عن عمر يناهز 85 عامًا غادرنا بالأمس إلى جوار ربه المكافح المناضل العروبي الأستاذ مروان الخطيب / أبو صفوان، بعد حياة ملؤها الحركة والكفاح في مواجهة الطغيان الأسدي.
وهو الرجل الصلب ابن مدينة حماة البطلة، الذي لم تنحن له هامة، ولاهانت عزيمته يومًا، فكان مثال المثقف والكاتب والمناضل الذي وضع نصب عينيه أن الوطن الصغير سورية مغتصبًا من عصابة آل الأسد ومن قبل الاستبداد الفاشيستي ولابد أن يعمل مع كل الرافضين لهذا الطغيان من أجل تحرير الوطن من رجس الظلم الأسدي. وهو الذي لم يأل جهدًا في أي عمل يراه حقيقيًا وضروريًا، وخاصة وحدة الأمة كل الأمة ليكون الوطن العربي الكبير من يملك مشروعًا عربيًا يمكنه بعزيمة أبنائه ورعاية الله قادرًا على الانتفاض لتحقيق أهدافه، وهو ماهلل له أبو صفوان وانحاز إليه بعد انطلاق ثورات الربيع العربي منذ عقد ونيف من الزمن.
نودع اليوم قامة وطنية عروبية كبرى قل مثيلها، وهو لم يكن يومًا إلا صادقًا عالي الصوت والعمل في وجه الظلم، ولتحقيق العدالة. نتوقف اليوم ونحن في أشد الحزن على رحيل هذه القامة الكبرى، ونستمع إلى البعض ممن عرف أبو صفوان والذين قالوا فيه كلمة حق:
الباحث السيد معقل زهور عدي صديق الراحل وابن مدينة حماة قال فيه: ” وداعا أبا صفوان، لن نلتقي ثانية أيها الشهم الحالم. لن يكون لنا موعد في حماة لنجلس في حديقة المنزل ونضع هموم الوطن على الطاولة.
لن نخرج معًا في شارع أبي الفداء كتفاً إلى كتف حين كنت تقترب من السبعين عامًا.
كنت تقول لي : ليفعلوا بي مايشاؤون فأنا في نهاية العمر.
وداعًا أيها الشيخ الذي زاحم الشباب نشاطًا وحيوية وحماسًا وطنيًا لايشوبه طمع في منصب أو شهرة أو منفعة.
ناضلت حين كان النضال مخاطرة كبرى وتقدمت الصفوف دون حساب.
لم تغيرك السنون، ولا السجون، وما تغير الهدف عندك ولا الطريق.
بالقلم وبالفعل. تقفز من مدينة لمدينة ومن فعالية لأخرى .لاتهدأ ولا تتوقف ولا تتعب كأنك خلقت لأجل الأمة والوطن.
بوجهك البشوش دائمًا، بروحك المرحة كنت تعبر فوق المخاطر وتتركها في حيرة ودهشة.
وداعًا أبا صفوان. كنت أثمن فيك وفاءك لزوجتك المقعدة المريضة.. رعايتك الممزوجة بالمحبة .. انسانيتك وإخلاصك الذي لاينفد ولا ينتهي. لكنها كانت جبلة فيك كما هو حبك وإخلاصك للأمة والوطن.
وداعا أبا صفوان .
رحلت كما رحلت مواكب قبلك من المناضلين الصادقين دون أن ترى الوطن مشرقًا بالحرية.
لكن الفجر آت آت.
لن نلتقي كما تواعدنا مرارًا في حماة، لكننا سنذكرك طويلًا حين نعود.”
أما الكاتب السيد عبد الرحيم خليفة رفيق نضال الراحل وعضو الهيئة الادارية في ملتقى العروبيين السوريين فقال ” برحيل الأخ مروان الخطيب نكون قد خسرنا مناضلًا صلبًا وعنيدًا أفنى عمره في مواجهة الاستبداد، حالمًا بتحقيق الحرية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة، وبنهوض أمة من كبوتها، وتحررها من كل المحتلين والمعتدين والطامعين، وهي تملك كل مقومات الريادة والمجد.
نودع اليوم مناضلًا لم يتوان، ولو للحظة، عن تقديم كل الجهد المطلوب منه تجسيدًا لقناعاته، وفي وقت نحن بأمس الحاجة له ولأمثاله، وما يضاعف من ألم الرحيل أنه أتى بعد خسارة نخبة فذة من أخوة النضال والحلم ودون قدرة لنا حتى على المشاركة في وداعهم.
تغمد الله برحمته الواسعة فقيدنا وعوضنا بأمثاله، وخصاله الطيبة، ونفسه الكريمة، وروحه الوثابة . سنظل أوفياء لما آمن به وعمل لأجله راحلنا، وسنظل نتذكر مواقفه ونبله، ونستذكره مع كل من سبقونا من أخوة الطريق والحلم، نستلهم من سيرتهم الصبر والعزيمة.
وداعًا…الأخ مروان الخطيب وإلى جنان الخلد والنعيم.”.
الاستاذ مروان غازي رفيق كفاح الراحل قال عنه: ” مروان الخطيب أبوصفوان الرجل الهادئ والمتكلم الواثق والمستمع لكل من يحاوره سواء كان موافقًا له أم كان مخالفًا .
عرفته في موقعين حزبيين في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي وفي التنظيم الشعبي الناصري وكان في كلاهما المناضل الصلب المؤمن بوحدة الأمة العربية وبقضاياها وعلى رأسها عروبة فلسطين وتحريرها. كان نموذجًا للكادر التنظيمي من خلال دقة التزامه ووضوحه في كافة الأمور السياسية والتنظيمية وقدرة كبيرة في التعبير عنها سواء بشكل محاضر أو كاتب وكان يشد المستمع أو القارئ لكلامه الذي يحترم فيه المتلقي ويحترم إمكانية الخلاف معه
وعلى الصعيد الاجتماعي كان نموذج لرب الأسرة المخلص والحاضن لأولاده وأحفاده ولواجبه تجاه أسرته الأولى وبره بإخوته وتكبده عناء السفر للاطمئنان عليهم. سيبقى أبو صفوان الإنسان الصديق والأخ والمناضل والمحب للجميع والرمز الوطني بامتياز”.
من جهته فقد قال عنه ابن مدينته حماة السيد حسين محمود ” محزن الحديث عن أخ فارقنا ونحن في غربتنا حتى لم نستطع توديعه؛ هذا حالنا كسوريين يغادر أحبابنا وإخوتنا الواحد تلو الآخر ونحن والوطن بهذه الحالة. أما الحديث عن الأخ والصديق مروان الخطيب أبا صفوان فقد تعرفت على المرحوم في منتصف ثمانينيات القرن الماضي من خلال أحد الأخوة الشباب في جلسة حوارية في منزله، وكان اللقاء الأول لقاء معرفي بالنسبة لي فأنا الشاب المتحمس للفكر القومي الذي أحمله وهو المناضل الناصري الصلب في قناعاته اللين في حواره، إنه من أصحاب الإبتسامة الدائمة حتى عندما يحتدم النقاش كان يبتسم ليس ساخراً وإنما لتهدئة الطرف المحاور واستيعابه. كان ناصرياُ بإمتياز مدافعاً صلباً عن قناعاته ديبلوماسيًا في العلاقات ومحبوب من الجميع رغم الخلافات الفكرية أحياناُ . لم تنل من صلابته كل ضغوط النظام بالملاحقة الأمنية أو بالتضييق عليه في عمله الوظيفي . للأسف لم يتسن لقاءه في سنين الثورة لخروجي الإضطراري الأمني من البلد وتواصلنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي، لقد تبين لي أن هذا الجبل الناصري لم ينل منه كل القمع والقهر الذي يمارسه الإستبداد الأسدي . مهما كتبنا وتحدثنا يبقى أبا صفوان رمزاً من رموز العمل الناصري ليس في حماة الأبية وإنما في سورية العربية . فسلام عليك أخي ابوصفوان حياً وميتاً .. “.
أما رفيق عمر الراحل الأخ أحمد معتوق فقال :” رحم الله شهداء الثورة السورية ورحم أخونا مروان الخطيب أبو صفوان. التقيته بوقت صعب جدًا وكنت أنا متواري عن أنظار الأمن السياسي، فداعاني لبيته فقلت إن عرف الأمن أنني ببيتك سيعتقلوك. قال والله إذا اعتقلت من أجل أصحاب المبادء سأكون من أسعد الناس. ولي الشرف بذلك لم نكن وحدووين عروبيين ناصريين إن لم نفد بعضنا في سبيل حريتنا. وحلف يمين حموي ملؤه الشجاعة، والرجولة بأن أنام عنده مهما كلفه الأمر. وهذا بعض من مواقف أخونا أبو صفوان”.
رحمه الله