تقرر إرجاء القمة الدورية السنوية لجامعة الدول العربية على مستوى القادة والتي كان مقررا انعقادها في 22 مارس بالجزائر، بسبب وباء كوفيد-19، بحسب ما أعلن مسؤول رفيع في الجامعة، لكن مراقبين ألمحوا إلى أن “أسبابا سياسية” قد تكون وراء التأجيل.
وكان من المتوقع أن تستضيف الجزائر القمة العربية في وقت تشهد علاقاتها بجارتها المغرب توترا متصاعدا، و أدى حتى الآن إلى قطع العلاقات بينهما ومنع الجزائر للطائرات المغربية من استغلال مجالها الجوي.
وتعد قضية الصحراء الغربية السبب الرئيس للخلاف الجزائري المغربي، وهو ما قد يكون فجر خلافا داخل اللجنة التحضيرية، بحسب ما يرى مراقبون.
ويرى أستاذ العلوم الدستورية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة بالمغرب، رشيد لزرق، أن “تأجيل القمة العربية هو نتيجة للصراع المغربي الجزائري”.
ويقول لرزق في حديث لموقع قناة الحرة إن التأجيل يفسح المجال لوساطة سعودية، وفي حال لم تنجح هذه الوساطة يمكن أن يسحب احتضان القمة من الجزائر لتكون في السعودية”.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي في تصريحات متلفزة للإعلام الجمعة، إنه “بالتشاور مع دولة الاستضافة وهي الجزائر، كان لديهم تفضيل أيضا (لتأجيل القمة) لأن هذه الفترة تشهد ارتباكاً بسبب وضع كورونا”.
ويستبعد الإعلامي والمحلل الجزائري، حكيم بوغرارة، أن يكون هناك تأجيل للقمة، مضيفا في حديث لموقع قناة الحرة “كل ما في الأمر أن التحضير يحدث في ظل أمور استثنائية بسبب كثرة بؤر التوتر والخلافات العربية، فبؤر التوتر في ليبيا والسودان واليمن وسوريا تجعل من التنسيق صعب خاصة في ظل بروز خلافات عميقة تتطلب وقتا للتقريب فيما بينها”.
أما قضية الصحراء الغربية، يضيف المحلل الجزائري، ليست مطروحة أبدا لأن مواقف الكثير من الدول العربية واضحة.
ولا يستبعد بوغرارة في حديثه للحرة أن تكون الرغبة في دراسة الخلاف الجزائري المغربي من بين الظروف الجيو استراتيجية التي فرضت التحضير للقمة في ظروف استثنائية.
وعقدت القمة السنوية الأخيرة لجامعة الدول العربية على مستوى القادة في مارس 2019 في تونس، وتم إلغاء نسختي 2020 و 2021 بسبب كوفيد-19.
وتنظم القمم العربية دائما على خلفية خلافات مزمنة، بحسب المحلل الجزائري محمد سي لبشير، “والكل يعرف أن خلافات ثلاثة تؤرق العرب الآن و هي مسار التطبيع، الأزمة الليبية و اليمن”.
أما بخصوص قضية الصحراء الغربية، يقول سي لبشير في حديث لموقع قناة الحرة إن “الجزائر تعرف أن العرب مختلفون بشأنها و إدراجها لن يضمن الحد الأدنى مما تبحث عنه الجزائر وهو الحضور العربي الرفيع إلى القمة”.
ونقل موقع le360 المغربي عن مصدر وصفه بالمطلع من القاهرة، أن “اجتماعا وزاريا سيعقد في مارس بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة”، و”خلال هذا الاجتماع، سيتعين على الجزائر أن تقدم قائمة الالتزامات البروتوكولية والإدارية على حد سواء، إذا لم تكن يرغب في رؤية التأجيل إلى أجل غير مسمى يتحول إلى إلغاء القمة أو نقلها إلى دولة أخرى”.
ويضيف الموقع أن “قائمة التزامات هذه القمة تحدد من قبل الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وليس الدولة المضيفة”.
ويؤكد المحلل الجزائري بوغرارة في حديثه لموقع قناة الحرة أن الجامعة العربية، و بالتشاور مع الجزائر مبدئيا، تحدثوا عن فترة ما بعد رمضان لمواصلة المشاورات.
ويتابع المحلل أن “الجزائر تحتضن القمة العربية ليس لغاية أو هدف تنظيمها، بل تعمل على إعطاء دفع لحل الخلافات العربية وإحداث المصالحة وتجاوز الخلافات، وتوفير الدعم للقضية الفلسطينية على وجه الخصوص”.
وفي نهاية أغسطس قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب متهمة إياه بارتكاب “أعمال عدائية”، بينما أعربت المملكة عن أسفها للقرار و”رفض مبرراته الزائفة”. وتشهد علاقات الجارين توترا منذ عقود بسبب ملف الصحراء الغربية.
ويقول لزرق في حديثه للحرة إن “الجزائر باتت طرفا في النزاع مع المغرب و المفروض في من يحتضن القمة العربية أن يكون موحد للشعوب العربية” بحسب تعبيره.
والصحراء الغربية التي يدور حولها نزاع بين المغرب وبوليساريو المدعومة من الجزائر تصنّفها الأمم المتحدة بين “الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي”.
وتقترح الرباط التي تسيطر على حوالى ثمانين بالمئة من أراضي هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة، منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة بوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة تقرّر عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والجبهة في سبتمبر 1991.
المصدر: الحرة. نت