يضغط معارضون سوريون للوصول إلى قرار أممي يُنهي النزاع المسلح في سوريا، عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمطالبة بمنع روسيا من التصويت داخل مجلس الأمن على مشاريع القرارات المتعلقة بالقضية السورية، كونها طرفًا في النزاع.
تأتي هذه المطالب كخطوة سياسية لاستثمار الحالة الدولية المعارضة لـ”الغزو” الروسي لأوكرانيا، فضلًا عن مطالبة الجمعية العامة بأغلبية الثلثين (أغلبية ساحقة) روسيا بوقف “غزوها” فورًا، وسحب قواتها العسكرية دون شروط من الأراضي الأوكرانية داخل حدودها المعترف بها دوليًا.
ووقّعت 122 شخصية سورية معارضة، الخميس 10 من آذار، مذكرة سياسية وقانونية ستُرفع إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، تضمّنت خمسة مطالب أساسية تتعلق بوجود روسيا في سوريا، وارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويحاول الموقّعون على العريضة إحالة الملف السوري إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت مبدأ “الاتحاد من أجل السلام” (القرار الأممي 377)، لتدارس ما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية في سوريا، واتخاذ التدابير اللازمة لوقف إطلاق النار وإنهاء المأساة السورية.
وغاب عن التوقيع على العريضة المعارضة السورية بصفتها الاعتبارية الممثلة بالهيئات الرئيسة، وهي “هيئة المفاوضات”، و”الائتلاف الوطني”.
مطالب بصبغة قانونية
استندت مطالب المذكرة إلى المادة رقم “27” والفقرة الثالثة من المادة رقم “52” من ميثاق الأمم المتحدة، اللتين تنصان على حق قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحًا فيها ومناسبًا، ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
كما يجب على مجلس الأمن الدولي مساعدة الدول الأعضاء الداخلة في مثل هذه التنظيمات والوكالات الإقليمية.
“الاتحاد من أجل السلام”.. فرصة لم يملكها السوريون في 11 عامًا
وطالبت المذكرة تفعيل المادة رقم “5” و”6″ من الميثاق، من أجل تعليق عضوية النظام السوري أو تمتعه بمزاياها، لا سيما بعد ثبوت ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واستخدامه السلاح الكيماوي.
وتجيز المادتان للجمعية العامة أن تفصل أي دولة عضو من الهيئة بناء على توصية مجلس الأمن، في حال خرقت مبادئ الميثاق.
آلية التنفيذ صعبة
“هذه المطالب تأخذ الصبغة القانونية أكثر من كونها مجرد مطالب سياسية، وفي الحقيقة آلية تنفيذها صعبة”، وفق ما قاله مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، وهو إحدى الشخصيات التي وقعت على المذكرة.
“من ناحية قانونية، هذه المطالب جميعها صحيحة، وكان يجب أن تتم منذ بداية الثورة السورية، عندما كان هناك زخم حقيقي حول القضية”، وفق ما قاله الحقوقي في حديث إلى عنب بلدي.
وأول خطوة لإحالة الملف السوري إلى الجمعية العامة هو إقناع مجموعة من الدول أن تدعو إلى جلسة في الجمعية العامة من أجل طرح هذه الفرضية والتصويت عليها، وفي حال نجحت الإحالة، يجب المطالبة بوقف إطلاق النار في سوريا، لأن حماية المدنيين أولوية أساسية في المذكرة، وأهم من ملف المحاسبة الجنائية، وفق ما يراه الحقوقي عبد الغني.
وفي عام 2016، بعد شلل مجلس الأمن وعجزه عن حماية الأمن والسلم الدوليين في سوريا، بسبب “الفيتو” الروسي المتكرر (استخدمته 16 مرة)، قررت المعارضة السورية، ممثلة في “الهيئة العليا للمفاوضات”، دعوة الجمعية العامة إلى الانعقاد الاستثنائي، استنادًا إلى قرار “الاتحاد من أجل السلام”.
ومن أجل الانتفاع بهذا القرار بشكل ناجح، يجب التوافق على صيغة قرار بين الدول الكبرى يحظى بقبول ثلثي أعضاء الدول في الجمعية العامة، ما يقتضي تنسيقًا عاليًا وضغوطًا سياسية لتحقيق ذلك.
حينها، حاولت السعودية الدفع بهذا الاتجاه، بشأن ما كان يحدث في مدينة حلب من جرائم دولية، مطالبة بـ”تدخل فوري لإيقاف المجزرة التاريخية بدلًا من الشجب والإدانة”، إلا أن هذه الجهود كانت دون جدوى.
المصدر: عنب بلدي