استنفار أمني لمواجهة جهود فلسطينيي 48 لتحدي دولة الاحتلال

    عدنان أبو عامر

في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال تحديات أمنية وتهديدات عسكرية من حولها في الجبهات الخارجية، فقد تزايدت المخاوف الإسرائيلية في الآونة الأخيرة من ظهور تحديات داخلية، لاسيما ما يمثله فلسطينيو 48 من تصاعد في خطابهم الوطني القومي، وانتشار ظواهر الجريمة، وتنامي محاولات حزب الله وإيران تجنيد المزيد منهم، ما يشعل الأضواء الحمر لدى جهاز الأمن العام- الشاباك وشرطة الاحتلال والأجهزة الأخرى.
لأجل هذه الأسباب زاد جهاز الشاباك من نشاطاته الاستخباراتية بشكل كبير بين فلسطينيي 48 في الشهور الأخيرة، تخوفا من اندلاع هبة شعبية أخرى على غرار هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، التي أظهرت أمام الاحتلال تهديدا أمنياً لم يكن في الحسبان من قبل، حتى إن رئيس الشاباك رونين بار زعم أنه تم اعتقال 271 منهم، وتقديم 206 لائحة اتهام، من المشاركين الفلسطينيين في تلك الهبة، وسط حملة متزايدة لجمع الأسلحة المنتشرة بينهم.
أمير بوخبوت المراسل العسكري لموقع “واللا” العبري، زعم أن “أجهزة أمن الاحتلال لا تخفي قلقها من التطورات المتلاحقة بين فلسطينيي 48، سواء تسللت ظاهرة الجريمة في أوساطهم، والثقافة الخطيرة التي تتطور وتقلق قمة الجيش المتمثلة بالرغبة في الحصول على الأسلحة والذخيرة، لاسيما أن مناطقهم تعتبر أرضا خصبة للهجمات المسلحة على خلفية قومية وطنية في أوقات الأزمات، كما حدث في حرب غزة، ما يضطر الجيش لإغلاق الطرق العامة، والتحسب للإضرار بالمؤسسات الحكومية”.
وأضاف في تقرير ترجمته “عربي21” أن “مخابرات الاحتلال تسمي هذه الظاهرة “دولة داخل دولة”، ومن مؤشراتها انتشار الأحداث الأمنية والجنائية التي يشهدها فلسطينيو 48، ما قد يعرض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر، ويسبب الأضرار للمصالح الاقتصادية والتجارية، ويقوض أسس الدولة، ويلحق الضرر بقدرتها على ممارسة سلطاتها، وبصورة أكثر وضوحا “يقضم” آليات الدولة، ويضرّ بقدرة الردع، وتعريض الأمن الشخصي للإسرائيليين للخطر، سواء على خلفية قومية وطنية أو جنائية إجرامية، لأنها ترى نفسها فوق الدولة، وقادرة على إتلاف المكاتب الحكومية”.
ونقل عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع ومتخصص في الوسط العربي أن “أجواء متطرفة تسود بين فلسطينيي 48، فهناك عناصر يعانون من مشاكل الهوية، ولا يعترفون بأن الدولة ذات سيادة نتيجة للفراغ السياسي، ويرون التطرف الديني والجريمة وتنفيذ الهجمات المعادية سبيلا للتخلص من هذه المشاكل، التي تشكل الطريق الأقصر المؤدي إلى عالم الجريمة القومية والإسلام الراديكالي، ولعل أحداث أيار/ مايو 2021 تعطي دليلا على ذلك، فهناك 30 هجمة كبيرة تضمنت حرق المباني، وحرق مراكز الشرطة، وإطلاق النار، والقتل خارج إطار القانون”.
صحيح أن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تضع احتمالا ضئيلا لسيناريو مشابه لما حصل خلال الحرب على غزة من هبة شعبية بين فلسطينيي 48، لكنها في ذات الوقت تزيد من استعدادها بكل جدية، عقب التغذية الراجعة التي أجرتها الجهات الأمنية المختصة، لاسيما الشاباك، الذي كشف عن خطة استراتيجية للسنوات القادمة تقسم البلدات الفلسطينية المحتلة في الداخل إلى ساحات، كل ساحة لها نهج خاص وسياسة هجومية محددة.
في الوقت ذاته، لا تخفي المحافل الأمنية الإسرائيلية أنها تسعى لتعزيز علاقاتها الخارجية والتكامل والشراكة بين الشاباك والموساد والشرطة، والمنظمات الموازية حول العالم، بما في ذلك مع الدول العربية المطبّعة، لتطويق الظواهر المحيطة بفلسطينيي 48، والمحاولات التي تبذلها جهات خارجية للوصول إليهم، سواء إيران أو حزب الله، التي تواصل جهودها معهم عبر شبكة الإنترنت، فيما تم اعتقال 71 من فلسطينيي 48 بزعم إعجابهم بتنظيم داعش.

المصدر: عربي21

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى