بدأ شهر رمضان المبارك ومعظم العائلات السورية والعربية ملتزمة بالحجر المنزلي، تشاهد ما تعرضه المحطات من برامج ومسلسلات رمضانية، فثمة متسع من الوقت يتيح لها مشاهدة ما يرى وما لا يرى، وللوهلة الأولى يظن المشاهد أنه يتعرف على وجوه جديدة تظهر لأول مرة على شاشة التلفاز، لكنه ومع العودة في الزمن لبضع سنوات، يكتشف أن هؤلاء الفنانات والمذيعات رافق ظهورهن على الشاشة سنوات طفولته وشبابه، لكن ملامح وجوههن تغيرت بسبب عمليات “البوتكس” و”الفيلر” وتبييض الأسنان التي غيرت ملامحهن وأثرت على نطقهن وطريقة كلامهن أثناء التمثيل والتقديم البرامجي!
وجوه الفنانات التي أصبحت تشبه مانكانات الملابس الدعائية، إذ لا تستطيع أي منهن إغلاق فمها نظراً لحجم شفتيها التي عبثت بها أنامل جراح تجميل فاشل فحولت الفم إلى مغارة، وابتكرت تعديلات منفرة في شكل ولون الأسنان، فلم تعد قادرة على تقديم الانفعالات والملامح الضرورية للكثير من المشاهد التي تعتمد على دراما الوجه – حزن فرح وغضب – فالمبالغة بعمليات التجميل حولت أدوار الممثلات لمشاهد تقدم بلا روح ولا حالة انسجام صادقة مع الشخصية.
ثمة مبالغة كبيرة وابتعاد عن الحقيقة في رسم صورة المرأة في زمن وجود العثمانيين والفرنسيين في بلادنا، وهذا ما يحاول ترويجه منتجو مسلسلات البيئة الشامية، التي أصبحت نقمة على تاريخ الشام.. من خلال شكل المرأة الاصطناعي المبالغ فيه، الذي تظهر فيه أساليب المكياج الحديثة التي لم تكن معروفة في تلك الفترة، وهو ما أفقد العمل مصداقيته وفتح تساؤلات عن المبالغة الكبيرة في تجميل المرأة بهذه الأعمال، لاسيما أن بلادنا في تلك الحقبة مرت بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، ولا مكان فيها لاستعراض “التاتو” و”البوتوكس”.
“دراما توكس”
في “دراما توكس” لم يعد هناك مكان لمشاهد إبداعية مؤثرة تصل إلى روح المشاهد، بل تحولت معظم الأعمال إلى قصص مفبركة بلا رؤية، ولقطات درامية مصطنعة بلا أي قيمة فنية تضاف إلى الدراما السورية، القائمة أساسا منذ سنوات على الإنتاج التشبيحي وتضليل الحقائق وتزويرها في محاولة لخلق ثقافة معادية لكل ما هو أصيل في التاريخ والبيئة والذاكرة السورية.. من أجل خلق ذاكرة بديلة تتناغم في جوهرها مع محاولات طمس الروح السورية التي حاولت الثورة استعادتها ونفض الغبار عنها.
إنه واقع درامي سوري بالاسم فقط.. لكنه لا يمت للذاكرة السورية بصلة.. لأنه مليء بالتصنع والتشبيح وتزوير التاريخ، والعبث بالبيئة على يد أناس جهلة لا ينتمون لأي فكر أو ثقافة حقيقية حتى بالمعنى الشعبي البسيط.. وكيف لا؟ فالقيمون عليها أمثال محمد قبنض وسامر فوز وديالا الأحمر امتهنوها كتجارة رابحة قوامها تسويق السخف الزعيق الشعاراتي المهترئ على صعيد المضمون.. والتكبير والشد وحقن البوتوكس والتباهي بابتسامة هوليوود التي تحاول أن تداري بياضها خجلا في أفواه مجعدة وشفاه متهدلة على صعيد الشكل!
المصدر: أورينت نت