قام رأس النظام السوري بشار الأسد بإلغاء مقام المفتي العام للجمهورية العربية السورية ، واستبدله بما سمي “المجلس الفقهي العلمي”. وتم إلغاء موقع المفتي في المحافظات السورية .
هذا المقام هو امتداد تاريخي لمقام قاضي الدولة في عهد الخلفاء الراشدين، وقاضي القضاة منذ عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد ، ومن ثم مقام شيخ الإسلام على امتداد تاريخ الخلافة الإسلامية منذ عام 1420 م، منذ عهد السلطان مراد الثاني.
ثم سمي مقام مفتي الشام منذ العام 1882م، وهي كلها مسميات لموقع واحد هو المفتي العام للبلد. واستمر حتى يومنا
هذا مرجعاً دينيا ينهض بمهام الفتوى والبت في المسائل الفقهية والأحكام المتعلقة بقضايا المسلمين وينظم قواعد المحافظة على حقوق جميع أصحاب الديانات من المسيحيين واليهود بشكل عادل وحاسم يضمن حقوقهم على مر التاريخ ، منذ العهدة العمرية في القدس . واستمر يرعى ويفتي فيما يخص المسلمين في قضاياهم بما فيها قوانين الأحوال الشخصية والميراث ، وقوانين ملكية الوقف الإسلامي .
- لقد استبدل رأس النظام السوري مقام الإفتاء بما يسمى “المجلس العلمي الفقهي” برئاسة وزير الأوقاف. ويضم
44 عضواً منهم 11 عضوا عن المسلمين السنة ، و13 عن المرجعيات الشيعية المرتبطة بإيران ، والبقية عن الطوائف السورية من العلويين ’’ النصيرية ،، والدروز ، والإسماعيلية ، والمرشدية، واليزيدية .”
- وللتوضيح وليس للفرز الطائفي الذي لم تعرفه سوريا ، تبلغ نسبة المسلمين السنة في سورية اكثر من 83%
والمسيحيين حوالي 8 %والعلويين حوالي5 %والبقية من بقية الطوائف والإثنيات.
وقد عاشت مكونات المجتمع السوري بكل سلام واطمئنان وتناغم ، تمارس عقائدها وتطبق شرائعها في أحوالها الدينية والدنيوية ،وتلجأ
إلى مراجعها بكل احترام وحرية طيلة فترة الحكم الإسلامي، ومراحل الحكم الملكية والجمهورية الممتدة عبر التاريخ .
ويذكر العالم تصويت البرلمان السوري بأكثريته الساحقة من المسلمين السنة على تسمية فارس
الخوري وزيرا لأوقاف المسلمين في خمسينات القرن الماضي .
- إن إلغاء موقع المفتي لا يقتصر على إسقاط المرجعية الفقهية للمسلمين في سورية فحسب ، بل يتعداه إلى
إحداث تغيير جذري في الثقافة والفكر والفقه من خلال إفساح المجال للغزاة الإيرانيين في زرع المفاهيم ما ينفذ من خلال الجامعات المغلوطة وإفساد العقائد ونشر الفتن وتغيير المناهج ، وتخريب التعليم ، من خلال
والمدارس الإيرانية التي تعم المدن السورية الآن ، ومن خلال إشراك هذه المرجعيات في السلطات الثالث في سورية ، مما يمكنها من المشاركة في البرلمان والقضاء والحكم ، وإحداث تغيير جذري في القوانين والتشريعات ، وقوانين القضاء .
- إن إشراك وسيطرة المرجعيات المرتبطة بإيران في وزارة الأوقاف يعني إشراكها في إدارة واستثمار ونهب
والاستيلاء على أموال وأمالك الأوقاف الإسلامية في سورية ، هذه الأوقاف التي تعتبر ثروة وطنية هائلة تمتد
من عهد الخلفاء حتى اليوم، ويشهد على ذلك وقف الخليفة عمر بن عبد العزيز في منطقة الغوطة الشرقية .
- إن هذا المرسوم لم يكن وليد اليوم بل يأتي ضمن خطة ممنهجة بدأت مع قرار وزير األوقاف السوري المؤرخ
في / 22 /05 /2011 /وتاله القانون 31 لعام 2018 والذي تضمن اعتماد عشرة مرجعيات شيعية مرتبطة
بنظام ولاية الفقيه في ايران كمرجعيات رسمية في سورية وقد تم تحديدها بقرار الوزير وتشمل ” مرجعية
الخامنئي – مرجعية سعيد الحكيم – مرجعية السيستاني – مرجعية صادق الشيرازي – مرجعية فضل الله –
مرجعية كاظم الحائري – مرجعية بشير النجفي – مرجعية محمد تقي المدرسي – مرجعية الوحيد الخراساني .
وللعلم أنه لا توجد طائفة شيعية تمثل نسبة في سوريا على الإطلاق ، ولا يتجاوز عدد الشيعة في سوريا عدة
آلاف يتوزعون في قريتي كفرية والفوعة وفي جنوب البلاد.
- إن هذا المرسوم يمثل المرحلة الأخطر في مراحل الغزو الفارسي في الاستيلاء على سوريا ، التي بدأت بجريمة
التغيير الديموغرافي التي ينفذها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيين ، حيث تم طرد اكثر من 15 مليون سوري
من مدنهم وقراهم ، وقتل اكثر من مليون وتم تغييب أكثر من نصف مليون من السوريين السنة في السجون في
أوضاع تدمي القلوب عبرت صور ضحايا قيصر عن مآسيها الرهيبة. وقام النظام بإصدار التشريعات والقوانين
منذ بداية الثورة وصادر أراضي المهجرين ووزعها على المليشيات الطائفية الغازية
لقد جعل القانون المسلمون في سورية طائفة أقلية ، وهم كانوا على مدى تاريخهم الحامل الوطني وحصن كل السوريين وقلعتهم على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وأعراقهم .
هذه الجريمة التي يرفضها اليوم السوريون
مسلمون ومسيحيون ، وأحرار الطوائف السورية الأخرى وقاعدتهم الشعبية .
- إننا ندق ناقوس الخطر وندعو الشعب السوري كله، والمجلس الإسلامي السوري وكافة رجال الدين داخل سوريا وخارجها ، من المسلمين أحفاد العلماء والوطنيين المشهودلهم، والمسيحيين أحفاد فارس الخوري ،
وأحفاد سلطان األطرش ، وغيرهم من أحرار السوريين الذين صنفهم النظام المجرم كطوائف ، أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية وأمانتهم التاريخية ، وأن يهبوا لإسقاط هذا المرسوم الفتنة ، وأن يصروا على تغيير هذا النظام الوالغ بالجرائم ، والانتقال إلى سوريا الحرة الكريمة لكل أبنائها .
- إننا ندعو قيادات مؤسسات الثورة السورية والائتلاف والحكومة المؤقتة وقيادات الجيش السوري الحر، وندعو
هيئات ومنظمات المجتمع المدني السوري على امتداد العالم أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في إسقاط هذا القانون ومن صنعه .
- إننا نهيب بقادة الدول العربية والاسلامية وشعوبها ومفكريها ، أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الشعب السوري، وأن يوقفوا بشكل قاطع دعوى التطبيع مع هذا النظام المجرم ، وأن يمنعوا عملية تحويل سورية الى ولاية
إيرانية تتبع ولاية الفقيه، ويوقفوا مخططهم الإجرامي في المنطقة العربية، الذي يمزق لبنان والعراق واليمن،
ولكنه في سوريا هو الأخطر لأنه سهم في القلب .
المصدر: سوريتنا