شركات وهمية تستدرج السوريين للعمل في العراق… وتتركهم “مشرّدين”

محمد جهادي

لم يكن الشاب السوري كمال عصمان (26 عاماً) من محافظة درعا، يتوقع أن ينتهي به المطاف مشرداً ينام في أزقة متهالكة وسط العاصمة بغداد. عصمان الذي انتقل إلى العراق هرباً من مأساة الحرب السورية وملاحقات سلطات النظام السوري بعد رفضه الانضمام إلى الجيش، قال لـ”النهار العربي” إنه تعرض لخديعة من “مجاميع خاصة وشركات وهمية تعرض المساعدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتعمل على تهريب شبان سوريين وحتى أطباء سوريين الى العراق تحديداً”.

تقوم تلك “الشركات الوهمية” وفق الشاب السوري، بالترويج لأعمالها عبر تقديم ضمانات لتوفير العمل وتزويد الراغبين من السوريين بعد وصولهم الى بغداد بالإقامات، لكن كل ذلك لم يحصل وانتهى المطاف بغالبية الشباب الباحثين عن العمل إلى التشرد في شوارع بغداد.

ويقول كمال عصمان إنه “بعد تواصلي مع أحد الأشخاص على “فايسبوك” وعدني بتسهيل سفري الى بغداد مقابل دفع مبلغ من المال (ثلاثة آلاف دولار أميركي)، إضافة إلى توفير فرصة عمل في إحدى مناطق بغداد”.

ويضيف: “بعدما أرسلت نسخة من جواز سفري حدد لي يوم المغادرة الى أربيل، وعندما وصلت الى عاصمة كردستان، جمعوني مع شباب آخرين سوريين أيضاً يبلغ عددهم حوالى 12 شاباً ونقلونا في سيارة الى أحد فنادق أربيل”.

وقضى عصمان ثلاثة أيام في أربيل بعدها تم نقله مع الشباب الآخرين بسيارة خاصة الى بغداد، وأوضح أن “عملية نقلنا حصلت من طريق التهريب لأن بغداد لا تسمح للسوريين بالدخول إلا لمن لديه إقامة”.

ويكمل حديثه قائلاً: “وصلنا الى بغداد في وقت متأخر من الليل… قال سائق السيارة متحدثاً بلهجته العراقية العامية: يلا انزلوا خلصت فلوسهم… دبروا حالكم!”. هذه الكلمات جعلت كمال عصمان الذي لا يعرف شوارع بغداد والتي يزورها للمرة الأولى، يشعر بصدمة ولا يعرف أين سيذهب، ويتساءل: “أين ذهبت وعود الشاب السوري الذي أمّن سفري الى العراق؟”.

سوق سوداء

قرر عصمان ترك زملائه والذهاب وحيداً إلى منطقة باب الشرقي ليحدد مصيره، حيث قضى مدة أسبوع في تلك المنطقة بالنوم في الشارع ليلاً، وفي الصباح يذهب الى المراكز التجارية والمحال القريبة من باب الشرقي ليسألهم عن فرصة للعمل حتى حصل على شغل يكفي متطلباته وحاجاته اليومية.

ويؤكد أن “هناك شركات وهمية على “فايسبوك” و”تلغرام”، تعمل على استقطاب الشبان السوريين وتقدم لهم مغريات للحصول على أموالهم بينما لم تقدم لهم أي خدمة”، لافتاً الى “أن هناك سوقاً سوداء للاتجار بالإقامة”.

ووجه عصمان رسالة إلى الشباب السوريين عبر “النهار العربي” قائلاً: “احذروا من فخ الشركات الوهمية التي تنشط في سوريا والعراق ولا تصبحوا ضحايا لمن يسرقون أموالكم”.

وفي السياق يتحدث شاب سوري آخر يعمل في مطعم عراقي الى “النهار العربي” قائلاً إن “قصص الشركات الوهمية السورية جعلت الشباب الباحثين عن العمل داخل العراق ضحايا”. ولفت الى أنه دفع مبلغاً قدره 3700 دولار أميركي للحصول على الإقامة داخل بغداد لكنه لم يحصل عليها، وبعد تواصله مع الشخص الذي وعده، قال له لا توجد اقامات!

“حظرني”!

ويقول عوف السوري كما يلقب في منطقة الكرادة وسط بغداد، “لقد اتصلت به مرات عدة عبر الواتساب ولم يجب وعندما طلبت منه في رسالة خاصة إعادة أموالي حظرني”.

ولم يستبعد عوف وجود تجارة بـ”الإقامة” للسوريين داخل العراق تقف خلفها شخصيات كبيرة عراقية وسورية.

وتشير مصادر عراقية رسمية لـ”النهار العربي” إلى أن هناك سوقاً سوداء كبيرة جداً للإقامات في العراق، تدور في فلكها معاملات بمبالغ ضخمة، إذ إن هناك شركات تحقق أرباحاً سنوية لا تقل عن 100 ألف دولار أميركي وهي في الحقيقة مكاتب وهمية توجد داخل بغداد أيضاً.

ويبلغ عدد العمال السوريين الذين لا يملكون الإقامة، وفقاً لمصادر عراقية نحو 14 ألف سوري غالبيتهم يعملون في المقاهي والمطاعم ومراكز التجميل.

ويعلق مصدر رفيع المستوى في مديرية شؤون الإقامة العراقية على بيع الإقامات في شركات وهمية للأجانب، قائلاً إنه “تم تشكيل فريق متخصص لرصد تلك الشركات في مواقع التواصل الاجتماعي وسنعمل على جمع المعلومات عن الأشخاص الذين يقفون خلفها”. ويضيف: “نعمل منذ فترة على ردع هؤلاء وسنتخذ الإجراءات اللازمة بحقهم لأن مثل هكذا قضايا تسبب مشاكل أمنية داخل البلاد”.

وتعتقل السلطات الأمنية العراقية بشكل متكرر المخالفين لشروط الإقامة داخل البلاد متوعدة بالإبلاغ الفوري عن أماكن الأجانب الذين لا يحملون بطاقة الإقامة.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى