مجزرة إدلب ترفع الضغوط على تركيا للتحرك بوجه روسيا

أمين العاصي

تتفاعل المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الحربية الروسية، فجر أول من أمس الجمعة، وأدّت إلى مقتل 7 مدنيين، بينهم 4 أطفال، إثر غارات على قرية الجديدة ومحيط بلدة اليعقوبية، غربي محافظة إدلب، شمال غربي سورية. وفي موازاة ردّ المعارضة السورية المسلحة باستهداف مواقع تابعة للنظام السوري والمليشيات الداعمة له، برز البيان الذي أصدره المجلس الإسلامي السوري، أول من أمس، وطالب فيه تركيا بوضع حدّ للمجازر التي ترتكبها روسيا في الشمال السوري، في موقف وجد ترحيباً من الشارع السوري المعارض.

المعارضة المسلحة ترد على المجزرة الروسية في إدلب

وردت فصائل المعارضة في محافظة إدلب على مجزرة الجمعة باستهدافها، خلال اليومين الماضيين، مواقع ومقار ومعسكرات تدريبية تابعة لقوات النظام والمليشيات المرتبطة بروسيا وإيران في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وفي ريف إدلب الجنوبي. وأدى ذلك إلى مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام، إثر هجوم نفذته فصائل “الجيش الوطني السوري” (قوات المعارضة المسلّحة)، أمس السبت، على مواقع عسكرية لقوات النظام في محيط بلدة تادف القريبة من مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي.

وكانت مصادر محلية قد أكدت لـ”العربي الجديد” أن ثلاث طائرات حربية روسية أقلعت، فجر الجمعة، من قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، ونفذت أربع غارات جوية على قرية الجديدة ومحيط اليعقوبية، مستخدمة صواريخ شديدة الانفجار. وأشارت المصادر إلى أن إحدى الغارات كانت مزدوجة، أي ضربة إثر ضربة، وتسببت بحصول المجزرة.

وفي سياق ردود الفعل على المجزرة، اعتبر المجلس الإسلامي السوري، في بيان صدر عنه الجمعة، أن القصف الذي نفذه الروس “خرقٌ لكل الأعراف الدولية في حماية المناطق التي يضمن سلامتها دولياً”، مطالباً “الضامن” بـ”موقف واضح تجاه هذا القصف”، في إشارة واضحة إلى تركيا.

بيان المجلس الإسلامي يرضي الشارع المعارض

واعتبر المجلس أن الجانب التركي “مطالبٌ بمراجعة اتفاقياته وسياساته مع من يقتل أطفالنا في مهدهم”، وفق البيان، الذي طالب أيضاً فصائل المعارضة السورية بـ”الرد على المجزرة”. وأضاف المجلس: “هذه الدماء يجب أن تُلهب بندقية الثورة ورايتها وتحرك الشارع الثوري، وحق الذين يعيشون في هذه المناطق أن تحميهم هذه البندقية، وأن تمنع عنهم عدوهم، من قتلِ أطفالهم ونسائهم وهم نائمون في مساكنهم”.

ولقي بيان المجلس ترحيباً من الشارع السوري المعارض الذي لطالما طالب الهيئات التي تمثل المعارضة باتخاذ مواقف “وطنية ثورية” متقدمة حيال الأوضاع في الشمال السوري، الذي لم تمنع التفاهمات بين موسكو وأنقرة الطيران الروسي من ارتكاب المجازر بحق المدنيين فيه بين وقت وآخر للضغط على الجانب التركي. ويأخذ الشارع المعارض على الهيئات التي تمثله، خصوصاً الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي يتخذ من مدينة إسطنبول التركية مقراً له، التماهي الكامل مع السياسة التركية حيال مجمل الملفات في القضية السورية.

وينظر مراقبون إلى البيان، الذي أصدره المجلس الإسلامي الجمعة، على أنه خطوة باتجاه استقلالية هذا المجلس الذي ينشط في المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري، وأسهم في تشكيل لجنة “ردّ المظالم” العام الماضي، للحد من الانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين من قبل مجموعات محسوبة على هذه الفصائل.

وأوضح المتحدث باسم المجلس الإسلامي مطيع البطين، لـ”العربي الجديد”، أن “البيان لم يحمّل تركيا المسؤولية عما جرى الجمعة في ريف إدلب، إنما طالبها بالقيام بدورها كضامن لوضع حد لهذه الانتهاكات”.

المجلس الإسلامي وتركيا: توازن لا يمنع النقد

وفي السياق، أشار الباحث السياسي ياسين جمول، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى “أن هناك توتراً في العلاقة بين الجانب التركي والمجلس الإسلامي لأسباب عدة”، مضيفاً أن “المجلس لم يتطاوع مع الرغبة التركية في مواقف عدة، وهو ما دفع إلى عدم تجديد أذونات الدخول لأمناء المجلس إلى الداخل السوري كما كانت من قبل”.

وتابع جمول: “هناك ضغط كبير على المجلس من الشارع السوري لاتخاذ مواقف أكثر صلابة تؤكد انعتاقه من العباءة التركية. المجلس مُطالب بالاستقلالية والجدّية والاقتراب من الشارع أكثر”. ورأى جمول أن المجلس الإسلامي “حريص على علاقة متوازنة مع الجانب التركي، الذي يراعي مصالحه مع شركائه الروس والإيرانيين؛ فعلينا نحن أن نراعي أولاً مصالحنا الوطنية قبل النظر في رضا شركائنا من عدمه”. ورأى في البيان “توازناً بين النقد وتحميل المسؤولية، وعدم التصريح لخصوصية الجانب التركي لنا واتفاق مصالحنا معهم لمدى بعيد”.

وكان المجلس الإسلامي الذي يرأسه الشيخ أسامة الرفاعي قد تأسس في مدينة إسطنبول في مايو/أيار 2014، بغرض تكوين مرجعية تجمع الهيئات الشرعية والمنظمات الإسلامية السورية التي تدعم الثورة ضد النظام. وانتخب المجلس رئيسه الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، في ردّ على إلغاء النظام هذا المنصب في خطوة نُظر إليها أنها محاولة لتفتيت الهوية الدينية السورية والعبث بها.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى