المعتقلات السوريات ضحايا التجاهل والاختفاء القسري

عبد الله البشير

قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إن 9774 امرأة ما زلن قيد الاعتقال والاختفاء القسري، ومنهن 8096 مغيبات في سجون ومعتقلات النظام، وأن عدد المعتقلين المفرج عنهم مؤخرا، بلغ 341 شخصا، من بينهم 44 امرأة.

وتخشى النساء المفرج عنهنّ من الإدلاء بشهاداتهنّ حول ما تعرضن إليه في السجون، خوفا من تكرار اعتقالهن، فضلا عن وجودهن في بيئات آمنة لا تسمح بذلك.

وتتحمل السوريات، سواء كنّ معتقلات أو أمهات وزوجات معتقلين، ضغوطا كثيرة جعلت منهن المتأثر الأول بجريمتي الاعتقال والاختفاء القسري، في حين تواصل جهات مدنية تنظيم حملات للمطالبة بالمعتقلين، منها “رابطة ناجيات الداخل”.

ويحاول النظام السوري طمس الملف عبر خطوات ضبابية في الملف، وتبين الناشطة الحقوقية سما نصار، التي تتابع ملف المعتقلات منذ عام 2011، لـ”العربي الجديد”، أن “المرأة دائما هي الوجه المدني للحرب، وفي القانون الدولي الإنساني، تقاس الانتهاكات بحجم الضرر الذي لحق بالمدنيين، وبالذات النساء والأطفال باعتبارهم المؤشر لوجود الأشخاص المدنيين”.

وتضيف نصار: “تسليط الضوء على وجود عدد كبير من النساء المحتجزات ليس من مصلحة النظام السوري، فمن المعتاد عند الإفراج عن نساء معتقلات أن يتم الإفراج عنهن من دون لفت الأنظار، والمعتقلات في الغالب هم رهائن لصالح مبادلات خلال الاتفاقيات التي تحدث بين روسيا واللجنة الرباعية”.

وتوضح أن “كثيرا من النساء المعتقلات لم توجه إليهن تهمة، وبعضهن صدر حكم بحقهن، ومثال على ذلك فتاة حكم عليها بالسجن سبعة أشهر، وصدر حكم إخلاء لها عن طريق القاضي، لكنّها لا تزال معتقلة لدى المخابرات الجوّية لصالح مبادلة. إجمالا النساء رهائن لا يتم الإفراج عنهن. حتى في حال الإفراج عنهن، فإننا نراعي وضعهن كوننا لا نعرف ظروف المرأة، وما إذا كانت ستبقى في البلد أو تغادر، فالحديث عن الموضوع قد يسبب خطرا، وفي الأصل، فإن أغلب النساء لا يتم التبليغ عن اعتقالهن، فكيف يمكن المطالبة بالإفراج عنهن”.

وقالت نصار: “أعتقد أن عدد المفرج عنهن أخيرا يفوق العشرين، لكن ما وصلني 6 أسماء فقط. إجمالا هناك العديد من الظروف التي تحكم هذا الأمر، والإفراج عن النساء يؤدي لضغوط على النظام، فهو في الأصل ينكر وجود معتقلين، والحديث عن وجود معتقلات يحرجه”.

ويصعب تخمين مصير ملف المعتقلات في سجون النظام بعد 11 عاما مضت، لكن أي تحرك يتم عن طريق المبادلات، وهي خطة لوصم المعتقلات والمعتقلين بالإرهاب، والنظام لو أراد الإفراج عن نساء لا يسلط الضوء عليهن، وحال كانت هناك جهة تحاول الإفراج عن نساء، عدا “هيئة تحرير الشام”، يشترط عليها عدم الإعلان، وعندما تكون “جبهة النصرة” طرفا في التبادل، يسلط النظام الضوء عليها كون الأمر يخدم روايته بادعاء أن النساء زوجات إرهابيين، أو لهم علاقات مع الإرهابيين.

بدورها، أوضحت مسؤولة التواصل في “رابطة ناجيات الداخل”، وفاء نجيب، وهي نفسها ناجية من سجون النظام، لـ”العربي الجديد”، أن عدد النساء المفرج عنهن قليل جدا، كون عددهن في المعتقلات أقل من الرجال، “لكن للأمر بُعد مرتبط بقضية الاختفاء القسري، والأمور في سورية لا تقاس بالأرقام، فالنساء هن الأكثرية الساحقة المتأثرة بهذه الجريمة، وحياتهنّ تعقّدت اقتصاديا وقانونيا واجتماعيا بسبب اعتقال أو إخفاء الذكور”.

وأضافت نجيب: “نحن مجموعة من الناجيات، وهناك تجاهل كبير لحقوقنا، ونحن في الشمال السوري لا نستطيع فعل أي شي من الناحية القانونية، وطريقتنا للتذكير بالمعتقلين والمعتقلات تنحصر في مناصرتهم بوقفات احتجاجية وحملات، ومطالبة الأمم باتخاذ خطوات لتحريرهم من سجون النظام”.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى