في الوقت الذي ما زال يمثل فيه المسجد الأقصى بؤرة استهداف دائمة لدولة الاحتلال وقطعان المستوطنين، فقد أرسل الأردن للولايات المتحدة في الأيام الأخيرة وثيقة تطالب دولة الاحتلال بجملة من الاستحقاقات داخل المسجد.
وعلى رأس المطالب الأردنية “العودة إلى الوضع التاريخي الراهن”، ويتضمن ذلك نقل كامل الصلاحيات التي صادرتها شرطة الاحتلال إلى دائرة الأوقاف التابعة للمملكة، فضلا عن وقف السلطة الحصرية لتحديد ترتيبات زيارات المصلين من قبل سلطات الاحتلال، وعدم إبقائها في حوزة الشرطة التي تسيطر على مراقبة حائط البراق.
في الوقت ذاته، تضمنت الوثيقة الأردنية الموجهة لدولة الاحتلال عبر الإدارة الأمريكية وقف الانتهاكات الإسرائيلية الأخرى المتعلقة باقتحامات المستوطنين، وإبعاد شرطة الاحتلال لحراس الوقف الأردني، وسماحها لليهود بالصلاة داخل المسجد الأقصى على طول الجدار الشرقي، مما يعتبر انتهاكا صارخا للوضع الراهن، وللالتزامات الإسرائيلية تجاه الأردن والولايات المتحدة، الأمر الذي يعني تعزز المخاوف الفلسطينية والأردنية أن الاحتلال يسعى لتقسيم المسجد الأقصى، كما فعل في الحرم الإبراهيمي بالخليل.
البروفيسور يتسحاق رايتر، رئيس الجمعية الإسرائيلية لدراسات الشرق الأوسط والإسلام، مؤلف كتاب “صخرة وجودنا ووجودهم: اليهود والإسلام والمسجد الأقصى”، ذكر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته “عربي21” أن “الوثيقة الأردنية المذكورة يجب أن تقابلها وثيقة إسرائيلية تتضمن ثمانية مطالب أساسية أولها تنظيم اقتحامات اليهود للمسجد الأقصى عبر أكثر من بوابة دخول، بحيث يتم ذلك من جميع البوابات التسع، وثانيها اضطلاع الأردن بوقف الاحتجاجات الفلسطينية داخل المسجد الأقصى، وثالثها إلزامية المطالبة ببناء سياج عالٍ فوق الحائط الغربي بزعم منع قيام الفلسطينيين بإلقاء الحجارة على المستوطنين المقتحمين، ورابعها الموافقة الأردنية على استخدام الاحتلال لسطح المبنى لتفريق التظاهرات، ودخول المزيد من قوات الشرطة”.
وأضاف أن “المطلب الخامس يتمثل في قيام الأوقاف الأردنية بإزالة أي حطام وحجارة عقب كل احتجاجات يشهدها المسجد الأقصى مع قوات الاحتلال، وسادسها وقف إعادة فتح مدخل قبة الصخرة والمتحف الإسلامي والمسجد الأقصى بترتيب مسبق للسياح المحليين والأجانب، (وليس لنشطاء جماعات الهيكل الذين يُخشى من تصرفاتهم)، وسابعها السماح للاحتلال بمراقبة الخطب التحريضية من داخل المسجد، والسماح بفصل الخطباء عند التحريض، وثامنها التوصل لاتفاق حول تركيب كاميرات متطورة على البوابات، مع غرفة قيادة مشتركة لشرطة الاحتلال والأوقاف”.
من الواضح أن هذه المطالب تسعى من خلالها سلطات الاحتلال لتغيير مسار عمل دائرة الأوقاف الأردنية الفلسطينية داخل المسجد الأقصى، وإيجاد حالة من الاشتباك مع المصلين والمرابطين، وإعفاء الاحتلال من القيام بهذا الدور الأمني، بزعم إعادة مشاهد وأعداد اقتحامات المستوطنين لما كانت موجودة قبل 2017، فضلا عن مطالبة إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية بإقامة منتدى حوار دائم حول المسجد الأقصى والأماكن المقدسة المشتركة الأخرى، بزعم أنها تابعة للأديان الإبراهيمية الثلاثة.
المصدر: عربي21