الدول المتصارعة فيما بينها بحروب والفصائل المتصارعة أيضا فيما بينها أو سلطة أمر الواقع او ضد الدول، الجميع يدعي النصر فكيف نميز بين النصر المعنوي “المزيف” وبين “الانتصار” النصر المادي .
المحللين السياسيين والعسكرين يصدحون على منابر القنوات الإعلامية بشتى أنواعها ويتكلمون ان تلك الدولة او ذاك الفصيل حقق الانتصار بعملياته العسكرية واحيانا نجد محللين يتكلمون عن جهة واحدة ، بذات الوقت يقول إنه انتصر والأخر يتكلم عن الجهة الأخرى بأنها حققت الانتصار .إذا ما هو النصر ؟. النصر يمكن تقسيمه الى قسمين الأول: نصر معنوي الثاني : الانتصار أو النصر المادي.
النصر المعنوي : وهو بالحقيقة قد لا يكون هناك نصرا ولكن الدول او بعض القوى تستغله لصالحها بتحويل الهزيمة للنصر من خلال الماكينة الإعلامية والتسويقية وبالشعارات الوطنية البراقة أي بالكلام فقط وذلك بإقناع الشعب والجماهير بالنصر حتى لا تتحول الهزيمة الى نقمة على القادة بل كسب الرأي العام الجماهيري من حوله فقط واستمرار حكم القادة على الوضع بهذا النصر المعنوي .
النصر المادي : يتحقق عند تحقيق الغاية من الحرب بتدمير خطر محدق أو باسترداد منطقة محتلة وأن يتم فرض القوانين والاوامر وفرض الامن والأمان والاستقرار لصالح المنتصر كما يرغب هو وتسير المنطقة كما يشاء باقل الخسائر وعدم جيوب معارضه اي انعدام المعارضة له وهنا نقول هناك انتصارا حقيقيا لتلك الدولة او تلك القوات بالمنطقة .
حاليا مما يجري في سورية هناك مجموعة قوى تتصارع على الجغرافية السورية والجميع يقول انه منتصر، فهل هم منتصرين ؟ بكل تأكيد لا، لأنهم يمارسون الانتصار المعنوي فقط ، لان جميعهم ، ولا جهة منهم حققت ما تريده ، وما زالت الحرب مستمرة بكل المواقع ، وهناك معارضة لوجودهم .
أحياناً يكون هناك تقدم للقوات على الأرض ، ويعتقد البعض انه انتصار ، ولكن قد تكون فخا لتلك القوات بدخولها بمستنقع المعارضة والمقاومة وحروب الشوارع والمدن والهدف لإيقاع اكبر الخسائر البشرية والمادية بتلك القوات التي ادعت بالنصر .
وهذا الذي يتم أيضاً حاليا في الحرب الروسية الأوكرانية ، الروس يدعون النصر بحربهم وتم احتلال ما يقارب 500 كم2 من الأراضي الأوكرانية ولكنها دخلت بالمستنقع الأوكراني الحقيقي من خلال الاستنزاف وبالمقاومة الشعبية ،حيث كان من المقرر للعملية العسكرية الروسية أن تحقق بأيام استسلام كييف ، واليوم نتكلم بالأشهر ويعتقد سنتكلم عن سنوات أخرى بهذه الحرب .
بالتاريخ الحديث لم نر نصرا ماديا حقيقياً الا الانتصارات المعنوية وهدفها كما اسلفنا هو استمرار الطبقة الحاكمة بسلطتها من خلال إقناع مواليها بالنصر المعنوي المزيف .