شُبَّاكُكِ مازالَ
بِزُخرفهِ الشَّاميِّ يُزقزِقُ
إنْ مرَّ حزينٌ
آخرَ ساعاتِ الليل
وقالَ: مساءَ الخير
يقولُ له الشُّبَّاكُ:
صباحَ الخير
لقد طلعَ الفجرُ
وبغدادُ الآن
تقومُ من النومِ
بلا ثوبٍ تَمسحُ
بالطَّلعِ مفاتِنَها
رحل الشاعر مظفر النواب اليوم، لكن الشعراء الحقيقيين مثل “أبو عادل” لا يرحلون، وإن غادروا دنيانا هذه فإن أثرهم باق ما بقي إنسانٌ يقرأ ويسمع ويرى.
مظفر النواب ظاهرة لن تتكرر، سنحتاج إلى مساحة كبيرة إذا ما أفردنا الحديث عن تجربته الشعرية والحياتية الثرية جدًّا.
وفي لحظة الأسى على فقد الشاعر الرقيق كزهرة بنفسج – ولدت في زمن مرعب فشاءت قصيدته أن تشتم وتشتهر بذلك – لن أتذكر سوى أشعاره الأكثر شفافية وعمقًا ولطفًا، ومما سأذكر ذلك الحوار البديع الذي أجريتُه معه في مقهى الهافانا بدمشق عام 1995، بحضور الصديق الفنان والمخرج العراقي باسم قهار، ونشر في جريدة “الأسبوع الأدبي”.
كان في أوج حضوره ونشاطه، وحين جلبَ أجوبتَه عن أسئلتي في اليوم التالي، مكتوبة بخط صغير يكاد لا يُرى، قال معتذرًا: إنها عادة لازمتني منذ أيام السجن، فقد كنتُ أضطر إلى الكتابة على ورق السجائر، ومنها تنتقل إلى الخارج.
أول ما عرفنا مظفر النواب (نحن أطفال السبعينيات من القرن العشرين) عبر أشرطة الكاسيت المهرَّبة سرًّا، لكن تلك السريَّة لم تكن سوى مفتاح الدخول إلى فضائه الشعريِّ الباذخ بالحب والعرفان والجمال.
رحم الله شاعرنا العربي الذي عاش مغتربًا طوال حياته تقريبًا وأسكنه الفردس الأعلى.
المصدر: صفحة عبد الله الحامدي