في الحقيقة، إن تبرير بعضنا لجريمة قتل الشاب (علي العساني) بسبب خرقه للحظر الصحي المفروض في تركيا، لا يمكن أن يكون مقبولًا، لا من زاوية وطنية، ولا من زاوية حقوقية وقانونية، وهو أمر يفترض أن يستفز أي سوري بصرف النظر عن مكانه وموقعه.
تتعامل أغلبيتنا مع أنظمة الحكم الأخرى بطريقة مماثلة لطريقة تعاملنا مع نظام الحكم السوري طوال نصف قرن، ربما لأننا نعتقد أن أنظمة الحكم الأخرى تشبه النظام السوري في طريقة تعاطيه مع شعبه، وفي متطلباته منه.
لذلك، تشيع في أوساطنا ظاهرة (النفاق) تجاه أنظمة الحكم الأخرى، كلٌ منا بحسب البلد الموجود فيه، حتى أصبحت تنطبق علينا (نظرية الأواني المستطرقة)، إذ يأخذ السوريون شكل الدولة الموجودين فيها، تمامًا مثل السائل الذي يأخذ شكل الإناء الذي يوضع فيه، ليكون “الماء”، مثل السوريين، بلا حول ولا قوة.
ليس غريبًا أن نجد، والحالة هذه، معارضة سورية تركية الهوى، ومعارضة سورية سعودية، ومعارضة سورية قطرية، وأخرى سورية مصرية، وغيرها سورية أوروبية، وهكذا. وأحيانًا قد نجد حالات صارخة أكثر؛ فقد ظهر أن (مؤسسات المعارضة السورية) مثلًا تحتوي على مندوبين يمثلون الدول أكثر كثيرًا من تمثيلهم للسوريين وسورية.
على حد علمي، وتجربتي، لا تطلب أنظمة الحكم في الدول الأخرى (النفاق) بالصيغة التي اعتدناها كسوريين في تعاطينا مع نظام الحكم السائد في سورية. في إمكاننا أن نتعاطى مع الدول بصيغة مغايرة تقوم على رؤية أوسع ترى الإيجابي والسلبي في تعاطيها مع السوريين، ولا يتطلب ذلك شيئًا سوى القليل من الكرامة الوطنية والشخصية، والقليل من العقلانية في مقاربة الأمور.
لا شك في أن الدول تحاول تحقيق مصالحها من خلال السوريين ومؤسساتهم، وهذا طبيعي ومفهوم، لكن هنا يأتي دورنا، قبولًا أو رفضًا، وأعتقد أن أضرار الرفض، إن وجدت، تبقى أقل كثيرًا من الأضرار المترتبة على القبول، إن كان على المستوى الوطني أو الشخصي، في المديَين المتوسط والبعيد.
المصدر: صفحة د- حازم نهار