الأميركي في قاعدة التنف عين على الروس  وأخرى على الإيرانيين

أحمد مظهر سعدو

كثر الحديث مؤخرًا، وبعد أن شهدت الجغرافيا السورية انسحابات، وإعادة تموضع للقوات الروسية الموجودة على الأراضي السورية منذ أيلول/ سبتمبر 2015. عن دور جديد لقاعدة التنف الأميركية وتوسع لدورها، منعًا لانتشار إيران واسع ومتمدد يبدو أنه قد أصبح واقعًا ملموسًا بعد إحلال قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة لإيران مكان القوات الروسية المنسحبة.

ماهي قاعدة التنف ومتى تم إقامتها ومادورها: هي قاعدة عسكرية أقامها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية والذي تم الإعلان  عنه عام 2014 تحت يافطة مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). القاعدة الأميركية تبعد 24 كم غربًا من معبر التنف/ الوليد أي عند المثلث الحدودي الأردني العراقي السوري، على بقعة جغرافية تتبع محافظة حمص السورية. لكن المركز العسكري فيها تم إقامته مع بدايات عام 2016 من أجل القيام بتدريب مقاتلين معارضين للحكومة السورية.

ويعتقد الكثير من المراقبين أن  قاعدة التنف جاءت رداً أميركياً على مثيلتها وهي القاعدة الروسية في مطار حميميم، علمًا  أن المقارنة بينهما غير منطقية، وخاصة مايتعلق بحجم ونوعية  الأسلحة والتجهيزات العسكرية وكذلك المهام المنوطة بهما، فقاعدة التنف وفقاً لموقع (كريسيس غروب الأميركي) تعتبر” أقل القواعد كلفةً من بين القواعد الأميركية في المنطقة”.

أقام التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة قاعدة التنف تحت شعار التصدي لتنظيم الدولة وتدريب قوات الجيش السوري الحر، وكان قد وصل إلى قاعدة التنف بريطانيون بالإضافة إلى الأميركيين الأساسيين في القاعدة.

مجلة (بيزنس إنسايدر) تحدثت عن أن ” القاعدة الأميركية في منطقة التنف شمال شرق سورية تقوم بمنع إيران من نقل السلاح والميليشيات من العراق إلى سورية، وباتت تقلق العواصم الثلاث موسكو ودمشق وطهران “.ثم قالت المجلة في تقرير لها ” أن الدول الثلاث اتهمت الولايات المتحدة مراراً بتدريب مقاتلي داعش في قاعدة التنف في سورية، وذلك لتضليل الرأي العام، لكن في الواقع هم مستاؤون من كون هذه القاعدة تمنع تدفق الأسلحة الإيرانية والمقاتلين من العراق إلى سورية لدعم النظام. كما أنها تقوم بتدريب المعارضين السوريين الذين يصنفهم الأميركيون كمجموعات معتدلة” .

العقيد في الجيش الأميركي (شون رايان)، المتحدث باسم عملية “الحل المتأصل” في التنف، أكد أن “الولايات المتحدة تقود التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، أولاً وقبل كل شيء، وهذا هو الهدف من وجودها في قاعدة التنف”. وأضاف ريان في تصريحات لـ “بيزنس إنسايدر” أن ” الحديث عن قيام القوات الأميركية بتدريب داعش غير صحيح إطلاقًا ومضلل، ومن المدهش حقًا أن بعض الناس يعتقدون ذلك”.

من جهته يقول (مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجبية) ” إن اختيار موقع قاعدة التنف فى جنوب شرق سورية، فى المثلث الحدودى بين العراق وسورية والأردن منذ عام 2016، لم يمثل استهدافاً لتنظيم “داعش” فى منطقة الحدود السورية- العراقية فقط، وإنما مثل استهدافاً مباشرًا للمشروع الإقليمى الإيرانى؛ حيث أن موقع القاعدة يقطع فعلياً مساراً مرورياً يمتد من إيران إلى العراق ومنه إلى سورية، وبالتالى ينقطع – جغرافياً – مسار تواصل “الهلال الشيعى” الذى ترغب إيران فى تأمينه (طريق بغداد – دمشق)؛ “

وتجدر الاشارة إلى أن الإدارة الأميركية السابقة وعلى لسان الرئيس الأميركي ترامب كانت قد أصدرت قرارًا بإخلاء القوات الأميركية في سورية،  لكن ذلك لم ينفذ، ولا يبدو أن الأميركان جادون بهذا الصدد في هذه الفترة.

حول تقييم مسألة الوجود الأميركي في قاعدة التنف، والتغيرات التي قد تطرأ عليه بعد التراجع النسبي لدور روسيا في سورية، وهل يمكن أن تلعب هذه القاعدة دورًا في مواجهة تمدد النفوذ الإيراني في الجغرافيا السورية؟ عن كل ذلك أجابنا الباحث السوري الفلسطيني أيمن أبو هاشم قائلاً “من المرجح في ضوء تصاعد الصراع في أوكرانيا أن تتحول الجغرافيا السورية إلى ساحة ساخنة، يتم من خلالها الضغط العسكري والسياسي على الوجود والدور الروسي في سورية، ويبدو أن الأميركان والإسرائيليين يعملون على مسارين في هذا الاتجاه الأول: التحسب لأي فراغ ميداني ينجم عن انسحاب، أو إعادة تموضع القوات الروسية، واستغلاله من قبل إيران وميليشياتها لتوسيع قواعدهم العسكرية في المناطق التي تنسحب منها القوات الروسية، وما الضربات الاسرائيلية الأخيرة سوى رسالة لإيران والنظام بأن التمدد الإيراني في سورية غير مسموح به، وهذا ما يفسر أيضًا التحشيد العسكري الأميركي في قاعدة التنف، التي تقع في منطقة احتكاك مباشر بين النفوذين الأميركي والإيراني في تلك المنطقة. الثاني: ويتوقف على مآل التوافقات التركية الأميركية حيال الملف الأوكراني، وتأثيرها على مواقف الطرفين في سورية، وإذا أدارت تركيا ظهرها لروسيا في أوكرانيا، ستكون تفاهماتها مع أميركا حول إعادة انتشارها في سورية تحت عنوان المنطقة الآمنة، عامل ضغط ميداني على الوجود الروسي والإيراني معًا”.

الباحث السياسي السوري  مهند الكاطع قال للحل نتأميركا اختارت التنف في وسط البادية السورية وعلى مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، بهدف معلن هو محاربة داعش، لكن المنطقة كذلك حلقة وصل لإمدادات الإيرانيين باتجاه سورية، والعلاقة الأميركية – الإيرانية وكذلك علاقة أميركا مع داعش، تخضع لعدة حسابات أميركية بالنهاية، فأميركا غضت الطرف عندما استدعت الحاجة عن نشاط كل من إيران وداعش في سورية والعراق، لكنها تريد أن يكون لها موطئ قدم في مناطق استراتيجية يتيح لها التحكم بمسارات الإمداد وخيوط اللعبة! إيران المرشح الأكثر حظوظاً في ملء الفراغ الروسي في المرحلة القادمة، وأنا لا أستبعد أن تسهّل أميركا للإيرانيين هذه المهمة دون أن تضطر لزيادة عدد مقاتليها وقواعدها في سورية.”

من جانبه تحدث الكاتب السوري وابن تدمر حسن العايد بقوله:” أنشأت أميركا بقيادتها للتحالف قاعدة التنف لأهميتها الاستراتيجية، فهي تقع على الحدود السورية العراقية وعلى حدود الأردن الشمالية والتي لاتبعد كثيراً عن حدود عرعر في الشمال السعودي، وهي من أهم البوابات التي تربط سورية في العراق، وتعتبر الأردن عضواً في هذا التحالف، وقد بدأ يثير قلقها مايجري على حدودها الشمالية مع سورية، حيث أصبحت حدودها معابر لتهريب المخدرات التي يقوم فيها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وهذه القاعدة من مهامها مراقبة تحركات الميليشيات الإيرانية وتحركات داعش بالبادية السورية، وسبق للتحالف بقيادة أميركا أن دمر للنظام السوري والميليشيات الإيرانية عدة محاولات لمجموعة عناصر مع آلياتهم عندما حاولوا الدخول لبعض المناطق التي تقع تحت السيطرة الأميركية سيما في منطقة 55كيلو وهي منطقة خاضعة لاتفاق خفض التصعيد ولمراقبة وعرقلة مشروع الهلال الشيعي، وقد أكد الملك الأردني في آخر تصريحات له بأن حدوده الشمالية قد تكون مقبلة على صراعات وحروب مع تمدد الميليشيات الإيرانية في جنوب سورية سيما بعد انسحابات روسيا التي أخذت مكانها على الأرض حيث ازدادت نشاطاتها في الآونة الأخيرة ولكن بتقديري لن يترك لها حرية الحركة سيما في أماكن خفض التصعيد تحت أي ظرف ويجب أن لايغيب عن مخيالنا أن روسيا مع الميليشيات قد تشددوا كثيراً مؤخرًا في مراقبة “مخيم الركبان” الذي يقع بنفس المنطقة تقريباً، علمًا بأن الاستهدافات التي كانت تقوم فيها أميركا واسرائيل تقتصر فقط على تحركات وتموضع الميليشيات الإيرانية، ولم يتم أي احتكاك مع القوات الروسية ولابد من الإشارة  إلى أن هناك وبنفس المنطقة نشاطات عسكرية تحت رعاية أميركا والتحالف “لمغاوير الثورة” بقيادة العميد مهند الطلاع، وهو من محافظة دير الزور (لبو حسن) ولا أستبعد أن المنطقة قد تتعرض للسخونة، وخاصة من قبل الطيران الإسرائيلي وطيران التحالف في حال أي نشاط “.

المصدر: موقع الحل نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى