مساعي لإدراج مدينة “تل السلطان” على لائحة اليونسكو للتراث العالمي
تعتبر مدينة أريحا القديمة الواقعة في الضفة الغربية المحتلة او ما يعرف باسم “تل السلطان” من أخفض وأقدم مدينة في العالم وباتت الآن مرشحة على لائحة التراث العالمي.
مدينة تاريخية تعود للعصر الحجري وتمثل تاريخا حضاريا مميزا على مدى عشرة آلاف عام ضمن 29 مرحلة زمنية ابتداء من الفترة الناطوفية حتى الحقبة العثمانية.
ولأهمية هذه المدينة التاريخية وقعت مؤخرا وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية السيدة رُلى معايعة على النسخ النهائية من ملف ترشيح موقع “أريحا القديمة ـ تل السلطان” لإدراجه على لائحة اليونسكو للتراث العالمي بحضور طاقم التراث العالمي في الوزارة.
وسلمت معايعة ومن خلال السفير منير أنسطاس المندوب الدائم لدولة فلسطين في اليونسكو هذا الملف رسمياً لمركز التراث العالمي في 26 كانون ثاني/ يناير الماضي وذلك لتتم دراسته وإدراج الموقع على قائمة التراث العالمي وفق الإجراءات المعمول بها لدى مركز التراث العالمي في اليونسكو.
وقالت معايعة لـ “عربي21”: “تتمثل الأهمية العالمية الاستثنائية لأريحا القديمة (تل السلطان) كونها أقدم مدينة محصنة في العالم تعود الى العصر الحجري الحديث (8350 ـ 7000 ق.م)”.
وأضافت: “في تلك الفترة كانت المدينة محصنة بسور دفاعي ضخم وبرج دائري وخندق مقطوع في الصخر، ويحتوي البرج على مدخل وبهو مسقوف ودرج داخلي يتكون من 22 درجة يقود إلى قمة البرج (وهو أقدم درج مبني في العالم)”.
وشددت على أن هذه المنشآت تمثل إنجازا معماريا فريدا لا يوجد لها مثيل في العالم خلال تلك الفترة.
وشكرت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية طاقم التراث العالمي في وزارتها والذي قام بإعداد الملف على مدى عام ونصف بالتعاون مع طواقم بلدية أريحا ومندوبية فلسطين الدائمة لدى اليونسكو وطواقم مديرية السياحة والآثار في أريحا، وطواقم الإدارة العامة للشؤون المالية والإدارية ونخبة من الخبراء المحليين والدوليين.
وثمنت دور منظمة اليونسكو الهام في الحفاظ على التراث الفلسطيني وتقديم منحة مالية من خلال صندوق التراث العالمي غطت جزءا هاما من إعداد الدراسات العلمية اللازمة لتحضير الملف.
ومن جهته قال الدكتور أحمد الرجوب، مدير عام التراث العالمي في وزارة السياحة والآثار إنه بعد العمل على مدى أكثر من عام ونصف العام، أنجزت وزارة السياحة والآثار تحضير (ملف أريحا القديمة ـ تل السلطان) للتسجيل على قائمة التراث العالمي، وتم تسليمه رسميا لمركز التراث العالمي في اليونسكو لدراسته وإدراج الموقع على قائمة التراث العالمي وفق الإجراءات المعمول بها لدى مركز التراث العالمي في اليونسكو والذي يستغرق مدة عام ونصف.
وأوضح الرجوب في حديثه لـ “عربي21” أن المهندسة مروة عدوان منسقة الملف ساعدته في إعداد هذا الملف بالإضافة إلى طاقم الإدارة العامة للتراث العالمي في الوزارة وبالتعاون مع طواقم مع بلدية أريحا ونخبة من المختصين الفلسطينيين والخبراء الدوليين.
وأكد على أن صندوق التراث العالمي في اليونسكو وفر مساعدة مالية لتغطية لإعداد الدراسات التاريخية والأثرية التحضيرية اللازمة لهذا الملف.
وأوضح أن تل السلطان يقع في الجزء السفلي من سهل وادي الأردن على بعد 10 كلم إلى الشمال من البحر الميت، و2 كلم شمال مركز مدينة أريحا، ويقع 250م تحت مستوى سطح البحر وبالتالي فأريحا القديمة هي أخفض وأقدم مدينة في العالم تمثل تاريخا حضاريا مميزا على مدى عشرة آلاف عام ضمن 29 مرحلة زمنية ابتداء من الفترة الناطوفية حتى العثمانية.
وقال الرجوب: “تتمثل الأهمية العالمية الاستثنائية لأريحا القديمة (تل السلطان) كونها من أقدم المدن المحصنة في العالم تعود إلى العصر الحجري الحديث (8350 ـ 7000 ق.م)، ففي تلك الفترة كانت المدينة محصنة بسور دفاعي ضخم وبرج دائري (قطره 9م وارتفاعه حوالي 8م)، وخندق مقطوع في الصخر (بعمق 3م، وعرض 8م)، ويحتوي البرج على مدخل وبهو مسقوف ودرج داخلي يتكون من 22 درجة يقود إلى قمة البرج (وهو أقدم درج مبني في العالم)”.
وأضاف: “تمثل هذه المنشآت إنجازا معماريا فريدا لا يوجد لها مثيل في العالم خلال تلك الفترة، حيث تعتبر أريحا القديمة أيضا من أهم مواقع العصر الحجري الحديث في العالم التي تمثل مرحلة الاستقرار البشري وبداية الزراعة وتدجين الحيوان وتصنيع الفخار، وتطور مواد البناء وخاصة استخدام الطوب والجص والفنون، وتطور نمط البناء والذي شهد التحول من بناء البيت الدائري إلى البيت المربع والمستطيل”.
وتابع: “يبدو أن أريحا القديمة كانت مركزا دينيا رئيسا في العالم القديم لعبادة الأسلاف، تم الاستدلال عليها من خلال مجموعة من الجماجم المغطاة بالجص وأحيانا ملونة بالطلاء عثر عليها مدفونة تحت أرضيات المنازل”.
واعتبر الرجوب أن هذه الإنجازات والحضارة في أريحا القديمة تشير إلى تطوير أحد أقدم الأنظمة الاجتماعية والسياسية والإدارية والاقتصادية في العالم تم تبادلها مع المناطق المحيطة من خلال بناء شبكة من العلاقات التجارية مع مناطق العالم القديم خاصة مع مناطق الأناضول، وبلاد ما بين النهرين ومصر القديمة ساعدت في تبادل القيم الثقافية والدينية والتطورات المعمارية ونشرها.
وقال: “في الألفية الثالثة قبل الميلاد، أصبحت أريحا مرة أخرى واحدة من أقوى المدن الكنعانية المحصنة، وفي العصر البرونزي الوسيط (الألف الثاني قبل الميلاد)، تميزت بتحصيناتها الدفاعية المبنية على مراحل متتالية، استمرت حتى عام 1550 قبل الميلاد، عندما دمرتها النيران بشدة أثناء حملات الفراعنة ضد المدن الكنعانية في فلسطين”.
ومن جهتها أكدت الباحثة في التاريخ والآثار نريمان خلة على أهمية تقديم ملف “أريحا القديمة ـ تل السلطان” إلى قائمة التراث العالمي في اليونسكو لدراسته وإدراج الموقع على قائمة التراث العالمي.
وأوضحت خلة في حديثها لـ “عربي21” أنه وفق الإجراءات المعمول بها لدى مركز التراث العالمي في اليونسكو فغن دراسة هذا الملف من قبل اللجنة المكلفة به يستغرق حوالي عام ونصف العام، معربة عن أملها أن يأخذ الموافقة لينضم إلى باقي المواقع الفلسطينية التي سجلت سابقا.
وأكدت أن اللجنة الفلسطينية التي أعدت هذا الملف من طاقم الإدارة العامة للتراث العالمي في وزارة السياحة والآثار وبالتعاون مع طواقم مع بلدية أريحا ونخبة من المختصين الفلسطينيين والخبراء الدوليين عكفوا فترة طويلة وهم يقومون بجمع كل ما يلزم من أجل إنجازه وتسليمه وإعداد الدراسات التاريخية والأثرية التحضيرية اللازمة لهذا الملف.
وأوضحت خلة أهمية اريحا القديمة ـ تل السلطان كتراث إنساني عالمي ظل لسنوات طويلة مركزا للعلم والحضارة وكانت مركزا دينيا رئيسا في العالم القديم لعبادة الأسلاف.
وشددت أنه في هذه المدينة تم تطوير أحد أقدم الأنظمة الاجتماعية والسياسية والإدارية والاقتصادية في العالم، وهي تعتبر أقدم مدينة في التاريخ وموقعها وتاريخها يؤهلها لتكون على رأس هذه القائمة.
وأوضحت خلة أنه ورد ذكر أريحا في العديد من المصادر الأثرية باسم يريحو (مدينة القمر)، أو روحا، وأيضا العطر، وبمعنى الحاكم المشرف على قنوات المياه في المصادر المصرية القديمة، وعرفت كذلك باسم مدينة النخيل في الفترات الكلاسيكية.
وشددت على أن أريحا واحدة من أهم المدن الفلسطينيّة، وذلك بسبب كونها أقدم مدينة على وجه الأرض وتاريخها العريق الذي يعود إلى عشرة آلاف سنة خلت، بالإضافة إلى الحضارات العديدة التي مرّت بها وسكنتها، وخلّفت العديد من آثارها على أراضيها، وطالبت وسائل الإعلام بضرورة تسليط الضوء على هذا الملف من أجل اعتماد تل السلطان على قائمة التراث العالمي.
وأوضحت أن مدينة أريحا هي مدينة سياحية من الطراز الأول فهيا تمتاز بشتائها الدافئ والمعتدل؛ لذلك فهي تعدُّ وجهةً سياحيةً لكثيرٍ من السياح باعتبارها أن مناخها يحتوي على كثيرٍ من المناظر الطبيعية الجميلة، بالإضافة إلى الآثار الدِينية والتاريخية والمنتزهات، والفنادق والمطاعم.
وتقع مدينة أريحا في وسط فلسطين بالقرب من حدودها مع الأردن من الجانب الغربي للبحر الميت ونهر الأردن، وتعتبر المنفذ الرئيسيّ والوحيد لأهالي فلسطين في الضفة الغربيّة والأراضي المحتلّة إلى العالم؛ نظراً لاحتوائها على المعبر المؤدّي من أريحا إلى الأراضي الأردنيّة.
المصدر: عربي 21