مابرحت تُنتهك حقوق الإنسان السوري منذ أن اعتلى السلطة وسرقها الأسد الأب، وتابعه من بعده الابن الوريث غير الشرعي، ومازال الانتهاك مستمرًا، ويزداد اضطرادًا يومًا إثر يوم. ويبدو أن مسألة الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الانسان وإعلانه المعروف في 10 كانون أول / ديسمبر، بات نافلًا في سورية الغارقة في انتهاكات حقوق الإنسان، وحيث تستمر المقتلة الأسدية، على طول المدى، كمال يتواصل الاعتقال السياسي فصولًا، وتتصاعد سمات وتوصيفات مراكز الاعتقال في سورية لتسمى بالمسالخ البشرية، علاوة على ما صوره قيصر من صور تجاوز عددها ال 50 ألف صورة يندى لها جبين الإنسانية.
لقد فاق عديد المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي خلال عشرية الثورة السورية أكثر من 900 ألف معتقل/ كما تجاوزت أعداد القتلى المدنيين جراء القصف البراميلي الذي مارسه الأسد بطائراته وطائرات روسيا ومليشيات إيران وتوابعها المليون، وتم تدمير البنية التحتية في سورية على يد بشار الأسد ليصل إلى مانسبته 65 بالمئة حسب تقديرات أممية، كما تجاوز عدد المهجرين قسريًا بين نازح داخلي ولا جيء خارجي ال 14 مليون إنسان سوري هربوا من جحيم المحرقة الأسدية. كما بلغت أعداد معوقي الحرب في سورية ماينوف عن 400 ألف إنسان، علاوة على أن تكاليف إعادة الإعمار للبنية التحتية التي هدمها الأسد قد تجاوزت ال 400 مليار دولار. ناهيك عن حالات التفكك الإجتماعي الذي ساهم به العدوان المستمر على أهل سورية من قبل شبيحة الأسد.
كل ذلك وسواه يشير إلى أنه لا وجود لحقوق الإنسان في سورية، بل إن انتهاكها هو السمة الأبرز حيث تنتهك الحالة الإنسانية برمتها، ولا يبدو أن هناك أي قناعة لدى النظام المجرم من أجل الولوج في أي انتقال سياسي حسب القرارات الأممية المركونة على الرف، حيث عُطلت مسارات جنيف، واستعيض عنها برحلة الشتاء والصيف إلى اجتماعات اللجنة الدستورية التي تجاوزت دورات لقاءاتها ال 6 دون أي حركة باتجاه التوافق أو التفاهم، بالاضافة إلى مسار أستانا الأكثر بؤسًا، ولا أمل في هذا النظام لينجز أي عمل يحافظ على حق البشر في حيواتهم، كم أن آخر هم الأسد ومن معه الإنسان المهدور في كل مناحي الحياة لأنه هو من هدره.
ومع استمرار العقوبات المفروضة على النظام ورجالاته الذين ينتهكون حقوق الإنسان، لم يتغير أي شيء في هذه السياسة الممنهجة، رغم أنه وفي آخر خطوات الولايات المتحدة لمجابهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حول العالم، فقد أعلنت عقوبات بحق أفراد وكيانات في ثلاث دول، تشمل سورية وإيران وأوغندا. الانتهاكات تنوعت بين استخدام الأسلحة الكيماوية وصولًا إلى قمع المتظاهرين السلميين والمعارضين السياسيين. حيث يدرك الجميع مافعله النظام في سورية. من هجمات كيماوية وتعذيب وقتل. والعقوبات الأخيرة شملت ضابطين في القوات الجوية التابعة للنظام السوري، وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنهما “مسؤولان عن هجمات بالأسلحة الكيماوية على المدنيين”، بالإضافة إلى “ثلاثة ضباط استخبارات سوريين في أجهزة الأمن والاستخبارات القمعية في سورية”. وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، لها إن “هؤلاء المسؤولين والمؤسسات التي يمثلونها قامت بسجن مئات الآلاف من السوريين الذين تظاهروا بشكل سلمي، إضافة إلى 14 ألف سوري على الأقل قضوا في السجون السورية جراء عمليات التعذيب”. وأضافت أن “قرارات التصنيف اليوم تعد خطوة ضرورية إضافية للتشجيع على محاسبة تجاوزات نظام الأسد ضد شعبه”. وشملت العقوبات على الأفراد في سورية (توفيق محمد خضور) وهو لواء وقائد “الفرقة الجوية 22” التابعة للنظام السوري. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن “خضور أمر الفرقة 30 في قاعدة الضمير الجوية، في 25 فبراير عام 2018، بشن غارات على الغوطة الشرقية حيث أسقطت براميل تحوي متفجرات كيماوية ما تسبب بمقتل مدنيين”.
لكن كل ذلك لم يثن ولن يثن هذا النظام المجرم عن الاستمرار في أفعاله سيئة الذكر، أمام الدعم اللامحدود الذي يحصل عليه، والتغطية من قبل كل من روسيا وايران، والاكتفاء الأميركي والأوروبي بالتصريحات، والعقوبات التي لم تسقط نظامًا سياسيًا على مدى التاريخ البشري.
مع كل ذلك مايزال الشعب السوري المكلوم يحلم بحيوات فيها الكثير من حقوقه الانسانية التي تساويه مع البشر في كل أنحاء العالم، وقد قام بثورته السلمية أواسط آذار/ مارس 2011 من أجل حريته وكرامته المنتهكتين من قبل عصابات الأسد، ومالف لفهم.
والواقع يقول أنه إن لم تتحقق الحرية للناس والحصول على حقوقهم المستباحة، فإن الثورات سوف تستمر، والانتفاضات لن تتوقف في ظل صمت عالمي مطبق، يُترك فيه المجرم طليقًا، يعبث في أرواح البشر، ويزج بمن يخالفه الرأي في غياهب السجون والمعتقلات.
ولسوف يستمر الشعب السوري بثورته القابلة للحياة على طول الطريق مادام القمع وانتهاك الحرمات والحريات والحقوق على قارعة الطريق، بينما يتفرج العالم (المتحضر) على مايجري دون القيام بأي عمل جدي لإنقاذ البشر من الموت الزؤام على يد قوى الطغيان الأسدي، وأدوات القمع وكم الأفواه، والتعدي على حيوات الناس في وضح النهار.
المصدر: إشراق