يكثر الحديث عما تريد روسيا من سورية ويغرق البعض في التفاصيل دون التمييز بين ما هو استراتيجي لا يمكن التفريط فيه أو التخلي عنه وبين ما هو تكتيكي قابل للمناورات والمساومة
ومعظم ما يتم تداوله أو التركيز عليه مثل الاستثمارات والمكاسب الاقتصادية وتحصيل الديون وإعادة الإعمار.. هي منتمية للمكاسب التكتيكية وهي قابلة للتفاوض والتقاسم مع الآخرين
ولكن ما هي المكاسب الاستراتيجية.
إن أهم نقطة التي دفعت روسيا إلى التدخل في معادلات الصراع في وعلى سورية هي البحر الأبيض المتوسط، فرغم أن سورية بعد اقتطاع أجزاء كبيرة من شواطئها لم تعد تمتلك سوى مائة وخمسون كيلو متر تقريبًا من إطلالة على المتوسط ولكنها تعتبر من أهم المواقع الاستراتيجية
وبالنسبة لروسيا بعد خسارتها لموقع ليبيا ٢٠١١ فإن خسارتها لموقعها الأخير يعني عمليًا عدم قدرتها على خوض أي حرب عالمية في المستقبل وهذا يعني أنها ستنكفئ من دولة عظمى إلى دولة إقليمية لا تستطيع الدخول في أية محاصصة دولية خارج محيطها الإقليمي.
إن عدم فهم هذه النقطة من قبل المعارضة السورية وبعض الدول العربية اللذين ظنوا أنه يمكن تغيير موقف روسيا ببعض المكاسب الاقتصادية غير عالمين بأن القاعدة تقول بأنه لا يمكن استبدال ما هو استراتيجي بما هو تكتيكي.
كما أن لعنة الموقع هي التي أفشلت محاولات بعض أطراف من المعارضة مع الروس لأن القضية السورية بالنسبة لها أصبحت المعامل الأساسي في معادلة المحاصصة الدولية متجاوزة سورية بصراعاتها الداخلية والخارجية حتى بإقليمها كاملًا. بالدرجة الثانية استراتيجيًا يأتي موضوع الغاز والنفط، والاكتشافات الجديدة شرق المتوسط. وكل ما عدا ذلك يمكن الأخذ والرد فيه وضمن هذين الحدين تقع كل التفاصيل الأخرى.
408 دقيقة واحدة