استبدال ممثلي مجالس محلية وإنهاء عضوية آخرين || ماذا ينتظر الائتلاف السوري؟

بعد تجاذبات استمرت لأكثر من 8 أشهر، أي منذ تولي سالم المسلط مهمة رئاسة الائتلاف الوطني السوري في شهر تموز الماضي، صدر أخيراً القراران: (رقم 4 معدّل) القاضي بإنهاء عضوية 14 عضوا في الائتلاف الوطني، و(رقم 5) القاضي بقبول طلبات استبدال أربعة مجالس محلية.

الحديث عن استبدال أعضاء في الائتلاف الوطني، كان قد بدأ على إثر مطالب متكررة لمجلسي دير الزور وحلب المحليين باستبدال ممثليهما، فضلا عن مطالب داخل الائتلاف الوطني بحل كتلة الحراك الثوري التي لم يعد لها أي مرجعية بعد حل الهيئة العامة للثورة السورية والمجلس الأعلى، إذ كانا يعتبران المرجعيتين الوحيدتين لتلك الكتلة، إلا أنّ المتضررين من تلك المطالب اقترحوا أن يتم النظر في قانونية مرجعية كافة أعضاء الائتلاف، ما فتح الباب واسعا أمام معضلة واجهت “المسلط” منذ توليه الرئاسة.

وفي حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، يقول عضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة (طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لتوتر الأجواء حاليا) إنّ هذه الطلبات المتكررة دفعت رئيس الائتلاف لإنهاء تلك المشكلة بحل لجنة العضوية التي أسست في أيلول عام 2018 وكانت مهمتها دراسة طلبات الانتساب وطلبات الاستبدال والإقالة وتقديم مقترح في هذا الخصوص، وبذلك استطاع تعطيل أي عملية تغيير داخل الائتلاف الوطني.

خلفية القرارات

تضمن القراران السالفان تنحية كل من رياض الحسن عن تمثيل مجلس دير الزور المحلي وأحمد شحادي عن مجلس حلب المحلي ومصطفى النواف عن مجلس الرقة المحلي وعدنان الرحمون عن مجلس إدلب المحلي، والاستعاضة عنهم بممثلين آخرين، وإنهاء عضوية كل من حاتم الظاهر عن التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة وعبد الله الفرج وجمال الورد وأمل شيخو وكفاح مراد وجلال خانجي وعبد المجيد الشريف وعلا عباس ومحمد صفوان جندلي وحسين العبد الله وحسان الهاشمي وزياد العلي ووليد إبراهيم ومحمد أيمن الجمال.

ويشير عضو الائتلاف الوطني إلى أنّ استبدال ممثلي المجالس المحلية كان قانونياً بحكم أنّ المجالس تحمل الصفة القانونية وطلبت بشكل رسمي استبدال ممثليها، بينما لا يحمل قرار الإقالة أي صبغة قانونية إلا أنّه كان ضرورة من أجل تمرير مجموعة من الإصلاحات.

ويتابع أنّ عملية الإصلاح لا سيما فيما يخص تعديل النظام الأساسي كانت تخضع لمجموعة من التوازنات، وكانت معظم الأسماء التي تم إنهاء عضويتها قد أعطت تفويضات لأعضاء في الائتلاف الوطني، استطاعوا عن طريق تلك التفويضات تعطيل إصدار قانون أساسي جديد.

ويضيف العضو أنّ أكثر المتضررين من قرار إنهاء العضوية هو عضو الائتلاف نذير الحكيم الذي فقد ستة حلفاء وبالتالي خسر ستة أصوات من أصل ثمانية كان يفاوض على ما يريد من خلالهم.

اجتماع مؤجّل

كانت الترتيبات قد اتخذت قبل اجتماع الدورة الـ61 للهيئة العامة، وشملت تلك الترتيبات قبول استبدال أربعة أعضاء من كتلة المجالس المحلية وانتخاب وزير للتعليم ووزير للزراعة في الحكومة السورية المؤقتة، إلا أّن الشخصيات التي تتحكم في مصير الائتلاف وتحمل تفويضات يمكنها تعطيل أي عملية انتخابية، استطاعت إقناع رئيس الائتلاف الوطني بتأجيل طرح أي عملية تغيير خلال الاجتماع.

ويعلّق عضو الائتلاف الوطني الذي طلب عدم ذكر اسمه بالقول إنّ السبب الرئيسي لتأجيل اجتماع الهيئة العامة من 28 الشهر الماضي إلى 30 من الشهر ذاته، كان لترتيب قرارات الإقالة والتشاور مع أطراف حليفة للمعارضة السورية، إلا أن تأجيل قبول طلبات مجالس المحافظات من قبل رئيس الائتلاف دفع ببعض الأعضاء للضغط عن طريق حلفاء من خارج الائتلاف من أجل تمرير تلك القرارات.

ويلفت إلى أن القرارات لم يتم توقيعها الأحد، بل أول أمس السبت، بعد أن نظمها الأمين العام هيثم رحمة، إلا أنّ تعميم القرار كان في اليوم التالي، وما اتخاذ القرار في أيام العطلة إلا بسبب الضغط الشديد على رئيس الائتلاف لتوقيع تلك القرارات.

تداعيات القرارات

على خلفية القرارات بدأ ممثل مجلس إدلب بالتحرك للطعن بشرعية القرار بحجة أن المجلس لم يطلب تغيير ممثله في حين طعن ممثل مجلس محافظة حلب بشرعية المجلس قائلا إنّ آخر انتخابات حقيقية كانت في عام 2016 وبقي المجلس على ما هو عليه وكان التبديل فقط بالمكتب التنفيذي وشخص الرئيس.

وطال قرار الفصل ممثل التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية “حاتم الظاهر” في خطوة اعتبرها بعض أعضاء الائتلاف كيدية بسبب الندوة التي عقدها مؤسس التجمع “رياض حجاب” والتي تم خلالها نقد الائتلاف الوطني بشكل لاذع، وهذا شكّل انطباعاً لدى قيادة الائتلاف بأنّ “حجاب” تعمّد فتح الباب واسعا أمام الناقدين.

واعتبر التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية أنّ فصل ممثله حاتم الظاهر غير قانوني وعلى خلفية القرار أعلن التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية انسحابه من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وأصدر بيانا قال فيه “إن المكتب التنفيذي للتجمع الوطني الحر اجتمع واتخذ قراره بالانسحاب من الائتلاف الوطني للأسباب الآتية كما ذكرها البيان”، محملا الائتلاف الوطني مسؤولية فشل العملية السياسية.

ما بعد القرار

يبدو أنّ القرارات الأخيرة ستفتح الباب واسعا أمام قرارات أخرى ستصدر تباعا خلال الأيام القادمة، وقد تستهدف أعضاء في كتلتي الحراك الثوري والمجالس المحلية، فضلا عن إقرار النظام الأساسي الذي سيتضمن إصلاحات كبيرة في بنية الائتلاف.

يقول عضو الائتلاف إنّ الإصلاحات التي سنشهدها في الفترة القادمة ليست رغبة داخلية بقدر ما هي رغبة حلفاء من خارج الائتلاف الوطني، فضلا عن إدخال أعضاء أكثر قربا من الشارع السوري وأكثر امتزاجا مع القوى الثورية، وهذا ما قد يغيّر في النظرة السائدة تجاه الائتلاف الوطني.

ويرى أنّ المرحلة القادمة ستكون مختلفة جذريا، فالهدف من قرار الإقالة اليوم هو إضعاف أصحاب نفوذ المصالح الضيقة، وتقليص نفوذهم حتى لا يمكنهم التأثير على أي قرار تغيير قد تشهده المرحلة القادمة.

ونفى ما يتردد من أنّ قرار الإقالة استهدف المعارضين للجنة الدستورية داخل الائتلاف الوطني على اعتبار أنّ من المقالين أعضاء في اللجنة الدستورية مثل رياض الحسن، أو مقربين منها ومدافعين عنها.

“ليعود كيانا وطنيا”

بين متوسم خيراً من عملية الإصلاح ومن لا يرى أي فائدة منها يتداول السوريون آراء حول إمكانية استعادة الدور المحوري للائتلاف الوطني فالفرص التي أضاعها أعضاء الائتلاف في أن يكون هو المؤسسة الجامعة التي تعبر عن هموم وتطلعات قوى الثورة لن تتكرر.

يقول الكاتب في الشأن السياسي حسن نيفي لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ جمهور الثورة اليوم هو أحوج ما يكون إلى قيادة وطنية سورية تنبثق من خيارات السوريين وتعمل على استعادة الثقة بين حاضنة الثورة والقوى السياسية، وفي هذا السياق تبدو مسألة إصلاح الكيانات الرسمية وفي مقدمتها الائتلاف في غاية الأهمية، ولكن ما نراه من إجراءات في هذا السياق مع الأسف لا توازي تطلعات السوريين ، ذلك أن حالة الترهل التي وصل اليها الائتلاف لم تعد تجدي معها حالات الترقيع التي نشهدها بين حين وآخر، فما يحتاج إليه الائتلاف ليس استبدال شخص أو أشخاص بآخرين وتعديلات بسيطة على لوائحه الداخلية فحسب، بل يحتاج إلى إعادة تشكيل كاملة بما في ذلك استقالة جميع أعضائه وتشكيل لجنة تحضيرية من أكثر من طرف( قانوني وسياسي) لتعمل على تشكيل قيادة للثورة تنبثق من خيارات السوريين، وأعتقد أنه من الممكن استفتاء السوريين سواء في المناطق المحررة أو بلدان اللجوء حول هذه العملية،.

ويعتقد أن الائتلاف بعد عقد من الزمن على تشكيله انتهى إلى كيان مغلق يتحكم في مفاصله أشخاص أصحاب نفوذ ومصالح بعيدة عن الوطنية السورية، فضلا عن تحول عمله إلى دور وظيفي أكثر منه دوراً ثورياً.

وأكّد أن السوريين يريدون استعادة الائتلاف ككيان قيادي من الأيادي الإقليمية وأصحاب المصالح الشخصية ليعود كياناً وطنياً سوريا يخضع لإرادة السوريين ويعمل على تحقيق مصالحهم.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى