الليبيون ينفرون من الأسماء القديمة ويتطلّعون إلى أسماء جديدة ونظيفة

مهى سمارة

إقصاء سيف الإسلام القذافي وخمسة وعشرين اسماً من أصل 98 ترشحوا للانتخابات الرئاسية والاشتراعية الليبية المزمع إجراؤها في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل هو أول الغيث، إذ يتوقع أن تمضي المفوضية العليا للانتخابات والأجهزة القضائية والإدارية في غربلة الأسماء، بعدما اتضح أن العديد من المرشحين مزدوجي الجنسية. كما أن مسؤولين كباراً في الدولة لم يقدموا استقالاتهم من مناصبهم قبل ثلاثة أشهر، كما ينص قانون الانتخاب.

وتعيش ليبيا سجالات وفوضى سياسية، رغم مرور سنة على وقف إطلاق النار وانطلاق المسيرة السلمية. هذه الأجواء أدت إلى تقديم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إيان كوبيتش استقالته. وهو الممثل الثالث الذي يتنحى عن منصبه. وفي تغريدة ودع فيه الليبيين، حذر من تدهور الأوضاع أكثر إذا لم تجر الانتخابات وتقبل النتائج.

لم تعرف ليبيا الاستقرار منذ ثورة شباط (فبراير) 2011. أما حان الأوان للتوجه إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى في تاريخ البلاد، واختيار رئيس ويرلمان منتخبين شعبياً. عند إعلان المملكة في 1951، بويع الملك إدريس من القبائل، وعند إعلان الجمهورية الليبية في 1968، جاء العقيد معمر القذافي بانقلاب للجيش.

الانتخابات ينتظرها الليبيون، مقيمين ومغتربين، بشوق. المجتمع الدولي والإقليمي يؤيد إجراء الانتخابات في موعدها، ذكرى إعلان الدولة الليبية. ويطالب بتسهيلات للانتخابات وتأمين أجواء هادئة لانسحاب القوات الأجنبية الآتية من سوريا وتركيا وروسيا، من شرق وغرب ليبيا، كبادرة حسن نية والبدء التدريجي بالمغادرة، تاركين الليبين وشأنهم يتدبرون أمورهم من دون تدخلات خارجية وزمر مسلحة تتآمر بالخارج.

الليبيون مشرذمون وغير موحدين تاريخياً وحاضراً بين جهويات ثلاث متنازعة وخلافات حول كل شيء، خصوصاً قانون الانتخاب المتهم بعدم مراعاة المساواة والعدالة بين المواطنين، وفُصّل على مقاس أشخاص معينين. أبرز  المعارضين لقانون الانتحاب بالمبدأ هم الإخوان المسلمون الذين يتخوفون من أن تأتي النتائج ضد مصالحهم وتفقدهم النفوذ والمكاسب التي جنوها أيام الفوضى واللادولة.

لكن الإخوان المسلمين لا يشكلون أغلبية الشعب الليبي، بل أقلية تأتمر بأوامر خارجية، تركية وقطرية، تهدد بقوة السلاح بافتعال مشكلات وتوتير الأمن.

الليبيون في معظمهم يتطلعون إلى الانتخابات القادمة كفرصة لبناء دولة موحدة، وقيام جيش وطني موحد يعيد الأمن والاستقرار. الناس سئمت الحرب والفوضى والفلتان، ويتطلعون إلى فتح صفحة جديدة تتوّجها مصالحة وطنية تجمع المناطق الثلاث، تطوي صفحة النزاعات وتقلب الأوضاع الراهنة إلى مرحلة سلام ووئام.

ليبيا بحاجة إلى وجوه جديدة وصورة جديدة لا تعيد الماضي السحيق، خصوصاً أن أيدي بعض الأسماء المتداولة ملطخة بالدم والجرائم. لذلك يتوقع أن تستبعد المفوضية العليا للانتخابات الأسماء المألوفة وصاحبة الأدوار المشبوهة، وتتطلع إلى أسماء جديدة تتحلى بالكفاءة والعلم والنزاهة لبناء دولة حديثة.

وإذا استعرضنا أسماء المرشحين المتداولة، نجد أن الليبيين ضاقوا ذرعاً بعدد كبير منهم، سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر وغيرهم…

بانتظار الكشف عن القائمة الأخيرة للمرشحين، يبرز التداول بأسماء قديمة جديدة، منها فرسان مصراتة الثلاثة، الاقتصادي والإداري أحمد معيتيق، ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وصاحب المال والوجاهة عبد الحميد دبيبة، ورئيس البرلمان وحامي الدستور عقيلة صالح وغيرهم وغيرهم. أكيد أن هناك أسماء جديدة غير ملوثة بالدماء وغير خاضعة لإملاءت الخارج، ووطنية وصادقة ونظيفة، تريد خدمة بلدها وشعبها بعد عقود من الفوضى والعبثية والنزاعات. إن بإجراء الانتخابات في موعدها وتقبل النتائج بسلاسة وهدوء تكون ليبيا قد قطعت الروبيكون وأطلقت مسيرة الثقافي.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى