سقط قتيلان وجرح آخرون مساء الجمعة، خلال مظاهرات غاضبة اندلعت أمام المجلس المحلي وشركة الكهرباء في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، احتجاجاً على الفساد المستشري في الشركة ورفع أسعار الكهرباء فضلاً عن زيادة فترات التقنين، قبل أن تمتد الاحتجاجات إلى مناطق أخرى نصرة لهؤلاء، ورفضاً لوصفهم ب”الإرهابيين” من قبل الشركة التركية.
أسباب الانفجار الشعبي
وقال الناشط معتز الناصر، من حلب، إن الأسباب الحقيقة للاحتجاجات هي “تراكم اليأس والقهر من إي عملية إصلاح لدى السكان في الشمال السوري الذي تسيطر عليه المعارضة”، مشيراً إلى أنه ومنذ 5 سنوات والوضع السيء آخذ بالازدياد.
وأضاف الناصر ل”المدن”، أنه منذ 2019، “نحن نتكلم بموضوع الكهرباء والفساد المصاحب له دون أن نلقى آذاناً صاغية”، موضحاً أن الناس “لم يتركوا باباً للإصلاح إلا وطرقوه، لكنهم لم يجدوا سوى الصدى، بداية بتركيا ومروراً بالائتلاف والحكومة المؤقتة وليس انتهاءً بالمجالس المحلية والجيش الوطني”، مؤكداً أن الانفجار الشعبي كان “التوقع المنطقي الوحيد مع ازدياد صعوبات الحياة والمعيشة ووصد باب الإصلاح بوجه هؤلاء”.
من أطلق الرصاص على المتظاهرين؟
وقالت مصادر مطلعة ل”المدن”، إن أبو خديجة الديري قُتل برصاص أما الشرطة التركية أو الشرطة المدنية التي تتولى حماية الشركة والمجلس المحلي في منطقة جنديرس، إلا أن مسؤولية الشرطة التركية هي الأقوى وذلك بسبب الاستنفار الذي شهدته المنطقة بين القوات التركية وفصيل أحرار الشرقية، كون الديري منضوياً في صفوف الأخير. فيما وجدت جثة المتظاهر هلال الهلال متفحمة داخل المجلس المحلي الذي تمكن المتظاهرون من اقتحامه وإحراقه في مدينة عفرين.
مواقف منددة خجولة
وجاءت الردود المنددة من قبل المؤسسات والمسؤولين في المعارضة السورية خجولة، باستثناء بعض الشخصيات التي رفضت إطلاق النار على المتظاهرين، رافضين وصفهم ب”الإرهابيين” من قبل الشركة التركية التي أصدرت بياناً قالت فيه أنها “تتعرض لأعمال إرهابية تستهدف البنى التحتية لقطاع الكهرباء، وحرق ونهب الحواسيب والمعدات”.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الجيش الوطني يوسف حمود في تغريدة: “نطالب الشرفاء من القادة العسكريين بالنزول بأرتالهم دون تسليح واحتواء الشارع بوعود حقيقية وجادة لإيجاد الحلول السريعة”، مؤكداً وقوفه إلى جانب الأهالي في المحرر، ورافضاً وصفهم بالإرهابيين والمخربين، معيداً سبب التظاهرات إلى “وصول الناس إلى أعلى حاجات العوز والاستغلال أمام مشاهدة الاستغلال والمستغلين”.
بدوره أكد المتحدث باسم “المجلس الإسلامي السوري” مطيع البطين على مشروعية الاحتجاج السلمي على الفساد، داعياً إلى المطالبة بذلك بأجمل الصور الحضارية بعيداً عن الحرق التخريب، مؤكداً أن مواجهة المتظاهرين بالرصاص “جريمة مدانة ستصعد التوترات”.
من جانبه، حمّل الناصر الجيش الوطني ومؤسسات المعارضة المسؤولية عما حدث، موضحاً أنه على الرغم من معاناة عناصر الفصائل من الفساد والأوضاع السيئة؛ “لم نجد تحركاً حقيقياً من الفصائل يلزم الشركات والمجلس المحلية من الفساد، والحيلولة دون تفجّر الأوضاع”.
دعوات للتهدئة وخطوات للتصعيد
وعلى خلفية امتداد رقعة المظاهرات المنددة بالفساد عموماً والكهرباء خصوصاً إلى مدن مارع وصوران والباب بريف حلب الشمالي، أكد الناصر، وجود دعوات مختلفة للتهدئة من قبل أشخاص مختلفي الانتماء لمؤسسات المعارضة.
لكنه لا يتوقع أن تلقى تلك الدعوات صدىً، معيداً السبب إلى “تحييد نخب الثورة السورية نفسها عن الأحداث بالتزامها خط السلامة، وابتعادها عن مشاكل الشارع وجذورها، فضلاً عن اصطفاف الكثيرين منهم بجانب المفسدين والمسيئين من المحسوبين على مؤسسات الشمالي السوري”.
وعما إذا كانت هنالك خطوات للتصعيد، قال الناصر: “لا أستطيع الجزم بما سيحصل خاصة مع استمرار خصوصاً مع استمرار الفساد والفوضى في الشمال”.
ملثمون خربوا وحرقوا
وتواترت أنباء عن وجود ملثمين في صفوف المتظاهرين، كانوا هم من اقتحموا وحرقوا المباني، الأمر الذي أكده الناصر.
وأوضح أنه في المناطق التي شهدت احتجاجات “دخل ملثمون يرتدون الزي العسكري بين المتظاهرين وكانوا هم من بدأوا في الهجوم على تلك المؤسسات علاوة على تحريض الناس على فعل الشيء ذاته، إلا أنه في مناطق أخرى استطاع النشطاء تحييدهم وتوعية الآخرين بضرورة الحفاظ على حضارية الحراك”.
وفي وقت سابق، اندلعت مظاهرات مماثلة في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، على خلفية إطلاق الشرطة العسكرية في المدينة عنصراً يتبع للفرقة الرابعة في النظام السوري مُداناً بجرائم قتل واغتصاب، الأمر الذي أثار غضب الأهالي، الذين اقتحموا وأحرقوا مبنى الشرطة العسكرية التابع للحكومة المؤقتة في المدينة، قبل أن تتدخل وزارة الدفاع فيها بإقالة قائد الشرطة بهدف تهدئة المحتجين.
المصدر: المدن