باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الثاني 2021، وأشارت إلى أن ملايين المشردين قسرياً في سوريا في أمس الحاجة لمقومات البقاء مع صقيع فصل الشتاء.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 25 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر تشرين الثاني 2021، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في تشرين الثاني مقتل 86 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و8 سيدة (أنثى بالغة)، و2 من الكوادر الطبية، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 6 أشخاص بسبب التعذيب. إضافة إلى مجزرتين اثنتين، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 228 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 18 طفلاً و2 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الثاني، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظتي ريف دمشق فحلب.
وبحسب التقرير فقد شهد تشرين الثاني ما لا يقل عن 7 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 2 منها على يد قوات النظام السوري و2 على يد القوات الروسية، و3 على يد جهات أخرى.
جاء في التقرير أن تشرين الثاني شهد استمرار العملية العسكرية التي تشنها قوات الحلف السوري الروسي على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا منذ منتصف العام الجاري 2021 والتي تركزت على منطقة جبل الزاوية ومحيطها وبلدات وقرى ريف إدلب الجنوبي، كما ركزت الضربات الجوية على استهداف تجمعات النازحين في هذه المناطق، وتصاعدت حدة القصف على مدن وبلدات وقرى ريف حلب الغربي. وأضاف أن مدينة نوى بريف محافظة درعا الغربي تعرضت لقصف مدفعي من قبل قوات النظام السوري هو الأول من نوعه في درعا منذ توقيع اتفاق التسوية في المحافظة في أيلول الماضي، وتسبب القصف في مقتل مدنيين. وقال التقرير إن سلاح الجو الروسي واصل هجماته بين الحين والآخر على شمال غرب سوريا، وتركزت الضربات بغالبيتها على مواقع عسكرية للفصائل المسلحة كما رصد التقرير شنَّه غارات على أبنية مداجن لتربية الطيور في ريف إدلب يقطنها نازحون، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين. وبحسب التقرير فقد سجلت مناطق ريف حلب الشمالي عمليات قصف مدفعي من قبل قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام السوري وتركز القصف على مدينة عفرين شمال حلب.
وعلى صعيد التفجيرات، رصد التقرير في تشرين الثاني عدة تفجيرات بعبوات ناسفة في محافظة درعا وفي ريف حلب. كما شهدت مدينة رأس العين بريف الحسكة عدة انفجارات بعبوات ناسفة مجهولة المصدر. وشهدَ تشرين الثاني استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام ومخلفات الذخائر في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، جلها في أرياف حمص وإدلب وحماة. وبلغت حصيلة ضحايا الألغام في تشرين الثاني 16 مدنياً بينهم 7 طفلاً. ورصد التقرير عمليات اغتيال لمدنيين في قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي على يد مسلحين مجهولين الهوية يعتقد أنهم يتبعون لتنظيم داعش. كما سجلنا عمليات اغتيال على يد أشخاص لم نتمكن من تحديد هويتهم في محافظة درعا، إضافة لاستمرار عمليات الاغتيال في مخيم الهول ، حيث وثقنا في تشرين الثاني مقتل 4 مدنياً في مخيم الهول على يد مسلحين لم نتمكن من تحديد هوياتهم، يُعتقد أنهم يتبعون لخلايا تنظيم داعش.
وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع الاقتصادي في تشرين الثاني في عموم مناطق سوريا، وفي مقدمتها المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري، التي ارتفعت فيها أسعار المواد والخدمات الأساسية مجدداً وصل بعضها لضعفي سعرها السابق. وفي شمال غرب سوريا انعكس التدهور الحاد في أسعار صرف الليرة التركية التي يتم التعامل بها في المنطقة على كل مفاصل الحياة. وشهدت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية وأسطوانات الأكسجين؛ مما يفاقم من تردي الأوضاع المعيشية فيها.
على صعيد جائحة كوفيد- 19 سجل التقرير في تشرين الثاني انخفاضاً في تسجيل الإصابات بفيروس كوفيد- 19 في عموم مناطق سوريا مقارنة بسابقه. وقد تم الإعلان رسمياً من قبل وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري عن 4766 حالة إصابة 183 حالة وفاة في شهر تشرين الثاني، وسجلت حالات الإصابات والوفاة بفيروس كورونا المستجد في شمال غرب سوريا في شهر تشرين الثاني حتى الـ 29 منه وفق ما أعلنه نظام الإنذار المبكر EWARN3732 حالة إصابة و396 حالة وفاة مرتبطة بجائحة كوفيد-19، وعن شمال شرق سوريا فإن الإحصائيات الخاصة بفيروس كورونا قد توقفت بسبب عدم توفر المواد اللازمة لإجراء الفحوصات وتوقف المختبر الخاص بذلك عن العمل.
على صعيد اللجوء والنزوح والتشريد القسري قال التقرير إن قوات سوريا الديمقراطية سمحت في تشرين الثاني بخروج دفعتين من قاطني مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي. وفي لبنان قُتل لاجئ وأصيب ثلاثة آخرون بينهم طفلان في مخيم للاجئين السوريين في مدينة بعلبك في 3/ تشرين الثاني. ولفتَ التقرير إلى تفاقم مأساة اللاجئين العالقين على الحدود البيلاروسية البولندية والذين ينحدر معظمهم من سوريا والعراق.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان