تابعت فصائل المعارضة السورية السبت، الرد العسكري على المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الروسية عندما نفذت غارة مزدوجة على بلدة الجديدة بريف جسر الشغور الغربي الجمعة، راح ضحيتها 7 مدنيين بينهم 4 أطفال، بالتزامن مع ردود فعل منددة بالمجزرة.
ويحمل تفجّر جبهات الشمال المتواصل منذ يوم الجمعة، مؤشرات على فشل الاجتماع الثلاثي الذي عقد في طهران قبل ايام، في وقت طالب المجلس الإسلامي السوري المعارض، تركيا، بمراجعة علاقاتها مع روسيا.
هجوم نوعي
وفي السياق، نفّذت “قوات المغاوير” المنضوية في “حركة التحرير والبناء” أحد مكونات تكتل “الجيش الوطني” المدعوم تركياً، هجوماً نوعياً على مواقع قوات النظام في جبهة بلدة تادف بريف حلب الشرقي، فجر السبت، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام، حسب بيان للحركة.
وقال مصدر في الحركة لـ”المدن”، إن عناصر المغاوير نفذوا الهجوم باستخدام قذائف صاروخية محمولة على الكتف، استهدفوا بواسطتها عدداً من الدشم والبيوت التي تتمركز بداخلها عناصر النظام، سقط على إثره 5 قتلى على الأقل فضلاً عن 6 جرحى، مضيفاً أن إحدى الدشم المستهدفة تحوي بداخلها رشاشاً من عيار “23”، ما أدى إلى تدميره ومقتل وجرح طاقمه.
وأضاف أن هجوماً ثانياً نفذه فصيل “أحرار الشرقية” التابع للحركة، باستهدافه بصاروخ موجه سيارة عسكرية للنظام على محور منطقة القنطري شمالي الرقة، أدى إلى مقتل وجرح من كان بداخلها.
فشل أستانة
ورأى المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد بالتصعيد الروسي، دليلاً على فشل قمة طهران الثلاثية، التي “اتضح خلالها تناقض الرؤى للدول الثلاث الراعية لمسار أستانة، وفشل روسيا بإقناع تركيا بالتراجع عن عمليتها العسكرية ضد الوحدات التركية في شمالي شرقي سوريا”.
وقال الأسعد لـ”المدن”، إن التصعيد الروسي الذي بدأ مع نهاية القمة “يُقرأ على أنه رسالة روسية تحذيرية لتركيا، التي ترى في وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) منظمة إرهابية، مع وضوح إصرارها على عمليتها العسكرية وفشل روسي-إيراني بإقناعها بالتراجع عنها، في حين نظرة كلتا الدولتين إلى قسد مختلفة تماماً عن نظرة أنقرة”.
وأضاف أن رسالة موسكو لأنقرة بالتصعيد مفادها واضح ولا يحتاج إلى تأويل، وهو أن مناطق سيطرة الجيش التركي غير آمنة، والقصف الروسي سيتوسع مع أول رصاصة تركية تُعلن عن بدء العملية.
واعتبر الأسعد أن صواريخ فصائل المعارضة التي طاولت مدينة القرداحة رداً على المجزرة إضافة إلى الاستهداف اليومي من قبل الجيش التركي لـ”قسد”، هي “تمهيد حقيقي للمعركة التركية”، معرباً عن اعتقاده أنها “لن تكون هجومية من الجيش التركي، وإنما تصادمية مع روسيا وإيران اللتين كشفتا عن المستور برؤيتهما الحقيقية لقسد”، وهو تحديداً ما أدركته أنقرة، التي ستعمل على ذلك التمهيد لفترة زمنية، قبل أن تُقحم جيشها مباشرة بالمعركة الشاملة.
مراجعة الاتفاقيات
من جانبه، طالب المجلس الإسلامي السوري تركيا باتخاذ موقف واضح من المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الروسية بقرية الجديدة.
وقال المجلس في بيان، إن “الضامن الدولي الذي يتولّى حماية هذه المنطقة مُطالب بموقف واضح تجاه هذا القصف الهمجي الذي يعتبر خرقاً لجميع الأعراف الدولية في حماية المناطق التي يضمن سلامتها دولياً”، مُطالباً تركيا بـ”مراجعة اتفاقياتها وسياستها مع من يقتل الأطفال السوريين في مهدهم”.
كما توجّه المجلس ببيانه إلى الفصائل المعارضة والشارع الثوري قائلاً إن “هذه الدماء يجب أن تُلّهب بندقية الثورة وتحرك الشارع الثوري لأنه أولى من غيره بالرد على هذه المجزرة”، معتبراً أن واجب السلاح الذي يحملونه هو حماية السوريين في مناطقهم، ومنع “عدو الله وعدوهم من قتل نسائهم وأطفالهم في بيوتهم”.
وأكد البيان أن ما يتعرض له الشعب السوري من قصف همجي على يد الروس والإيرانيين تحت سمع وأنظار النظام السوري، هو “مجزرة دولية وجريمة حرب مكتملة الأركان”، متهماً المجتمع الدولي بالمحافظة على النظام الذي يمارس جريمة إبادة جماعية مستمرة على مرأى ومسمع العالم منذ أكثر 10 سنوات.
من جهتها، نددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بالمجزرة الروسية. وقالت المديرة الإقليمية للمنظمة في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا أديل خضر، إن مقتل 5 أطفال وجرح 9 آخرين في إدلب، هو “تذكير مدمر بأن الحرب على الأطفال في سوريا لم ينتهِ”، مضيفة أن الأطفال في سوريا، خصوصاً شمالي غربي سوريا، “مستمرون بدفع الثمن الباهظ للعنف في البلاد”.
المصدر: المدن