شكك مراقبون أكراد بإعلان زعيم قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي عن تحقيق تقدم في مبادرة «لم الشمل الكردي»، الهادفة إلى تحقيق التقارب بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) و» المجلس الوطني الكردي» في سوريا، المتحالف مع المعارضة السياسية السورية، التي يشكل الائتلاف نواتها الصلبة.
وكان قد أكد في مؤتمر مع المجتمع المدني شمال شرقي سوريا، الأحد، أن هناك تطوراً من ناحية توحيد الصف الكردي، وكافة الأطراف السياسية آراؤهم إيجابية، مضيفاً: «لقينا تجاوباً جيداً بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، وكافة الأطراف السياسية الأخرى.
من جانبه رفض مسؤول رفيع في «المجلس الوطني الكردي» التعليق على تصريحات عبدي، مكتفياً بالإشارة خلال حديثه لـ «القدس العربي»، إلى عدم تسجيل أي تقدم إيجابي في جلسات المفاوضات.
مصادر أكدت لـ» القدس العربي»، قيام الولايات المتحدة، بالدفع في اتجاه توحيد الموقف الكردي السوري الموزع ما بين المجلس الوطني الكردي الذي يعد طرفاً مقبولاً من تركيا، وبين الاتحاد الديمقراطي، الذي يهيمن على القرار العسكري والمدني والاقتصادي في مناطق شمال شرق سوريا. وبالرغم من ذلك، استبعد نائب رئيس رابطة الأكراد السوريين المستقلين، رديف مصطفى، خلال حديثه لـ»القدس العربي» أن تخرج المباحثات السرية بين الأطراف الكردية، بحل وسطي على إنهاء الخلافات المتجذرة بينهما.
وقال إن جولات الحوار الجديدة التي فرضها الطرف الأمريكي على الاتحاد الديمقراطي، تأتي بعد فشل ثلاث جولات سابقة، نظراً لهوة الخلافات، وأوضح أن الطرفين يتقاذفان تهم التخوين، حيث يتهم المجلس الوطني الاتحاد الديمقراطي بارتكاب ممارسات إرهابية، وكذلك بالعمالة للنظام السوري وإيران، بالمقابل يُتهم المجلس الوطني بالعمالة للأتراك والإخوان. وأشار مصطفى كذلك، إلى وجود عدد لا بأس به من المعتقلين السياسيين من أنصار المجلس الوطني الكردي، في معتقلات حزب الاتحاد الديمقراطي، وقال: «من المستبعد تماماً التوصل إلى حل وسطي، والاتحاد الديمقراطي لا زال محكوماً بمرجعية حزب العمال الكردستاني».
وتابع قوله «لا حل إلا بإعلان الاتحاد الديمقراطي الانحياز إلى المقلب الثوري السوري، وبالتالي فإن كل الحوارات غير مجدية وغير مفيدة». مصدر كردي مقرب من المجلس الوطني الكردي، أكد لـ»القدس العربي»، أن المجلس لا زال حذراً في الاندفاع نحو الحوار مع الاتحاد الديمقراطي، نظراً لأن من شأن إنجاح الحوار ابتلاع المجلس بالإنجازات السياسية التي حققها، وذوبانه في ما يعرف بـ «الإدارة الذاتية». وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن تصريحات عبدي إعلامية ولا تعبر عن سير المباحثات التي وصلت إلى طريق مسدود. وحول النقاط الخلافية، أوضح أن النقطة الخلافية الأبرز هي تقاسم السلطة والثروة في شمال شرق سوريا، مؤكداً أن «الاتحاد الديمقراطي، يرفض رفضاً قاطعاً مشاركة أي طرف في السلطة والثروة كذلك، وخصوصاً عائدات النفط».
وقال إن «النموذج السائد في الاتحاد الديمقراطي، المأخوذ من حزب العمال الكردستاني، لا يقبل اقتسام السلطة، ويفاوض على أمور شكلية من بينها السماح بالنشاط السياسي لأحزاب المجلس الوطني الكردي على الأرض، وإطلاق سراح المعتقلين». وأضاف المصدر: «أن من بين النقاط الخلافية البارزة عودة قوات «بيشمركه» من إقليم كردستان العراق»، مبيناً أن «الاتحاد الديمقراطي يرفض تماماً عودة هذه القوات المدعومة من رئاسة إقليم كردستان العراق إلى الشمال السوري، فيما يصر المجلس الوطني على إعادة هؤلاء إلى منازلهم، وكذلك أخذ دورهم في حكم هذه المناطق، وإن كان على الصعيد الأمني».
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعلنت «الإدارة الذاتية» عن رفع الحظر المفروض على «المجلس الوطني الكردي» في الشمال السوري، معلنة كذلك عن سماحها للمجلس بفتح مكاتبه التنظيمية والحزبية ومزاولة نشاطه السياسي والإعلامي والاجتماعي بدون الحاجة إلى أية موافقات أمنية مسبقة، وذلك في مبادرة للمصالحة الكردية السورية. وفي إطار رده على المبادرة أكد المجلس الوطني الكردي انفتاحه على المبادرة، وحرصه على تحقيق هذا الهدف، لكن من دون أن يتم الإعلان حتى الوقت الراهن عن خطوات ملموسة في اتجاه لم شمل البيت الكردي السوري.
يذكر أن المجلس الوطني الكردي تأسس في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، في أربيل، من 15 حزباً وفصيلاً من أكراد سوريا، برعاية الرئيس السابق لإقليم كردستان شمال العراق مسعود البارزاني، ومنذ تأسيسه دخل المجلس في صدام مع «قسد»، وتتهم الأخيرة بحرق وإغلاق مكاتبه واعتقال واختطاف كوادره، واستخدام العنف في التصدي لمظاهرات مؤيديه.
المصدر: «القدس العربي»