أكثر من عشر سنوات مرت والثورة السورية لازالت تبحث أو تجهد في انتاج ممثلين حقيقيين لها يبادرون إلى مواجهة تحدياتها وينقلونها إلى حالة الفعل الثوري قدما نحو الانتصار.
وإذا كان أكثر المتابعين والمهتمين بالثورة وشؤونها من بعض النخب السورية بات اليوم اميل إلى الإقرار بفشل هذه النخب في إدارة شؤون الثورة في مرحلة انطلاقتها أو في المرحلة اللاحقة والتي تستمر حتى اليوم، وهو ماتم التعبير عنه في تصريحات الكثير من رموز هذا البعض من النخب، فإما وصفتها بالعجز والتخاذل أو بالعطب كما جاء في كتاب السيد برهان غليون “عطب الذات”، أو كما جاء أخيراً في مجموعة مقالات للدكتور مضر الدبس التي نشرها في دورية العربي الجديد والتي نعت فيها النخب السورية بالنخب الكارثية.
إن هذا الإقرار…الإقرار بالعجز والكارثية.. وبالرغم من اقترانه برؤى وتصورات وخطوات عملية للخروج من هذا العجز والعودة إلى دعم الثورة وتفعيلها.. لم يوصلنا وللأسف إلى السبيل الملموس والموضوعي للخروج من هذه الحالة المعطوبة والكارثية بالمعنى الكامل للكلمة.. وكأني بحكم التاريخ يكاد يكون نهائيا بحق هذه النخب.
وفي اعتقادي، أن الفشل في تقديم مخرج عملي لمعالجة هذه الظاهرة “ظاهرة النخب” والتي تنعكس بشكل كارثي على حال الثورة إنما كان أمراً متوقعا وطبيعيا، ذلك لأن جميع هذه الرؤى والتصورات كانت نتاج نفس النهج المعتمد في عملية التقديم المشار إليها.
فإذا رصدنا التجارب الميدانية في هذا المجال من إنشاء تجمعات وتكتلات وإنجاز مؤتمرات والتي جميعها كانت تؤدي الى الفشل الذريع، بالإضافة إلى ما ذهب إليه البعض من اعتماده لسبيل آخر أخذ يعمل عليه…عله يتمكن من تشكيل أطر مختلفة تكون أكثر انسجانا وتناغما للتعبير عن الثورة وأهدافها…حيث عبرت هذه التوجهات عن نفسها من خلال نوافذ إعلامية.. كسوريا الأمل.. وسوريا المستقبل…وسوريتنا.. وغيرها.
إلا أن جميع ذلك أيضا وللأسف الشديد لم يتقدم خطوة واحدة تجاه الهدف المطلوب، وعليه، فإنني اعتقد أنه قد آن الآوان للخروج من هذه الدوامة القاتلة ولابد من اعتماد نهج مختلف وأدوات مختلفة أيضا عما تم اعتماده، وبعد أن ثبت بالدليل القاطع أن هذه النخب قد استنفذت مهمتها التاريخية لأسباب عديدة لا مجال للخوض فيها، وأن فاقد الشيء لا يعطيه فلابد من اعتماد منهج ثوري كمنهج بديل، وذلك بالقطع مع هذا النهج الذي كان من أبرز اعطابه أسلوب العمل الفوقي البراني النخبوي والتوجه نحو القاعدة نحو ميدان الثورة نحو الحراك الثوري الذي لازال يمور بالحركة والنشاط، ولازال يبحث عمن يمثله ويدير شؤونه من نخب حديثة شابة عاصرت الثورة وانغمست في جميع منعرجاتها ومحطاتها ومزالقها ويؤمن ايمانا عقيديا بالثورة واستقلاليتها وحتمية انتصارها وبشعاراتها وبسورية موحدة أرضا وشعبا وحكومة، هذا الحراك الذي بات يعيش اليوم بين مطرقة قوى الأمر الواقع الذي تذكره في كل ثانية تمر عليه من ثوان عمره بممارسات عصابة الأسد وقمعها وتسلطها وفسادها، وبين انتهازية وامتطاء واستثمار وفساد الاخوان المسلمين. فهلا من خطوة في هذا المضمار.