موسكو تستفيد من «التجربة السورية» لتطوير القاذفات الاستراتيجية

رائد جبر

حمل إعلان مسؤول عسكري روسي بارز عن توجه موسكو لتطوير سلاح الطائرات الاستراتيجية الروسية انطلاقاً من «الخبرة المكتسبة في سوريا» إشارة جديدة إلى حجم ونوعية الفوائد العسكرية التي حققتها روسيا بسبب التدخل العسكري في سوريا في خريف عام 2015.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أكثر من مرة عن تطوير مئات الطرازات من الأسلحة والتقنيات العسكرية التي تم تجريبها على الأرض السورية. ووفقاً لتقرير أعد العام الماضي فإن موسكو جربت أكثر من 300 طراز من الصواريخ والمعدات القتالية والأسلحة الثقيلة، وتمكنت بفضل «التجربة السورية» من تطوير أكثر من مائتين منها لتغدو أكثر فاعلية في ظروف الحرب، في حين تراجعت عن إنتاج عشرات الطرازات لأنها أثبتت فشلها «في ظروف الحرب الحقيقية» أو أنها أظهرت قدرات متدنية للغاية.

لكن الأهم على هذا الصعيد، جاء قبل يومين، مع إعلان سيرغي كوبيلاش قائد سلاح الطيران الاستراتيجي الروسي أنه سيتم استخدام الخبرة القتالية في سوريا، في تحديث القاذفات الاستراتيجية الروسية.

ويعد هذا أول إعلان روسي عن تأثير الحرب السورية على تقييم المخزون الضخم من القاذفات الاستراتيجية القادرة على حمل قنابل نووية والطائرات بعيدة المدى المسلحة بأحدث الصواريخ. وقال كوبيلاش في حديث لصحيفة «فوينويه أوبزرينيي» الروسية القريبة من وزارة الدفاع، إنه «بطبيعة الحال، سيتم استخدام أي تجربة متقدمة، بما في ذلك التجربة السورية، وآخر الإنجازات التقنية في التحديث… نطاق المهام التي تم حلها من قبل الطيران بعيد المدى واسع للغاية، لكننا لا نبقى مكتوفي الأيدي… كجزء من التدريب القتالي، يجري العمل باستمرار لتحسين وتطوير التقنيات والطرق الجديدة لاستخدام الطيران الاستراتيجي».

وأضاف أنه «مع مراعاة الفرص المتاحة، سيتم تنفيذ جميع المهام المحددة والمستقبلية بشكل أفضل وأسرع وأكثر دقة».

وفي توضيح لبعض التفاصيل الفنية التي تمت الإفادة منها في التجربة السورية، قال الجنرال الروسي إن «برنامج التحديث الواسع النطاق يتضمن الكثير من الابتكارات المصممة لزيادة القدرة القتالية للطائرات وفاعلية استخدام المجموعات القتالية بشكل عام». وفي هذا الإطار، أشار إلى أنه «سيتم استبدال المعدات والأنظمة بالكامل بأخرى أحدث، مع إضافة أسلحة متطورة ومحركات جديدة، وكل هذا سيسمح بالاستخدام الفعال لمعدات مجربة وموثوق بها للغاية حتى لحظة إدخال جيل جديد على أنظمة الطيران».

وفي سياق حديثه عن برنامج التحديث الطموح، أشار إلى أنه «تلقت مدرسة كراسنودار التجريبية طائرة تدريب جديدة من طراز (DA – 42)، وهي مجهزة بمعدات حديثة وشرح مفصل للمعلومات ستسمح للخريجين بإتقان استخدام المعدات الحديثة بسرعة». ومع البعد المتعلق بتجربة التقنيات والأسلحة على الأرض السورية، لفت كوبيلاش إلى بعد آخر لا يقل أهمية للفوائد التي حصلت عليها روسيا في مجال الطيران الاستراتيجي من التدخل العسكري في سوريا؛ إذ أشار إلى أن توسيع مدرجات الهبوط في قاعدة «حميميم» في اللاذقية (غرب سوريا) ساعد على تنشيط عمل الطيران الاستراتيجي الروسي ليس فقط في الأجواء السورية بل وفي مساحة تمتد إلى كل حوض البحر الأبيض المتوسط. وزاد المسؤول العسكري: «هبوط وتشغيل القاذفات بعيدة المدى من طراز «توبوليف إم 22» في قاعدة «حميميم» الجوية في سوريا أكد معايير مدى وصول هذه الطائرات إلى أهدافها في جميع أنحاء المتوسط» مباشرة من أجواء روسيا.

وكان الطيران الحربي الروسي بعيد المدى يضطر في أوقات سابقة إلى إطلاق رحلاته من قواعد عسكرية تقع في مناطق بعيدة، من أجل الوصول إلى حوض المتوسط، لكن توسيع مدرجات «حميميم» سمح بتسهيل مهمات سلاح الطيران بعيد المدى في منطقة الشرق الأوسط وتقليص نفقاتها كثيراً.

ولفت المسؤول إلى بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع، مشيراً إلى أن «هبوط وتشغيل القاذفات في قاعدة حميميم الجوية يعد حدثاً مهماً له أبعاده الخاصة. أولاً، أتقنت أطقم الطيران بعيد المدى استخدام مطار جديد، وثانياً، شكلت هذه تجربة فريدة من نوعها للتفاعل مع الأسطول الروسي للبحث عن الأجسام البحرية في ظروف حقيقية بدلاً من الاعتماد فقط على التدريبات في حقول للتمارين، وقد تم تأكيد مدى القدرة على الوصول إلى الأهداف بواسطة طائرات (توبوليف إم 22) في البحر المتوسط بأكمله».

ووفقاً لقائد سلاح الطيران فقد «ازدادت كثافة الرحلات مؤخراً بشكل ملحوظ، واتسعت الجغرافيا بشكل كبير ومعظم أفراد الطيران والهندسة في مجال الطيران بعيد المدى في روسيا أصبحت لديهم خبرات قتالية واسعة».

وشدد على أنه «في الوقت الحاضر تحلق طائراتنا أكثر فأكثر… لقد قمنا بمهام إنزال في مطارات دول أجنبية، مثل إندونيسيا وفنزويلا وجنوب أفريقيا ونيكاراغوا، فضلاً عن سوريا. ويعمل الطيران بعيد المدى باستمرار على توسيع مناطق تواجده»، مشيراً إلى «تنفيذ رحلات إلى جنوب الصين واليابان وبحر البلطيق والبحر الأسود وفقاً لخطة التدريبات المشتركة مع القوات المسلحة للدول الأطراف في معاهدة الأمن الجماعي».

على صعيد آخر، أفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية أمس، بأن نائب الوزير سيرغي فيرشينين، أجرى اتصالاً هاتفياً مع غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، تم خلاله تبادل وجهات النظر حول عملية التسوية السورية.

ولفت البيان إلى أنه «تم خلال الاتصال، تبادل مفصل لوجهات النظر حول موضوع دفع العملية السياسية للتسوية، التي ينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، كما تم بحث الوضع الإقليمي العام حول سوريا، وكيفية مناقشة الملف السوري في مجلس الأمن الدولي».

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى