الانسداد السياسي يعطّل الاقتصاد… نقمة الشارع العراقي تتصاعد جرّاء الركود

محمد جهادي

مع استمرار الاحتقان السياسي في العراق وتعطيل إقرار الموازنة العامة للعام الجاري، ظهرت الانعكاسات على الوضع الاقتصادي بوضوح من خلال شكوى الشارع.

وأغلق الانسداد السياسي الذي يعانيه العراق منذ إجراء الانتخابات المبكرة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، الباب أمام تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة والمطلوبة لتجاوز التراكمات التي خلّفها الجمود، لا سيما بعد تعطيل إقرار قانون موازنة العراق لسنة 2022.

ويشهد العراق صراعاً سياسياً ما بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وقوى “الإطار التنسيقي” التي تضم غالبية الكتل والأحزاب الشيعية.

وانتقل ذلك الصراع إلى الشارع، حيث تواصل جماهير التيار الصدري اعتصامها أمام مبنى مجلس النواب العراقي داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد مطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة. وفي المقابل، تعتصم جماهير قوى “الإطار” أمام أحد مداخل الخضراء بدعوى “الحفاظ على المؤسسات الدستورية”.

ونتيجة الاحتقان السياسي، تواجه الأسواق حالة من الركود والانكماش، خصوصاً السلع الكمالية، كما أن السياحة إلى الخارج تراجعت بسبب مخاوف الناس من إنفاق أموالهم وعدم الاطمئنان، كما يقول خبراء في الاقتصاد.

جولة لـ”النهار العربي” في الأسواق في مختلف مناطق العاصمة بغداد كانت كافية لملاحظة التراجع الكبير في حركة البيع والشراء.

ويقول يوسف، صاحب متجر للمواد الغذائية، إن “الحركة الاقتصادية تشهد فتوراً كبيراً نتيجة استمرار الأزمة السياسية والتظاهرات”، مبيناً أن “الطلب على الشراء يختلف عن السابق خلال هذه الأيام، وقد اضطر في حال استمرار هذه الأزمة إلى غلق المحل”.

صاحب محل للملابس الرجالية في منطقة الكرادة وسط العاصمة يقول إن “معظم الملابس الصيفية لم تبع بسبب ضعف القوة الشرائية… أحياناً لم يدخل زبون واحد إلى محلي خلال يوم كامل”.

السياسة تعطّل الاقتصاد

ويحذر المحلل السياسي العراقي نجم القصاب من استمرار الأزمة السياسية في البلاد، قائلاً إن “الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد حالياً سببه الأزمة السياسية، إضافة إلى أن كل الحكومات العراقية ما بعد 2003 لم تضع خططاً لمعالجة الوضع الاقتصادي عند حصول أزمات سياسية”.

وأكد أن “الانسداد السياسي أثر تأثيراً سلبياً كبيراً على مستوى الأداء الاقتصادي والأوضاع المعيشية، لأن ذلك جعل الاستثمار والشركات تتخوف من ضخ رؤوس الأموال، لأنها ترى البيئة العراقية السياسية غير مستقرة”.

ويرى الخبير الاقتصادي صلاح القريشي أن “الاقتصاد الريعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأزمات السياسية، سواء كانت داخلية أم خارجية، ما يجعله في أزمة مستحدثة”.

واستشهد القريشي بالأزمة الصحية المتعلقة بجائحة كورونا عام 2020 والتي سببت إغلاقاً عالمياً أدى إلى انخفاض حاد في أسعار النفط الخام، المورد المالي الرئيسي للعراق، “ما سبّب أزمة في سداد رواتب موظفي القطاع العام والالتزامات الأخرى”.

تحذير من كارثة

وعلى وقع الحوادث السياسية الحالية والتصادم الإعلامي والصحافي بين قطبي العملية السياسية (الإطار التنسيقي – التيار الصدري) بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، أو الذهاب إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، يرى القريشي أن “تأثيرات ذلك جمة على الاقتصاد العراقي والشعب الذي يعاني 40 في المئة منه الفقر”، مشيراً إلى أن “استمرار الانسداد السياسي ينذر بكارثة”.

وأضاف: “هذه الحوادث ستؤدي إلى تراجع غير مسبوق للاقتصاد والأوضاع المعيشية في البلاد، والتي بدورها تعوق العديد من الأنشطة الاقتصادية، أبرزها استخراج النفط”، لافتاً، وفقاً لمعلوماته، إلى “تراجع مستوى السياح العراقيين إلى الخارج خلال الشهر الماضي بسبب عدم الاطمئنان”.

ويشير محسن علي، وهو صاحب شركة طيران للسياحة والسفر، في حديثه مع “النهار العربي” الى تراجع اقبال المواطنين العراقيين على السياحة الخارجية بنسبة تصل إلى 50 في المئة عما كانته قبل استفحال الأزمة، جراء تداعيات تدهور الوضع الاقتصادي.

ويلفت إلى أن “المواطن العراقي عندما يريد الذهاب الى دولة ما لغرض السياحة أو العلاج يفضل لبنان بسبب التكاليف المقبولة، على عكس تركيا وغيرها من الدول”.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى