أقر مجلس الشعب التابع للنظام السوري (البرلمان)، الخميس، مشروع قانون يشدد القيود على كل ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الانتقادات الموجهة إلى حكومة النظام في ظل تنامي التذمر الشعبي من تردي الأحوال المعيشية وانفلات الأسعار وفقدان المواد الأساسية.
وذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن المجلس أقر مشروع القانون المتعلق “بتنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية وإلغاء المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012 وأصبح قانوناً”، دون أن تقدم مزيداً من المعلومات حول الصيغة النهائية للقانون الذي أثار جدلاً واسعاً حتى داخل أوساط النظام منذ إحالته إلى المجلس قبل 3 أشهر.
ونقلت صحيفة “تشرين” التابعة للنظام عن عضو المجلس عبد المنعم الصوا قوله إنه “تم عملياً تشديد العقوبات بما يتلاءم مع تطور الجريمة المعلوماتية كما تم تصويب بعض الملاحظات الموجودة في المرسوم رقم 17 لعام 2012”.
وذكرت مواقع موالية للنظام أن القانون الجديد يشدد على “منع الإساءة إلى الوضع المالي للدولة بمنشورات تقوض النظام المالي وأسعار الصرف”. وأضافت أن القانون يحدد العقوبات الخاصة “بارتكاب الجنح المنصوص عليها وحالات تشديد العقوبة والعلنية الإلكترونية سواء بما يتعلق بالنشر أو التواصل أو المراسلات على الشبكة وأحكام إعادة النشر”.
وكان مشروع القانون أثار جدلاً واسعاً داخل البلاد منذ طرحه أمام المجلس نهاية العام الماضي. ورأى كثير من السوريين في المشروع المطروح تكميماً للأفواه لاتساع تعريف الجرائم مثل “النيل من هيبة الدولة، ومن هيبة الموظف العام”.
وقالت مقررة لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في “مجلس الشعب”، غادة إبراهيم، إن اللجنة المشتركة الخاصة لمناقشة مشروع تعديل قانون “مكافحة الجريمة المعلوماتية” أعادت صياغة المادتين المتعلقتين بـ”النيل من هيبة الدولة” و”النيل من هيبة الموظف” لجعلهما أكثر دقة، وفق ما نقلته صحيفة الوطن الموالية للنظام يوم 13 الشهر الجاري.
واعتبرت إبراهيم أن “الإساءة إلى الدولة أشد من الإساءة إلى الأشخاص، ويجب الفصل بين الجريمتين وعقوباتهما، إذ إن العقوبة في حال كانت الإساءة لموظف الدولة بصفته الوظيفية أشد من الإساءة له بصفته الشخصية”، وفق تعبيرها. ورأت أن القانون “لا يهدد حرية الصحافة والإعلام ولا يتعارض مع أي قانون آخر”، وإنما يستهدف “ضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي“.
من جهته، قال عضو “مجلس الشعب” محمد خير العكام لتلفزيون “الخبر” أن المجلس “استفاد من تجارب عدة دول في تنظيم الجريمة الإلكترونية واعتبر أنه “تم وضع نصوص وعقوبات مناسبة وأقل تشدداً من دول أخرى”. وأضاف انه “نتيجة التجربة تبين وجود إساءة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تضر إما بالأفراد أو مؤسسات الدولة، والقانون يوضّح ماذا نعني بالقدح والذم وما تعنيه مكانة الدولة المالية”. ورأى أن “من حق المواطنين انتقاد الحكومة نتيجة الأوضاع الصعبة التي يعيشونها، لكن عليهم أن يكونوا حذرين بنقل الأخبار، وأن يفرّقوا بين النقد والأخبار الكاذبة”.
ويتألف المشروع الجديد من 47 مادة، وهو يتشدد في العقوبات المتعلقة بالنشر عبر الإنترنت، لتصل عقوبات بعض “الجرائم” إلى سبع سنوات حبس، وغرامات مالية منها ما يبلغ عشرة ملايين ليرة سورية (حوالي 2830 دولارًا).
وشكل المجلس لجنة مشتركة من الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشؤون التشريعية والدستورية، حيث قامت هذه اللجنة بإضافة عدة مواد إلى مشروع القانون تتعلق بتشديد العقوبات على “كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو نشر على شبكة الإنترنيت أخباراً تؤدي إلى زعزعة النقد وأسعار الصرف في النشرات الرسمية”. كما نصت الإضافات على “معاقبة مرتكبي جريمة النيل من مكانة الدولة المالية بالسجن المؤقت من 4 إلى 15 سنة وغرامة مالية من 5 إلى 10 ملايين ليرة سورية”.
ويأتي إقرار قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بمواده الجديدة وعقوباته المشددة لا سيما المتعلق بـ”النيل من مكانة الدولة المالية” بالتزامن مع ارتدادات الأزمة العالمية وتواصل الحرب في أوكرانيا التي ساهمت برفع الأسعار في الأسواق السورية على نحو غير مسبوق مع تدهور يومي في سعر صرف الليرة السورية لتلامس حاجز 4000 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد.
المصدر: العربي الجديد