دبلوماسي فرنسي لـ”النهار العربي”: لا عودة قريبة لسورية إلى الجامعة العربية وتعطيل أميركي لوصول الغاز المصري إلى لبنان

رندة تقي الدين

أبلغ دبلوماسي فرنسي إلى “النهار العربي” أن التطورات في سوريا لا تشير الى امكان إنهاء النزاع الدائر هناك. وأكد الدبلوماسي في حديث مع عدد من الصحافيين من بينهم “النهار العربي” عشية انعقاد مؤتمر بروكسيل حول سوريا، أن سياسة النظام ومواقفه لا تعكس اتجاهاً للسير في حل حقيقي للأزمة السورية. فالوضع سيّئ مع استمرار زيادة الحاجات الإنسانية وتفاقم تهريب المخدرات وتعقّد عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم. وراى أن الوضع يؤكد استمرار النزاع القائم على عكس ما يروج له النظام السوري ومن يدعمه خصوصاً روسيا.

وأوضح أن خطوط الجبهة في سوريا ثابتة منذ العام 2020 ما يشير الى انهاك النظام وعدم قدرته على استعادة الأراضي التي خرجت عن سيطرته. وقد اختار النظام بحسب المصدر الدبلوماسي أن ينشط لتقديم الدعم لروسيا في غزوها لأوكرانيا عبر حملة واسعة لتعبئة مرتزقة سوريين للقتال في أوكرانيا. وأوضح أن باريس ترى أن روسيا تريد تصدير الطريقة السورية الى أوكرانيا، فيما تسعى الدبلوماسية الفرنسية للتصدي للتواطؤ السوري في دعمه لموسكو في حربها على أوكرانيا.

تحدث الدبلوماسي الفرنسي عن الموقف الأوروبي في ما يتعلق بالشعب السوري، فقال إن باريس والشركاء الأوروبيين يعوّلون على مسار سياسي حقيقي لحل الصراع بالضغط لعدم التطبيع مع النظام السوري وفرض العقوبات ورفض إعادة الاعمار طالما بقي موقف النظام على حاله ما يعني أن لا تغيير في اتجاه بلورة حل حقيقي للأزمة. ويضيف المصدر أن دول المنطقة ليست على الموقف نفسه مع فرنسا وأوروبا علماً أن قرارهم سيد نفسه، فالبعض قرر التطبيع مثل الإمارات العربية المتحدة انطلاقاً من قناعة تقول إن لا يمكن ترك سوريا للوجود الإيراني وينبغي تكثيف التواجد العربي فيها. أما البعض الآخر مثل الأردن، فلديه مشكلة اللاجئين.

وتابع المصدر أن باريس تقول لهذه الدول في حوارها معهم إن عدم تراجع النظام السوري عن مواقفه المتصلبة وعدم تقديمه أي تنازل مقابل ما قدمته الدول، فإنها لا تتأمل بأن تحصل على الكثير، لا بالنسبة إلى أمن المنطقة ولا لاستقرار سوريا ولا بعودة اللاجئين.

وذكر المصدر أن خلال السنتين الماضيتين عاد قسم من اللاجئين السوريين إلى بلدهم وبعضهم أُجبروا على العودة. وتشير المفوضية العليا للاجئين إلى عودة 42000 سوري، في حين أن عدد الذين غادروا كان عددهم أكبر. وأكد استعداد باريس لدعم مسار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون عبر الصيغة التي يصفها بخطوة مقابل خطوة شرط أن يتم تحديد مضمونها وطريقة تفعيلها، وإلا لا يمكن معرفة ما يسعى إليه النظام بالنسبة إلى وقف الهجوم على المدنيين وخرق حقوق الإنسان والقانون الدولي والاعتقالات والقتل الاعتباطي والتعذيب. وقد طلبت باريس خلال الاجتماع الأخير لمجموعة الاتصال حول سوريا من المبعوث الأممي بإعداد تقرير عمّا يمكن أن يقدمه النظام السوري حول حل هذ الأزمة.

أما عن مؤتمر بروكسيل، فالاتحاد الأوروبي هو الممول الأول للشعب السوري مع عشرات المليارات من اليورو منذ 2011، فيما قدمت فرنسا منذ أول مؤتمر في بروكسيل 700 مليون يورو وموّلت منذ 2018 مشاريع في شمال وشمال شرقي سوريا خارج مناطق النظام تقدر بـ200 مليون يورو، كما أنها ستساهم بشكل ملموس لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا بأكثر من 375 مليون يورو للسنوات المقبلة، خصوصاً في القطاع الغذائي حيث يعيش 14 مليون سوري تحت خط الأمن الغذائي والوضع يتفاقم نتيجة غزو روسيا لأوكرانيا.

وسأل “النهار العربي” الدبلوماسي عن موقف فرنسا إذا عادت سوريا الى الجامعة العربية وعن تعليقه عما قاله وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب “إننا بحاجة لعودة اللاجئين وليس لمساعدتهم”، فقال المصدر الدبلوماسي إن الأصداء الآتية من الجامعة العربية تشير إلى أن هناك ثلاث دول مهمة، هي مصر والسعودية وقطر، تعتبر أن عودة سوريا الى الجامعة العربية ليست مطروحة الآن كون النظام لم يظهر أي إشارات تدفع الى تعديل موقفها منه. وبما أن القرارات في الجامعة تؤخذ على أساس التوافق فقد لا تعود سوريا الى مقعدها في الجامعة في خلال القمة العربية المرتقبة في الجزائر في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، علماً أن المفاجآت في العالم العربي ليست مستغربة.

وتابع أن ما تسمعه باريس من هذه الدول أنه طالما النظام السوري تحت هيمنة إيران ولم يعدل مواقفه ولم يجرِ إصلاحات لن توافق على عودته الى الجامعة العربية. وأوضح أنه في كل مرة حصل فيها تسامح باتجاه النظام السوري من دول عربية، كان النظام يستفيد ولا يعطي أي شيء في المقابل.

وعن عودة اللاجئين وما يقوله اللبنانيون في شأنهم، قال الدبلوماسي إن الأردن مثلاً بادر إلى التقارب مع سوريا بالنسبة الى ملف اللاجئين، ولكنه واجه المزيد من المشاكل مع تكثيف تهريب المخدرات على الحدود. وبالنسبة إلى عودة اللاجئين، فليس من السهل إعادتهم لأن ذلك يتطلب قراراً منهم وألا يجبروا على العودة وأن تكون عودتهم آمنة. كما أن النظام لا يريد إعادة لاجئين من السُنة. وأوضح أن باريس تتفهم موقف الدول التي تطالب بإعادة اللاجئين مثل لبنان ولكن الظروف ليست متوافرة.

ورداً على سؤال “النهار العربي” حول ما الذي يعطل وصول الغاز المصري عبر سوريا الى لبنان، قال المصدر الدبلوماسي إن القرار في هذا الشأن أميركي، ولكن المعروف أن الكونغرس الأميركي يعطل عبور الغاز المصري الى سوريا بسبب قانون قيصر.

وقال المصدر أن تهريب الكبتاغون يقلق السلطات الأردنية ودول الخليج، وهو يعتبر تجارة مربحة للنظام السوري.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى