فأما اليتيم فلا تقهر

محمد عمر كرداس

    اليتيم تعريفًا: هو من فقد أباه وهو لم يبلغ الحلم،أي تربى طفلًا دون أباه، وقد حضت الشرائع السماوية على الإحسان إلى اليتيم وحفظ حقوقة ـ وفي سورة الضحى في القرآن الكريم يقول الله تعالى “فأما اليتيم فلا تقهر ” ونعرف جميعًا أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عاش وتربى يتيمًا حتى أن والده توفي قبل ولادته وعاش برعاية جده وعمه اللذان أحسنا إليه  أيما إحسان وعاش معززًا مكرمًا، ولكن فقد الأب ليس بالشيء القليل فالأب هو عماد الأسرة وهناك من اليتامى من لاعم له ولا جد فتكون حياته من الصعوبة بمكان، وهذا يستحق منا كل رعاية وحماية خصوصًا وهو طفل لم يبلغ الحلم وكانت الوصية الأساسية في القرآن الكريم “ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ” صدق الله العظيم  وهذه وصية أخرى إذا اتبعت ستعوض اليتيم بعض حزنه ويتمه وهي تعني أن الاقتراب من أموال اليتيم تكون بتنميته وحفظه وصونه حتى يبلع اليتيم أشده أي يصبح رجلًا يستطيع التصرف بأمواله بشكل سليم بعد أن تربى التربية الصالحة، وبهذه الكلمات القصيرة في القرآن الكريم نكون قد أنشأنا من اليتامى أعضاء صالحين يندمجوا في المجتمع ويساهموا بتنميته وتقدمه، لأن العكس سيأتي بالمشاكل التي لا تعد ولا تحصى فإذا لم نرع اليتيم سنخلق ظواهر سيئة في المجتمع فسيكون هناك المشردون وأطفال الشوارع الذين يمارسون الأعمال الوضيعة ويرافقون رفاق السوء وهذا ينعكس  على العائلة والمجتمع بشكل سيء، من تعاطي المخدرات والسرقات والشذوذ وفي مراكز رعاية الأحداث في مختلف البلدان نرى هذه الظواهر واضحة للعيان، لقد مرت  المجتمعات القديمة بمراحل صعبة حين كانت تنشب الحروب ويقتل الرجال وتسبى النساء والأطفال الذين يكون مصيرهم إما الخدمة في بيوت  المتنفذين أو الخدمة في الجيش الذي يربيهم تربية معقدة تجعل منهم وحوشًا لاقلوب لهم وقد مرت بلادنا بحالات مثل هذه في عهود مختلفة آخرها كانت ظاهرة المماليك التي عانت منها البلاد الشيء الكثير وكانت منافية لتعاليم القرآن والشريعة التي أوصت بإكرام اليتيم وورعايته وصون كرامته، وعلى مستوى الأسرة الصغيرة تتفتت العائلة بفقدان الأب وخصوصًا بزواج الأم من رجل ثان وكان هذا الرجل لايرعى حق اليتيم وهنا تكون المشكلة كبيرة عند اليتيم ذكرًا كان أم أنثى، والأمثلة في هذه الحالات كثيرة ومحزنة، ولكن إذا كان هذا الرجل الثاني يعتبر اليتيم من ذكر أو أنثى كأولاده فهنا سيكون قد قام بواجبه تجاه اليتيم ورعى فيه حق الله والمجتمع.

    إن رعاية اليتيم وصون حقوقه لاتنعكس إيجابيًا على اليتيم فقط، بل تنعكس على كل المجتمع بالانسجام والصلاح. وإذا نظرنا إلى حياتنا السورية بعد أن أوغل النظام بدم السوريين، فنحن نرى الويلات من أعداد لاتحصى من اليتامى والمفقودين دون رعاية من أحد وكل يوم نسمع ونرى من المآسي مالايتصوره عقل، فالنظام لم يراع حرمة لا ليتيم ولا لغيره، فقتل الآباء وصادر أموال اليتامى وتركهم للتشرد والفاقة ونحن نرى حياتهم في المخيمات داخل سورية وخارجها فلا تعليم ولا غذاء صحي ولا لباس معقول  ولا أي نوع من أنواع الرعاية حتى بالحد الأدنى وحتى ما يأتي من مساعدات ضئلية لهذه المخيمات تسرق من سلسلة من المنتفعين والمتنفذين دون النظر إلى حرمة ودون نظرة إنسانية لحالة هؤلاء اليتامى وحتى من بقي تحت سيطرة النظام ويعيش في قراه ومدنه فليس حاله بأحسن فالغلاء الرهيب وعجز النظام وفساده وانتشار الحريمة والمخدرات بشكل لم يعرفه المجتمع السوري سابقا تزيد من معاناة البشر وتزيد من الثراء الفاحش لأزلامه ومحاسيبه عل حساب هذا الشعب المسكين.

فلنرفع شعار فأما اليتيم فلا تقهر والقهر يشمل فقدانه لكل مستلزمات حياته من مأكل وملبس وتعليم وصحة وغيرها. أعان الله سورية وشعبها وأحسن ليتامى الشعب السوري المنكوب.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى