قصفت القاعدة، بينما أشارت مصادر محلية أخرى إلى أن التحالف كان يجري تدريبات.
وذكرت شبكات إخبارية محلية، ومنها “دير الزور 24″ و”فرات بوست”، أن قصفاً صاروخياً وصفته بـ”المجهول” استهدف قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي، الواقع في ريف دير الزور الشرقي، شمالي نهر الفرات، والذي تسيطر عليه “قوات سورية الديمقراطية” (قسد).
وأشارت إلى أن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ردت على مصادر النيران في مدينة الميادين، في شرق مدينة دير الزور. ورصدت تحليقاً للطيران الحربي التابع للتحالف الدولي فوق مناطق سيطرة “قسد” بمحافظة دير الزور، بُعيد القصف.
في المقابل، شككت مصادر محلية في استهداف قاعدة العمر من قبل المليشيات الإيرانية، مؤكدة أن ما جرى هو تدريبات عسكرية اعتيادية لقوات التحالف. وأشار الناشط الإعلامي عهد الصليبي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن التحالف الدولي أجرى تدريبات على نظام إطلاق صواريخ وصلت حديثاً إلى القاعدة، وأُطلقت 3 صواريخ باتجاه بادية دير الزور الشمالية.
دوي انفجارات في حقل العمر
وفي السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن انفجارات دوت في حقل العمر النفطي في ريف دير الزور، مشيراً إلى أنه “سُمعت أصوات 5 انفجارات على الأقل، من دون معرفة الأسباب”. بدورها، ذكرت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري أن الهجوم على قاعدة العمر جاء بطائرة مسيّرة.
ولطالما كانت القواعد الأميركية في شرق الفرات صندوق رسائل طهران إلى واشنطن بين فترة وأخرى، خصوصاً عقب كل استهداف إسرائيلي لأهداف إيرانية في سورية، في ظل عجز الإيرانيين والنظام السوري عن الرد باستهداف أهداف إسرائيلية بشكل مباشر.
وضرب الطيران الإسرائيلي الجمعة الماضي، أهدافاً إيرانية في محيط العاصمة دمشق، في سياق ضربات متكررة على مدى السنوات الماضية لأي هدف أو تحرك إيراني عسكري على الأرض السورية، يمكن أن يعتبره الاحتلال الاسرائيلي “تهديداً لأمنه”.
وكانت المليشيات الإيرانية قد استهدفت في إبريل/نيسان الماضي قاعدة العمر، ما أدى إلى إصابة عسكريين اثنين من التحالف الدولي الذي رد على مصادر النيران.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تعرض حقل العمر لأكثر من مرة لقصف بالصواريخ من مدينة الميادين الخاضعة لسيطرة المليشيات الايرانية، ردّت على إثرها المدفعية التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على مصدر الصواريخ.
وتعد قاعدة العمر، أهم قواعد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة التي باتت تُعرف بـ”شرق الفرات” والتي تسيطر عليها “قسد”، ذراع هذا التحالف البري في محاربة تنظيم “داعش”.
وتبدو القاعدة في متناول المليشيات الإيرانية التي تسيطر على كامل ريف دير الزور جنوب النهر، إضافة إلى سبع قرى شمالي نهر الفرات لا تبعد كثيراً عن حقل كونيكو للغاز، والذي يضم هو الآخر قاعدة للتحالف ولكن أقل أهمية من العمر.
وتقصف طهران هذه القاعدة باستمرار لسهولة الوصول إليها، ولكنها كما يبدو تحرص ألا توقع قتلى بين العسكريين التابعين للتحالف كي لا تتعرض مليشياتها في شرق سورية لرد قاس.
قدرة إيران على قصف القاعدة
وفي هذا الصدد، رأى مدير مركز “الشرق نيوز” فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن المليشيات الإيرانية “قادرة على ضرب قاعدة العمر التابعة للتحالف الدولي”، موضحاً أن هذه القاعدة “تبعد 15 كيلومتراً عن المدفعية الإيرانية الموجودة جنوبي نهر الفرات”.
كما أوضح ان الإيرانيين “يلجؤون عادة إلى الطيران المسيّر في استهداف القاعدة”، مضيفاً: “ولكن أعتقد أن الإيرانيين لا يريدون استفزاز الأميركيين والتحالف الدولي بقوة، ومن ثم لم نر أي رد من الأخير مدمّر للمليشيات الإيرانية”. كما رأى علاوي أن الضربات الإيرانية لقاعدة العمر “تندرج ضمن ردود الفعل لا أكثر”.
ويفصل نهر الفرات بين قوات التحالف الدولي وقوات “قسد” من الشمال، وبين المليشيات الإيرانية جنوبي النهر، وهو ما يبقي التوتر في ريف دير الشرقي الواقع تحت سيطرة قوتين يبدو أنهما تريدان إبقاء الاشتباك في حدوده الدنيا، كي لا ينزلق ريف دير الزور الشرقي إلى صراع واسع.
وفي مقابل قاعدة العمر، هناك قاعدة كبرى للإيرانيين في شرقي دير الزور هي قاعدة “الإمام علي” التي أقامها الحرس الثوري الإيراني عام 2019 عقب طرد تنظيم “داعش” من المنطقة. كما تسيطر عشرات المليشيات الإيرانية بشكل مباشر على كامل الجغرافيا شرقي مدينة دير الزور، مروراً بمدينة الميادين وانتهاء بمدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية.
وتعد محافظة دير الزور من أهم طرق الإمداد للمليشيات الإيرانية التي تساند قوات النظام، وهو ما يفسر تمركز قوات إيرانية كبيرة في هذه المحافظة لتعزيز وجود دائم فيها. وسيطر تنظيم “داعش” على أغلب محافظة دير الزور لعدة أعوام قبل أن يبدأ رحلة تراجع في عام 2017 أمام المليشيات الإيرانية جنوبي نهر الفرات، وأمام قوات “قسد” شمال النهر وصولاً إلى مطلع عام 2019، حين أعلن التحالف الدولي نهاية التنظيم في منطقة شرقي نهر الفرات.
ولكن تنظيم “داعش” ما يزال ينشط في محافظة دير الزور من خلال خلاياه في الريف الواقع تحت سيطرة “قسد” والتي تنفذ هجمات محدودة التأثير، كما ينشط جنوبي نهر الفرات في بادية دير الزور، حيث يشن هجمات واسعة النطاق ضد المليشيات الإيرانية وقوات النظام.
المصدر: العربي الجديد